انظار العالم بأسره هذه الأيام تتجه إلى (بيت لحم) في فلسطين، مهد رسولالسلام والمحبة( السيد المسيح) ، حيث يحج اليها آلاف المسيحين ومن مختلف قارات العالم للمشاركة في احتفالات أعياد الميلاد وفي القداس الالهي الذي يقام في كنيسة المهد. بخلاف بقية الانبياء، المسيح لم يوعد اتباعه بشيءفي هذه الدنيا، سلطة أو جاه أو مال وامتيازات . بل المسيح احتقر السلطةوسخر منها. كان يكتفي بالقول لتلاميذه " إذا ارتم الخلاص، احملوا صليبكمواتبعوني "..." لا تَخَافُوا، هَا إنِّي أُبَشِّرُكُم بِفَرَحٍ عَظِيمٍ: وُلِدَ لَكُمُ اليَومَ مُخَلِّصٌ،هُوَ المَسِيحُ الرَّبُّ" (لوقا 2: 10- 11). رغم الرسالة الانسانية و الاهداف اللاسياسية واللادنيوية للمسيح، بقي ملاحقاً من قبل ملوك اليهود ، منذ أن انتشر خبر ولادته كـ"ملك موعود" جاء ليقضي على "مملكة داوود" الظالمة الفاسدة، حتى القوا القبض عليه وصلبوه . في جوابه لبيلاطس ،الحاكمالروماني لمقاطعة "اليهودية" الذي تولى محاكمة المسيح وأصدر الحكمبصلبه تلبية لرغبة اليهود، قال المسيح "مملكتي ليست من هذا العالم" (إنجيل يوحنا 18: 36). 

الفي عام وأكثر مضى على الرسالة الانسانية التي حملها السيد المسيح وبشر بها ، من غير أن يتحقق شيء مما اراده ودعا اليه. فقد أخفقت رسالتهفي تحرير الانسان من ظلم أخيه الانسان . المفارقة، أن اتباع المسيح هم ابرز ضحايا العنف الديني في المنطقة التي ظهر فيها المسيح ومنها انتشرت رسالته الى باقي أنحاء العالم . عذراً من دماء كل الشهداء، الذين قضوا نحبهمدفاعاً عن عقيدتهم المسيحية وتمسكهم بها، ربما كان لخير شعوب المشرق، لوأن المسيح قتل في مذبحة أطفال بيت لحم، التي ارتكبتها ميليشيات الملك اليهودي هيرودس، بغية التخلص من المسيح وهو طفلاً . لقد عانى ومازال يعاني اتباع السيد المسيح في المشرق على أيدي اتباع الديانات الأخرى، تلك التي سبقت المسيحية وتلك التي جاءت بعدها، ناهيك عن الاقتتال الداخلي في الماضي بين المذاهب والتيارات اللاهوتية المسيحية ذاتها ؟.

عذراً، يسوع المسيح. رسالتك ، رسالة السلام والمحبة بين البشر، غدت رسالةمن دم. لا أدري إن كنتَ تعلم بأن طريق الجلجلة(طريق الآلام- درب الصليب)،الذي قادوك عبره الى خشبة الصليب، حيث استشهدتَ عليه فداءً/دفاعاً عنالبشرية، بات ممراً اجبارياً ومصيراً محتوماً لاتباعك في المشرق ؟. خلاصكمن سيف هيرودس كلف ذبح أطفال بيت لحم . لا ندري ، خلاص مسيحيو المشرق، من سيوف الظالمين كم سيكلفهم من الدموع والدماء والارواح !!. قيل : " أنك جئت إلهاً مخلصاً للبشرية". لكن ما من خلاص لمسيحيي المشرق، وقد مضى على مجيئك أكثر من الفي عام. نعم ، الفي عام وأكثر ومسيحيو المشرقغارقون في دمائهم !. صلبوك... قتلوك، مرة واحدة، ببضعة بسامير ، في حينأتباعك يصلبون ويقتلون كل يوم، بالقنابل والمتفجرات والأحزمة الناسفة،ويذبحون كما لو أنهم خراف بين أيدي الجلاد !. صلبوك .. قتلوك .. انبعثتحياً من جديد !. لا ندري هل من انبعاث (قيامة) جديدة لاتباعك ؟ . كنتَ إلهاً،هربت من سيف الجلادين ، كيف لنا ،نحن البشر، الصمود والوقوف في وجهمن هو أكثر توحشاً ودموية من هيرودس؟ . دعوتنا ، لحمل صليبك . صليبك،بات عبئاً ثقيلاً علينا. الفي عام واكثر، ومسيحيو المشرق يرفعون الصلبان ويسجدون لك، فماذا كانت النتيجة؟. القتل والذبح و التهجير القسريوالتشتت في مختلف بقاع وقارات العالم، حتى كاد مهد رسالتك، يخلو منحامليها ومن المؤمنين بها . بشرتنا بأن مملكتك ليست من هذا العالم . لكن منغير أن تقول لنا مملكتك من أي عالم هي، والسبيل اليها، ومتى ستفتح أبوابها للمؤمنين بك !. قيل "بأنك إله المعذبين والمضطهدين والفقراءوالمحرومين والضعفاء والاتقياء". لكن تبين بأنك إله الأقوياء والظالمينوالاثرياء الفاسدين !. عذراً يسوع المسيح ، قد يضطر مسيحيو المشرق يوماًلإلقاء صليبك والتخلي عنك ، ويعودوا ليسجدوا لآلهتهم القديمة الخاصة( آشور ، مردوخ ،عشتار ، تموز ، إنانا ، بعل ، وفينوس ، آتوم و آتون ، وغيرها) ،فهذا خير لهم من أن يعبدوا "إلهاً مهزوماً" من صنع اليهود ؟؟ .

سليمان يوسف يوسف ... باحث سوري مهتم بقضايا الاقليات

[email protected]