حمد عبد الله اللحيدان

في هذه الأيام تتم إعادة تجديد وتطوير طريق الحرير التاريخي بصورة عصرية تربط أكثر من (65) دولة حول العالم في كل من آسيا وأوروبا وأستراليا وغيرها بطرق بحرية وبرية ضمن مبادرة «الحزام والطريق» الصينية التي أصبحت واقعاً ملموساً يثبت فعاليته وأهميته مع مطلع فجر كل يوم جديد. تهدف تلك المبادرة إلى إحياء طريق الحرير التاريخي حيث يشمل المشروع تنفيذ شبكة من الطرق البحرية والبرية وسكك الحديد وأنابيب النفط والغاز وخطوط الطاقة الكهربائية والإنترنت ومختلف البنى التحتية. يتكون طريق الحرير البري من ثلاثة خطوط رئيسة، الأول: يربط الصين عبر آسيا وروسيا الاتحادية وصولاً إلى أوروبا. والثاني: يبدأ من الصين مروراً بوسط وغرب آسيا ومنطقة الخليج وصولاً إلى البحر المتوسط. والثالث: يمتد أيضاً من الصين إلى دول جنوب وجنوب شرق آسيا. هذا بالإضافة إلى عدد من الممرات البرية التي تربط الصين بالهند وباكستان وبنجلادش.

أما طريق الحرير البحري فإنه يشمل خطين الأول منها: يبدأ من السواحل الصينية مروراً بمضيق ملقة ويمتد إلى الهند والشرق الأوسط وشرق أفريقيا وصولاً إلى سواحل أوروبا. أما الثاني: فإنه يربط الموانئ الصينية بجنوب المحيط الهندي حيث أستراليا ونيوزلندا. والغريب هو أن خريطة طرق الحرير البحرية والبرية الجديدة تشير إلى ءنها لا تمر بالمملكة. وعلى أي حال يهدف هذا المشروع العملاق إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والسياحي بالإضافة إلى تحقيق عدد من التطلعات التي تصب في خانة التنمية المستدامة وتحقيق الأمن والاستقرار للصين والدول التي يعبرها ذلك الطريق. من هذه المنطلقات يتضح أن لذلك المشروع العملاق أهمية كبرى يجب أن لا نغفلها بل يجب أن نستغلها ونستفيد منها أسوة بالدول الأخرى خصوصا أن المشروع مازال قابلاً للتوسع والمرور بدول أخرى تمثل أهمية قصوى لتحقيق أهدافه النبيلة وفي مقدمتها المملكة التي مازالت خارج نطاق ذلك الطريق العملاق مع أن أراضيها كانت الممر الرئيسي لطريق الحرير التاريخي وعليه فإن اقتراح العمل على مرور ذلك الطريق عبر المملكة وصولاً إلى البحر الأحمر بحيث يمتد من الكويت (التي سوف تصبح بموجب الاتفاق الجديد إحدى نقاط ذلك الطريق) عبر المملكة وصولاً إلى ساحل البحر الأحمر في المكان المناسب الذي يمكن أن يشكل نفق أو جسر الملك سلمان المزمع إنشاؤه لربط المملكة بمصر أحد أهم الطرق التي تربط طريق الحرير بساحل المتوسط. ناهيك عن أن ذلك سوف يكون إحدى وسائل جذب الاستثمارات الصينية إلى مشروع نيوم العملاق وكذلك مشروع جزر البحر الأحمر.

إن مثل ذلك الاستثمار سوف تكون له أهمية كبرى بالنسبة لكل من المملكة والصين. فالصين سوف تجد لها معبراً إلى شمال وشرق ووسط وغرب أفريقيا والوصول إلى سواحل البحر المتوسط وصولاً إلى أوروبا أما المملكة فإنها سوف تستفيد من عبور ذلك الطريق لأراضيها اقتصادياً وتجارياً وسياحياً ناهيك أن ذلك يساعد على أمن واستقرار المنطقة من خلال توزيع درء المخاطر وخلق منافسة شريفة بين الدول المتنافسة والمهتمة بالمنطقة بدلاً من الاستهداف الحاصل الذي تعاني منه المنطقة العربية هذه الأيام. ناهيك عن أن مرور طريق الحرير عبر المملكة سوف يساهم في تحقيق رؤية 2030.. والله المستعان.