مضت موسكو أمس في مسارين لحسم ترتيبات الوضع عند الحدود الجنوبية السورية مع الجولان المحتل، فمن جهة ركزت على استكمال النظام السوري سيطرته على تلك المنطقة والبدء بإجلاء معارضي التسوية، ومن الجهة الأخرى على حشد دعم دولي لملف عودة اللاجئين إلى سورية.


وسُجل أمس استنفار لخط الاتصالات بين موسكو وتل أبيب، فركّز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو على البحث في «التسوية السورية»، وفق بيان للكرملين. لكن مكتب نتانياهو أفاد في بيان بأن رئيس الوزراء كرر لبوتين تأكيده أن الدولة العبرية «ستتحرك ضد التموضع العسكري الإيراني في سورية».

بعد ذلك بساعات قليلة، أُعلن أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ناقش في اتصال هاتفي مع نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان «الوضع في جنوب غربي سورية، والتعاون بين الخارجيتين الروسية والإسرائيلية». وأوضح بيان لوزارة الدفاع الروسية: أنه «جرى خلال الحديث بحث مسائل التعامل الروسي - الإسرائيلي عبر قنوات وزارتي الدفاع، كما تم تبادل الآراء حول الوضع في جنوب غربي سورية وغيره من المسائل الملحة للأمن في الشرق الأوسط». من جهة ثانية، أكدت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن الوزيرين «اتفقا على تعميق التنسيق بين عسكري البلدين في سورية، وبحثا الوضع في هضبة الجولان (المحتلة)».

وكان لافتاً أن تلك التحركات جاءت بعد تأكيد السفير الروسي في إيران ليفان جاغاريان أن موسكو «لا تجري أي محادثات مع طهران حول انسحاب قواتها من الأراضي السورية، نظراً إلى أن الحكومة السورية هي المخوّل الوحيد بذلك». وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة «إنترفاكس» الروسية: «كيف يمكننا بحث هذا الأمر؟ فقط حكومة بشار الأسد هي التي تستطيع الحديث في هذه المسألة وحلّها، لا نحن». كما نفى السفير الروسي «ظهور توتر بين موسكو وطهران»، قائلاً: «سأخيّب أمل الذين يزعمون بحدوث توتر في العلاقات بين البلدين، إذ لا يوجد أي توتر». وشدد على سعي بلاده إلى «عدم السماح بوقوع صدام مسلح بين إسرائيل وإيران داخل سورية»، مضيفاً أن «إسرائيل موجودة في شكل أو في آخر داخل سورية، وكذلك إيران، ولا يجوز السماح أبداً بوقوع أي صدام مسلح بينهما».

إلى ذلك، كشفت موسكو أمس أنها أرسلت اقتراحات مفصلة إلى واشنطن في شأن تنظيم مشترك لعودة اللاجئين إلى سورية، بعد اتفاقات توصل إليها الرئيسين الروسي والأميركي دونالد ترامب. وأوضح رئيس المركز الوطني الروسي لإدارة الدفاع الفريق أول ميخائيل ميزينتسيف أن موسكو اقترحت تشكيل مجموعة مشتركة لتمويل إعادة إعمار البنية التحتية السورية، معتبراً أن «الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال قمة هلسنكي تساهم في شكل فاعل في تحقيق تقدم على هذا الصعيد، وبعد أخذها في الاعتبار تم إرسال اقتراحات محددة للجانب الأميركي لتنظيم العمل على إعادة اللاجئين».

وزاد: «حزمة الاقتراحات تنص على وضع خطة مشتركة لإعادة اللاجئين إلى أماكن معيشتهم السابقة، وفي المقام الأول عودة اللاجئين السوريين من لبنان والأردن، وتشكيل مركز روسي - أميركي - أردني على أساس مركز المراقبة في عمان، وتشكيل مجموعات مماثلة في لبنان». وقال: «يبحث الجانب الأميركي حالياً الاقتراحات التي تقدمت بها روسيا... هناك اتصالات بين الجيشين الأميركي والروسي في سورية لتجنب وقوع مواجهات عرضية بينهما هناك، وسيشكل العمل المشترك في ما يتعلق باللاجئين تعاوناً أكبر بينهما».

وأفاد بأن «أكثر من 1,7 مليون لاجئ سيتمكنون من العودة إلى سورية»، موضحاً أن التقديرات الأولية تشير إلى أن 890 ألف لاجئ سيتمكنون من العودة من لبنان في المستقبل القريب، و300 ألف من تركيا، ومئتي ألف من الاتحاد الأوروبي.

وأوضح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للصحافيين، في أعقاب اجتماع مغلق مع ممثلي مجلس الأمن، أن ترامب وبوتين بحثا خلال قمتهما في «التسوية السورية وكيفية عودة اللاجئين إلى منازلهم. وهذا ما نعمل عليه جميعاً الآن». وسارعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، إلى تأكيد استعدادها للتعاون مع روسيا وسورية من أجل حلّ قضايا عودة اللاجئين. وأوضح الناطق باسمها في تصريح من جنيف، أن حوالى 13 ألف لاجئ سوري في دول مجاورة عادوا إلى ديارهم في النصف الأول من العام الحالي، إضافة إلى 750 ألف نازح داخلي عادوا إلى ديارهم في المناطق السورية.