كانت المملكة العربية السعودية بلادنا الحبيبة تهنأ بمجتمع واعي يعيش كغيره من المجتمعات العربية والإسلامية ينمو ويتطور مع تطور العصور حتى جاء عام 1979م هذه السنة المفصلية في المنطقة حيث بدأت موجة فكرية عارمة بدأ فكر الخميني والثورة الإيرانية والتي سميت بالصحوة بل غفوة عن ما يجري في العالم من تطور، غفوة عن الهوية الأصلية لمجتمعنا وهي الوسطية في الدين والفكر، إنها فترة الإستعمار الفكري لمنطقة الخليج العربي والتي توسعت لتصل العالم العربي والإسلامي بل أصبحت كالوباء الذي انتشر حتى صل دول غربية بعيدة عن المنطقة.

منذ ذلك الزمان بدأ يتكون جيل مختلفاً عن جيل والديه وجيل صناع القرار فشهدنا بعد ذلك تغيير في تعليمنا الذي طمست المرأة في مناهجه، على سبيل المثال لا الحصر، وطمست صورها من الإعلام وتغيرت فيه النظرة للمرأة حتى وضعت في زاوية العار والعيب والحرام، واصبح الأطفال يتلقون دروساً دينية في حصص العلوم والتاريخ والجغرافيا ودس السم في العسل، وكثفت المحاضرات الدينية واستغلت العقول الطرية لافكار ومفاهيم بإسم الدين لإقناع العامة والشارع بها ويكون لها هيبة الدين وقداسته، وركز الإستعمار الفكري على التعليم خاصة وعلى الشباب والأطفال لأن المستعمر يعلم أنهم الشريحة العظمى في مجتمعات الخليج العربي وهم الاكثر عاطفة واندفاع ومن السهل تغيير افكارهم وتطويع عقولهم.

حتى اصبحت الأسرة الواحدة في البيت الواحد منقسمة فكرياً بين فكر الأب وفكر الأم التي تصغره بعشر سنوات والتي أصبحت تربي أبنائها على الأفكار الدينية الدخيلة لأنها في غفوة من الحقيقة والواقع. حتى وصل الحال أن رأينا كيف يقتل الطفل أمه في حادثة مروعة وتسائلنا جميعاً لماذا فعل ذلك؟ أليس لأنه تغذى على فكر التكفير وفكر القتل وهدر الدماء ومحاربة الآخر أياً كان هذا الآخر. رأينا كيف خرج أطفال من بيوتهم آمنين ليذهبوا إلى ساحات الحروب في دول مجاورة ليشاركوا في حروب ليست لهم ولا لبلادهم مصالح فيها بل إنها حروب لجهات مغرضة تغذيهم بأفكار دموية وصور خيالية لجهاد مزعوم،

ولكن بلادنا أعظم وأكبر من أن تستغل ويستغل شبابها ولله الحمد أن مملكتنا تعي كثيراً بما يدور حولها حتى أدركت أن هذا الجيل تسبب في فجوة فكرية بين الأجيال وفجوة بين أفراد المجتمع الواحد وخلقت عزلة بين الرجل والمرأة حتى همش دور المرأة وعطلت عجلة التنمية بحجج واهية وفتاوى يصدرها أناس غير مؤهلين للفتوى. أدركت حكومتنا الرشيدة أدامها الله أن هذه الفجوة من صنع جيل الصحوة ومن صنع جهات خارجية لها أهداف ومصالح ليست شريفة للسيطرة على المنطقة، حتى بدأت موجة الإصلاح ومرحلة التغيير وجاء زمن صنع جيلاً جديداً يرفض التخلف جيلاً واعياً حالماً طموحاً مليئاً بالحياة.

أقف إجلالاً وتقديراً لأميرنا الشاب وولي عهدنا حفظه الله محمد بن سلمان والذي يمثل الشريحة العظمى من الشعب السعودي "فئة الشباب"عندما صرح في مقابلة أجراها الصحافي ديفيد أغناتيوس، عبر صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في 18/ابريل 2017م ( إن السماء هي الحد لطموحات السعوديين) وعندما أضاف ( أنا شاب، وسبعون بالمئة من السعوديين من فئة الشباب، ونحن لا نريد أن نضيع حياتنا في هذه الدوامة التي كنا فيها طوال 30 عاماً الماضية بسبب التشدد الديني الذي سبب التطرف والإرهاب، نحن نريد أن ننهي هذه الحقبة الآن ويريد أغلب السعوديين الإستمتاع بالسنوات القادمة والتركيز على تطوير مجتمعنا وتطوير أنفسنا كأفراد وأسر، وفي الوقت نفسه الحفاظ على ديننا وتقاليدنا ونحن لن نستمر في العيش في حقبة ما بعد الثورة الخمينية 1979م) أن طموحات المملكة حدودها السماء يالهذا التعبير من أثر على شبابنا وتحفيزهم للعمل قدماً لبناء مجتمع جديد، وهكذا عهدنا بلادنا وهذه هي المملكة العربية السعودية دولة الطموح والنجاح دولة العزم والحزم.

نعم عشنا 30 عاماً من الغفوة الفكرية والغفوة عما يدور من حولنا من حراك عالمي ولكن حكومتنا ادركت هذه الفجوة قبل أن تستفحل ورأينا الشباب يعتلون المناصب العليا وعلى رأسهم ولي عهدنا الذي تبنى التغيير والإصلاح ورأينا كيف نمسي على قرارات إصلاحية ونصبح على تغييرات جذرية وكأن لسان الحال يقول سنعوض ما فات، وبلادنا ستعلوا أكثر وأكثر فمرحبا بحقبة التغيير وحقبة الإصلاح والمستقبل الواعد وإلى الأمام يا مملكتنا الغالية دمتي ودام عزك.

لندن