لا ألوم السيد ترامب عندما سأل عن موعد رد الولايات المتحدة والعالم الغربي على التهديدات الإرهابية الدينية، قائلا متى؟ لكنغاب عن السيد ترامب أن السؤال الحقيقي والصعب هو كيف؟

لأنه عندما يقول متى، فكأنما هو يقول أعرف من وراء هذا الإرهاب،وأعرف كيف أحاربه، وأنتظر اللحظة المناسبة للقضاء عليه. إنها نظرة الكاوبوي النبيل، الذي لا يقهر، تعود من جديد.

العالم كله يحارب الإرهاب، لا أمريكا وحدها. وجل ما قمنا به، قصف واعتقالات وتصفيات. والنتيجة.. تصعيد أكبر ودمار أعظم. في رأيي ان ما يحارب الإرهاب ليس السجن او تجفيف منابع التمويل، بل معرفة السبب الذي يجعل الموت غاية قصوى. سنقول إن ظلم الغرب هو سبب. وسنقول إن ظلم الأنظمة العربية والإسلامية سبب آخر. لكني أضيف الى كل ذلك جهلنا بغاية الموت والحياة التي بعده في المفهوم الإسلامي.

في المسيحية، واليهودية، وأديان أخرى كثيرة، الجنة هي المحبة الخالصة. الملكوت الأسمى حيث لا حزن ولا سقم أو سأم. هيالرمزية الأبدية لنعيم ما بعد الممات. الإسلام يعطي الجنة بعداحسيا اكثر تجسدا، فالفرح يتحقق بالملذات الملموسة من النساء إلى الخمر والعسل. وهذا ما أعطى جملة من رجال الدين الفرصة لاستغلال الضعفاء بترويج فكرة النعيم الجسدي في السماء. ومن تتح له الفرصة ليقرأ وصف الجنة ونعيمها في كتب المتشددين لا يملك سوى السؤال: لم الصبر على الموت وكل هذا النعيم ينتظرنا منوراءه؟

كتبت من قبل ان الفتاوى المتطرفة خطيرة، لكن ما هو أخطر منها أحاديث الجنة، ووصفها، والمبالغة في هذا الوصف. عندما يكون هناك اختيار بين الموت جوعا او سرقة كسرة خبز، فسأقول إنالسرقة ليست خيارا وحيدا هنا، بل القتل قد يكون افضل أيضا.أولئك الذين يقتلون ويفجرون اليوم، هم لا يطلبون رضى اللهبأفعالهم، ذلك ان هذا الرضى ليس إلا الوسيلة التي لا تقصد لذاتها، ما هو مقصود لذاته هي الجنة، والجنة وحدها، كسرة الخبز،أتت عبر الصلاة أم القتل.

سهل ان تقنع عاطلا عن العمل، مسحوق بالظلم، بسخافة الدنيا. ثمسهل أن تقنعه ببؤس الدنيا. ثم دنس الدنيا. ثم حقارة الألم الفاني أمام النعيم الأبدي الذي لا يفصل عنه سوى الموت.

عندما يتظافر ظلم الدنيا وحرمانها، مع صور الجنة المغالى فيها،يصبح المزيج فتاكا.

محاربة الإرهاب ليست قرارا عسكريا يتخذه السيد ترامب. محاربة الإرهاب تتحقق بالمعرفة، ودراسة الأسباب، عندها سنعرف أين الطريق، وكيف نبدأ، دون إراقة دماء واستعراض عضلات.

 

[email protected]