تيري بطرس

في خطبة جمعة انتشرت حينها واعتقد انه تم ازالتها من اليوتيوب، يشاهد الشيخ محمد حسان وهو خطيب وداعية اسلامي مشهور يدعى الى منابر ومنتديات اسلامية كثيرة، اقول يشاهد وهو يعتلي المنبر ويصرخ طالبا من الله انزال لعناته كلها على الشيعة والنصارى واليهود، واصفا اياهم باسواء العبارات، طالبا بقطع نسلهم وبالموت لهم. حقيقة كان في حينها فديو مؤثر ومثير للاشمئزاز والاستنكار لانه اي الفديو والشيخ تجاوزا كل الحدود في معاداة الاخر، مع ما كان يحمله من الصراخ والبكاء على مصير السنة . بعد سماعي هذه الخطبة والتي بثت من احدى المحطات التلفزيونية ، اردت الكتابة عنها وتحليها ولكن مشاغل الحياة والاهتمامات اليومية تفرض ذاتها عى الانسان وتجعله يختار امور اخرى ويمنحها الاولية. ولكن قبل ايام قرات للكاتبة والاديبة فاطمة ناعوت تعليقا عن ما يقال في الكنائس عن السلام والمحبة، محبة الكل، خطر على بالي ان اكتب هذه المقارنة البسيطة بين ما يقوله الكثير من الائمة والشيوخ ممن يؤمون المؤمنين ويعتلون المنابر في الجوامع والمساجد ويخطبون فيهم  . وخصوصا ان المسألة لم تنحصر في هذا الشيخ بل بشيوخ يعتلون المنابر في جوامع ومساجد كثيرة مشهور، فهاهو امام الحرم المكي يدعوا على الشيعة ويعلن صراحة انها حرب سنة وشيعة، وهاهو الكلباني امام الحرم  السابق وهو يدعوا لنصرة المجاهدين في العراق ويدعوا لنصرهم على اليهود والشيعة والنصارى. اردت الاتيان بامثلة قليلة ولكن يمكن للباحث ان يجد مئات الاشرطة الفديوية المنشور وفيها خطب لا ئمة الجمعة وهم يلعنون ويكفرون ويدعون بالموت وبقطع الذرية عن من يعتقدونهم اعداءهم. هذا عدا عن خطب ودروس وبرامج كثيرة جدا، يقوم فيها المتصدي للشرح والتدريس او الذي تتم المقابلة معه، بتكفير الاخر والدعوة عليه بالموت واللعنة وانقطاع النسل ووصفه كالحيوانات او بارذل الكلام. 

سيأتي من يقول لي انهم لا يمثلون الاسلام، وانا اقرهم بهذا، لان الاسلام اكبر واوسع واكثر تنوعا، من ان يمثله هؤلاء، ولكن المشكلة هي في من يمثل الاسلام، هل هو مفتي مصر في حواره في فعالية شبابية يقارن وجود الاسلام بالدفاع عن نبي الاسلام امام اي تهجم عليه، وان كان من يدافع عن النبي لا يصوم ولا يصلي، فالمهم الدفاع عن النبي، هذا النبي الذي اختاره الله لكي يوصل رسالته، بحاجة للبشر لكي يدافعوا عنه. وهل هو الازهر وما ينشره الازهر بين ملايين الطلبة ينمي امثال هؤلاء الخطباء المشار اليهم اعلاه، سواء في منشوراته او في كتبه الدراسية.

 

سيتهمني البعض بانني كنسي، ولاعترف انني لا اعلم ما هو نوع التهمة وماذا يقصدون بالكنسي، ولكن المعلوم ان الكنيسة هي مكان للعبادة شأنها شان المسجد والكنيست والمندي واي معبد للعبادة لاي ديانة، من الطبيعي ان اي انسان يرى ان دينه صحيح والا لما بقى عليه، ولكن نحن لا نناقس صحة الدين من عدمه، بل صحة الممارسات التي يتم ممارستها باسم الدين والتي يتم التغطية عليها من خلال كتب وايات ومواقف من الدين. وادرك ان البعض سياتيني بامثلة من اوربا كحرق الساحرات او مسألة المورسكيين او حتى ما يدعي بالحرب الصليبية والهنود الحمر، متناسين ان معالجة هذه الامر والفضائع التي حدثت باسم الكنيسة وباسم الايمان فيها، تم ادانتها من قبل ابناء الكنيسة والكنيسة والمؤمنون بعد ذلك، قبل ان تصل الى قراء العربية بكثير، هذا اذا نحن حكمنا على كل ما يقال انه حقيقي في هذا المجال. ولكن الخطاء والاجرام يجب ان لا يبرران باخطاء الاخرين، والا لكان كل المجرمين خارج السجون.

