بقي معظم المعلقين على الشأن اللبناني في المقالتين السابقتين متأرجحاً بين رفض ما قامت به السعودية من خطوات إيجابية على طريق الإصلاح الداخلي. والتركيز على خرق القواعد الدولية المنصوص عليها في إتفاقية فينا على إعتبار أن التعرض لرئيس حكومة دولة (سعد الحريري) ’يعتبر مساسا بسيادتها. وهبت الدول كل منها تريد حماية مواطنه علما بأنه يحمل ثلاث جنسيات ولم يثبت إحتجازه قسرا 
مأخودا بعواطفه هب الشارع اللبناني من الطائفتين من أجل بلده و إستغل السيد حسن نصر الله الفرصة في تهدئة المشاعر وهو المعروف بإشعالها توخيا للحذر من تداعيات الأزمة. كل ما سبق يدعونا إلى وقفة تأمل في ما يحدث للبنان وللمنطقة برمتها وإلى أسباب عدم وجود توازن لدى الشعوب العربية في حكمها على الأمور السياسية وبالتالي إطالة فترة عدم الإستقرار السياسي في المنطقة

الحقائق التاريخية تؤكد أنه وبعد إتفاق الدول الكبرى على تقسيم المنطقة العربية في المعاهدة سيئة السمعة سايكس بيكو.. والتقسيم الفعلي للمنطقة تبعا لمصالح الدول المستعمرة آنداك.. توهمت القيادات العربية بالإستقلال والسيادة بينما حلمت الشعوب العربية بالوحدة، غير مستوعبين لمعنى الحدود الفعلية ولمعنى ومفهوم الدولة؟؟ كان هم الشعوب العربية التخلص من الإستعمار. تحت هدا الفهم آمنت شعوبة بنظرية المؤامرة وأن كل ما يأتي من العالم الغربي يخطط للتآمر عليها لنهب ثرواتها. لم تعي هده الدول بأن هناك أيضا طرق أخرى للتآمر وإستعمار من شكل آخر لتحقيق حلم بالهيمنة الإقليمة. لم يكن هناك فهم عميق لمعنى مفهوم المجتمع الدولي او قرارات المجتمع الدولي.. ورفضنا معا حكاما وشعوبا كل ما ينص عليه المجتمع الدولي. والدي في طريقه الآن للإجماع بخطورة الأحلام الإيرانية في الهيمنة الإقليمية. ما حدث خلال الأسبوعين الحافلين كشف سطحية تفكير المجتمعات العربية. حين لم تنظر إلى الإستقالة سواء كانت قسرية أم طوعية وأنها تتماشى مع الصالح العام. المفروض به رفض الشعوب العربية الهيمنة الغربية. والإستقالة جاءت لترفض الهيمنة الإيرانية ولتؤكد بخلل الإتفاق السابق عام 2016 حول الرئاسة؟؟ وعلية يأتي السؤال الأول لمادا قرر الحريري آنذاك هذا التحالف؟ وهل كان هناك مصلحة شخصية لدخولة في تحالف مع حزب يعلم ’مسبقا ومن خلال تصريحات قائده بانه يعمل لصالح دولة خارجية؟ أم أنه كان يحلم بترويض هذا الحزب والعمل لصالح لبنان إقتصاديا وحمايته عسكريا من الصواريخ الإسرائيلية مستقبليا؟
الأمر الثاني الذي لا تستوعبه الذهنية العربية.. معنى ومفهوم السيادة والإستقلال.. وهما المرتبطان بإقتصاد الدولة والمرتبط كليا بالموارد.. والحقيقة تؤكد بأن لا لبنان ولا أي من الدول العربية المحدودة الموارد تريد العيش وفقا لمواردها..تطلعات الإنسان العربي خرجت عن سقف هده الموارد وأصبح ومن خلال الشاشات الفضية يتطلع لرفاهية من هم في السلطة ويتساءل عن حقوقه المهدورة أنسانيا وإقتصاديا. والنتيجة إما الهجرة والهروب إن سنحت له الفرصة. وإما طلب الإصلاح والتغيير.. وإما السكوت. بينما يغلي الدم في عروقه؟ ولبنان كأحد الدول العربية يعيش أغلبية مواطنية فوق مستوى قدرة الحكومة على توفير أساسيات الحياة الكريمة حتى وقبل الفساد المستشري. وهناك ما يفوق على 300 ألف عامل ما بين السعودية ودول الخليج الأخرى مهددين بحقيقة التهديد الإيراني على منطقة الخليج كلها؟ 
وهنا تبرز حقيقة واقعية أن سيادة الدول مرتبطة بإستقلالها الإقتصادي؟ و يبرز سؤال آخر هل إيران على إستعداد لتوفير وظائف لهذه الأعداد بينما ’يعاني مواطنها من الأزمة الإقتصادية الكبيرة التي يمر بها نظرا لأطماع حكومته وتركيزها على بناء قوة نووية بدل توجيه اموالها لترسيخ العدالة في توزيع الثروات والقضاء على الفقر؟ 
خطاب التهدئة الدي وجهه السيد نصر الله للبنانيين.. لم يكن الا لتغطية قلقة من إعتداء إسرائيلي على لبنان؟ بينما وجوده في السلطة وتفوق قدرته العسكرية الممولة من إيران، هي ما يجر لبنان إلى مواجهة صريحة مع الكيان الإسرائيلي، إستباقا وتحجيما لأهداف إيران الواضحة تجاهه. وإن كانت لا تزيد عن مجرد قرقعة صوتية لإستقطاب تعاطف الشعوب العربية.. 
الإستقالة حصلت. إغتيالة فعليا أتمنى أن لا يحصل.. أما سياسيا.. فحزب الله فعلها خلال السنة والنصف التي بقي فيها الحريري رئيسا للوزراء. والخيار له وللبنانيين أنفسهم ما بين خطر الهيمنة الإيرانية التي ستعرضهم عاجلآ / آجلآ لصواريخ إسرائيل والدخول في حرب بالوكالة عن إيران. أو البقاء في حدود عربية آمنه. وإن كانت لا تزال ’مسيجة.. وتسعى لحل سلمي مع إسرائيل يحفظ ماء الوجه.. ولكن وفي ظل تعنت حزب الله فإن لبنان والمنطقة العربية كلها ستبقى مهددة بالعواصف على كل الجبهات؟
السؤال الأبرز الآن..هل سيمر الحريري على القاهرة غدا ليشترك في المؤتمر الطاريء ليكون أحد الإثباتات لإختراق إيران ووجودها الفعلي في الدول العربية الأخرى ممثلة بالحزب؟