منذ قرابة الشهر اشتهيت أن أسمع الأخبار بعد فتور دام طويلا لم أتتبعها فيه. وإذا بي أرى جيوشا جرارة من المتشائمين كانوا يتصدرون شاشات كافة الفضائيات العربية؛ وجوه متجهمة ومُصفرة، وألسِنة متجففة ومزرقة من كثرة الخوف والتحليل، تَستنكر وتُنذرالقاصي منا والداني بما سيحل بهذه الأمة عما قريب، من كوارث وزلازل سياسية واقتصادية وعسكرية.

كان الشؤم والرعب يعم الأرجاء والأجواء لدرجة "ظنَنْت فيها" أنَّ فلسطين ستُحتل وتُمحى معالمها ويُزال اسمها عن معظم الخرائط! وأن العراق سيصبح بلاد ما بين نهرين من الدماء والفدراليات! وأن اليمن السعيد سيمسي نسخة معاصرة ومعدلة لقصة "البؤساء"! وأن ليبيا ستعود قبائلية يضرب بعضهم رقاب بعض! وأن مصر القاهرة ستبيت مقهورة! وأن دماء براعم الشام ستطغى روائحها على ياسمينها! ولدرجة "ظننت فيها" أن هوليوود ستُسَخِّر كل إمكانياتها وميزانياتها الضخمة لتشويه تاريخنا وسمعتنا! وأنَّ سي.أنْ.أنْ وما كان على طرزها سيكونون من الآن فصاعدا إعلاما موجها يَقلِب الحقائق! وأن الورق الهزيل الأخضر سيتحكم بذهبنا الأسود! وأننا سنرحل عن بَرنا الآمن المبارك لنغرق في بحور الهجرة!وأن رؤوس النخل ستُحصد ليُزرع بدلا منها كياناً غريباًيقوم بريِّ رؤوس الدمار الشامل! وأننا سنترك أيدينا الممدودة لبعض ونلهث أمام عبسة العم سام لنلحس إبهامه المرفوع بوجهنا دائماً أبدا.

أولم يحصل كل هذا!!!؟

إذاً، يا من ترتجفون من وصول رئيس جديد إلى سُدة الرئاسة في أميركا، قولوا لنا ما الجديد؟

لقد ضُرِبنا وأُبْكينا ويُتِّمنا ودُمِّرنا وعُذِّبنا وقُطِّعنا واغتُصِبنا وشُردنا وسُرقنا وقُتلنا وشُوِّهنا، وبالجهلوالغلو زُرِعنا، وبالحدود فُسِخنا وعن أوطاننا سُلِخنا، أشلاء بالجو طُيِّرنا، وبالأرض طولاً وعرضاً مُسِحنا، وإلى المعتقلات جُرجِرنا وعلى قضبانها خُوْزِقنا ولُعِب بأعلانا وأسفلنا! ليأتيني بعدها أحد المنظرين ويقول: الأمة في خطر!.. إذاً ما كل هذا الذي يحدث لنا يا بشر!؟

أذكركم أنه قبل انتخاب الدمية الخامسة والأربعين بسنينعديدة، تَسَمرت أنا وغيري على التلفاز وأمام مواقع التواصل الاجتماعي لنجد آنذاك، جيوشا جرارة أيضا ولكن من المتفائلين بقدوم ابن حسين أوباما حيث انهال علينا هؤلاء بسيل من المبالغات التفاؤلية فواحد يُرينا صورته مع أبيه وهو يساعده في حمل الماء وكأنه في ثياب الإحرام عند بئر زمزم وآخر يُحدثنا عن حسبه ونسبه ولا أدري إن وصل ببحثه للقول بأنه سليل حَمَلَة مفاتيح باب المغاربة المؤدي للأقصى! ثم ليتبين لاحقا وبالأرقام أنه دخل التاريخ بوصفه الرئيس الأميركي الذي قدم أكبر رزمة من المساعدات العسكرية للكيان الصهيوني! ولو سال حبر أجسادنا الممزقة على دفاتر المحاسبة لأسابيع بل لشهور فلن تكفي لكتابة ما فعلوه وكل ما يفعلوه بنا في كل دقيقة من سنوات حكم معظمهم.

لذا أعيد عليكم السؤال من جديد، ما الجديد!؟ أما الحقيقة فهي أننا إن لم نأت نحن بما هو جديد فسيبقى الظلامهو القديم الحاضر في ساحاتنا.