في الكنائس المسيحية، هناك ايضا خطبة او ختام او كلمة الشكر تقال، فالكاهن في كلمته يتكلم عن امور الرعية ويطلب لهم الصحة والسلام ويوجههم لتلافي الاخطاء والخطايا، ولكن الكاهن ملزم بقراءة الختام وهي تختلف من يوم الى اخر ومن قداس الى اخر، ولكنها على العموم تتميز بالطلب من الباري مطالب فردية او عامة وهي مطالب تتعلق بطلب الغفران من الخطايا ولكي لا نطول عليكم اتيناكم بهذه القطعة الصغيرة والتي تقال في ختام صلاة الصباحية في كنيسة المشرق الاشورية، ترجمها من اللغة الادبية لي الاخ الارشمندت عمانوئيل بيتو يوخنا مشكورا 

((ختام صلاة الصبح بحسب طقوس كنيسة المشرق الرسولية

 اهد (او ابعث بمعنى الاهداء المجاني) يا سيدنا والهنا بنعمتك في هذا الصباح: الخلاص للمظلومين، الافراج (بمعنى فك الاسر) للماسورين، الفرج للمتعذبين، الشفاء للمرضى، القرب للمبعدين، الحماية للمقربين، الغفران للخطاة، القبول للتائبين، السمو للصديقين، القوت للمساكين، العثور على المفقودين، العودة للمطرودين، التذكار الصالح والمقبول للمنتقلين (اي: المتوفين)، الرحمة والحنان لكل الخليقة. واصنع معنا ومع الجميع ما يعيننا نحن الضعفاء والمذنبين وما يليق بجلالك، بنعمتك ومراحمك، الان وفي كل اوان الى ابد الآبدين، آمين.)) 

وكما تلاحظون هي عامة وتخص الكل وليست مختصة باتباع دين معين لان الكل ممكن ان تمرض وان تمر بظروف عصيبة. اذا المطلوب هو الوعي بقدسية الانسان، فالانسان حسب المفهوم الايماني للديانات اليهودية والمسيحية والاسلامية، مخلوق من الله، وهو من نسل ادم وحواء، وبالتالي فنحن بني البشر بهذا المفهوم اخوة من بنوة ادم وحواء، والالاهالذي خلقنا كلي القدرة، لا بل ان كلمة منه كن فيكون، تصنع كل ما يريده، فهل هذا الله يمكن ان يخطاء ويطلب من البشر ان يقوموا بتنفيذ ما لا يرضاه. هل حقا ان القتل واللعن والكره والحقد وتشبيه الناس بانهم اولاد القردة والخنازير، هي من صفاة الله الذي من المفترض ان يدرك انهم من نسل ادم وهو الذي نفخ فيه من روحه. باعتقادي ان الله ليس بحاجة لمن يدافع عنه ولا الانبياء وهم على كل يعودون للكل البشرية ومن حق كل من ان يؤمن بهم او لا، ومن حقهم (الله والانبياء) ان يحاسبونا بعد الموت كما قالوا وليس هناك مانع في ذلك، ولكن المانع هو في سرقة هذه الصلاحية التي هي لهم من قبل بعض البشر والقيام بالقتل عوضا عنهم، وكانهم عاجزين عن القيام بواجبهم.

امام انبلاج يوم جديد في تقويمنا السنوي، نتمنى ان نرى السلام يعم العالم، يعم هذه الكرة السابحة في الفضاء والتي حجمها بقدر حجم راس الدبوس في مجرتنا، فكيف سيكون حجمها مقارنة بالكون، وكم سيكون حجم الانسان اذا؟ فلننقذ الانسانية من مرض الكره والحقد، ولنعبر الى صف صانعي السلام والمحبة، المحبة ليست كلمة انثوية او جنسية او تتعلق بالعشق، المحبة هي ذلك الفضاء الواسع الرحب الذي يتسع للجميع