مع بداية العام الجديد، ستظل ملفات الحروب والأزمات معلقة، لحين تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مقاليد الرئاسة بالولايات المتحدة، بعد أسبوعين تقريباً، ليبدأ ممارسة مهامه من البيت الأبيض.. الجميع ينتظر ترامب لكي تتضح الرؤية أمامه، ويعلم الجميع ماذا تنوي الإدارة الأمريكية الجديدة فعله بالعالم، وهل ستواصل دعمها اللا محدود لطفلتها المدللة (إسرائيل)، عكس ما فعله باراك أوباما الذي كثيراً ما أثار حفيظة المسؤولين الإسرائليين نتيجة قراراته المفاجئة وغير المتوقعة التي لم ترق لبني صهيون في كثير من الأحيان، رغم أنه لم يمنح أي مكاسب للفلسطينيين؟

وهل سيكون دعم ترامب هذا على حساب القضية الفلسطينية، والتوسع في بناء المستوطنات لالتهام ما تبقى من أرض فلسطين لصالح اليهود.. أم يحاول ترامب أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه، ويتمكن من إقناع الفلسطينيين والإسرائيليين من الجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل إقامة الدولتين، وينهي صراعاً اقترب من السبعين عاماً دون نهاية.

كما يترقب الجميع، ماذا هو فاعل (ترامب) بنا، وهل سيواصل فرض الهيمنة الأمريكية على دول وحكام المنطقة، ويتبع سياسة (العصا) بدون (الجزرة).. أم سوف يغير من أسلوب سابقيه من الرؤساء ويتعامل مع العرب بمبدأ الاحترام والمصالح المشتركة، خاصة في ظل الملف السوري الذي يزداد دموية مع الوقت، نتيجة الصراع بين الجماعات والفصائل الإرهابية والتكفيرية التي اجتمعت على أرض سوريا بحجة إسقاط الأسد، في حين أنها تستهدف إسقاط الوطن السوري بأكمله للسيطرة عليه والقضاء على المد الشيعي المدعوم من إيران وروسيا وحزب الله، بغض النظر عن تشريد شعب؟

فهل يمكن لترامب التوصل لحل للأزمة السورية، أم أن تواجد روسيا في المشهد سوف يزيد من الأمور تعقيداً، لعدم قدرة أمريكا على لي ذراع روسيا باعتبارها دولة عظمى لا يستهان بها؟

أما عن علاقة الولايات المتحدة بدول الخليج عامة، والمملكة العربية السعودية خاصة، فمن الواضح أن ترامب سوف يعيد صياغتها، رغبة منه في مزيد من التعاون مع المملكة، خاصة وأنه من الداعين لمحاربة الإرهاب في المنطقة والقضاء على هذه الجماعات التكفيرية، التي تخطت حدود العرب وباتت تهدد أوروبا وأمريكا بعمليت إرهابية على طريقة (الذئاب المنفردة)؟

وماذا عن مصر السيسي في هذه المعادلة..؟، هل يمكن لترامب أن يعمق العلاقات مع الدولة المصرية، ويساندها في حربها على الإرهاب، ليحمي استقرارها وبالتالي استقرار طفلة أمريكا المدللة إسرائيل..؟، أم سنراه يدخل لعبة الربيع العربي، ويعادي الدولة المصرية ويساهم في إسقاطها، لتحقيق مخطط التقسيم الذي وضعته إدارة أوباما للقضاء على مقدرات ومكتسبات العالم العربي؟

ورغم أن سقوط مصر من دروب المستحيل في ظل امتلاكها جيش يعد من أقوى عشرة جيوش في العالم، يمكنه حماية الوطن من أي هذيان أمريكي، أو ترهات إخوانية قد تلحق الأذي بمصر من الدول المعادية، والحاضنة للقيادات الإخوانية الهاربة، والتي تستهدف بكل قوة إسقاط الدولة المصرية بالتمويل المالي أو الإرهابي، ليس انتقاماً من الرئيس عبدالفتاح السيسي، بقدر ما هو انتقام من الشعب المصري الذي ساهم في إزاحتهم عن الحكم، وتدمير حلمهم في السلطة الذي استمر على مدار أكثر من ثمانين عاماً، منذ أن وضع سيدهم حسن البنا قواعد تأسيس جماعة الإخوان عام 1928م، دون أن يعلم أو يتوقع، أن الألفية الجديدة، سوف تشهد سقوط أيتامه داخل مقبرة التاريخ.!

كما يترقب العالم، الأسلوب الذي تدير به الإدارة الأمريكية الجديدة ملفات شائكة، مثل الصراع الدموي في العراق،

ومواجهة تنظيم داعش، والصراع الدائر في أفغانستان وباكستان، وغيرها من البؤر الملتهبة في ليبيا واليمن وغيرها.

لا شك أن العالم كله ينتظر تولي ترامب مقاليد السلطة، لأن الجميع يعلم أن أمريكا تدار على الطريقة الصوفية، بمعنى، كما يقولون (كل طريقة ولها شيخ)، وهذا يعني أن الرئيس الذي غادر البيت الأبيض بعد انتهاء ولايته (أوباما)، و الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي، يختلف في تفكيره وأهدافه وأحلامه وتطلعاته وقناعاته، عن خلفه الجمهوري الحالي (ترامب) في كل ما ذكرناه، فلا أحد يعلم أهداف وطموحات الإدارة الأمريكية الجديدة ومدى علاقاتها الخارجية بدول العالم، خاصة وأن أغلب دول العالم تنظر لأمريكا على أنها الشيطان الأكبر الذي يسعى لتدمير الأرض لتحقيق مصالحه، ولو فوق جثث البشرية..!

فهل ينجح ترامب في تغيير الصورة الأمريكية في نظر العالم، وتصبح دولة عادلة تجاه القضايا الخارجية دون تآمر على أو تدمير بلدان..؟، وهل يمكن لترامب أن يقنع العالم أن أمريكا ليست شيطاناً ينشر بذور الشر على وجه البسطية..؟ أم سوف يستمر في سياسة أمريكا ويرفض التحليق بأجنحة الملائكة باعتبارها لا يمكن أن ترفرف وهي على جسد شيطان..؟!!

 

كاتب صحفي

[email protected]