مهما كنا على خلاف سياسي وايديولوجي مع الزعيمين "نوري المالكي"و"مسعودب ارزاني" ونكره اسلوبهما في الحكم ، فانهما يتمتعان بنفوذ سياسي وعسكري واسع ولديهما انصار كثيرون لايمكن انكار هذه الحقيقة ولا نستطيع ان ننكر ايضا دورهما المؤثر في الاحداث الجارية في العراق والمنطقة ، المالكي يمتلك سلطة وحزب وكتلة برلمانية قوية واموال طائلة بالمليارات الدولارات جمعها خلال ولايتي حكمه وكلنا نتذكر انه عندما ازيح عن منصبه في رئاسة الحكومة سلم لخلفه "حيدر العبادي" خزينة الدولة خاوية لايوجد فيها فلس واحد! بحسب كلام "العبادي" نفسه ، يقال والعهدة على وسائل الاعلام المتعددة التي لم يعد شيء خافيا عنها في عصر التقنيات الاعلامية المتطورة ان مجموع ماتم نهبه في فترة حكم المالكي بلغ 900 مليار دولار ، والعجيب ان "العبادي" عندما تولى الحكم بهدف اصلاح الاحوال وارساء العدل واشاعة السلام ومكافحة الفساد والمفسدين واقامة دولة القانون الحقيقية وليس دولة القانون اياها التي دمرت العراق وجعلته من افقر الدول واوحشها وافسدها واخطرها على حياة الانسان ، وبدل ان يقوم بمحاكمة الفاسدين ويقتص منهم ، راح يسير على نفس نهجهم الخاطيء ويستكمل سياساتهم الطائفية ولم يقدم اي بادرة لانهاء الخلاف مع السنة والكرد ، بل صعد من حدة التوتر مع عشائر السنة وزعماءهم السياسيين وعلى رأسهم "اسامةالنجيفي"رئيس قائمة المتحدون ولم ينجز اي مطلب من مطالبهم التي رفعوها لحكومة المالكي والتي بسببها طوردوا وزجوا في السجون ، كما ازّم الموقف مع الاكراد اكثر وشدد على الحصار المفروض عليهم وقلل من نفوذ حزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه (مسعودبارزاني) في بغداد واحال رئيس اركان الجيش بابكر زيباري المحسوب على هذا الحزب على التقاعد ولم يبدِ اي اعتراض على ازاحة البرلمان العراقي ل(هوشيار زيباري) وفعل كل ما بوسعه لتضيق الخناق على هذا الحزب الذي يهيمن على السلطة في اجزاء كبيرة ومهمة في الاقليم استراتيجيا واقتصاديا ، الامر الذي دعا"بارزاني"في النهاية الى المطالبة بالانفصال عن العراق و اقامة دولة كردية مستقلة .

هذه السلبية الواضحة في سياسة العبادي وعجزه عن اتخاذ اي خطوة حقيقية وجريئة لحل مشاكل الحكومة مع الاقليم وسيره تماما على هدي حزب الدعوة الذي ينتمي اليه ، يدفعنا الى القول ان " المالكي" مازال يحكم العراق بشحمه ولحمه وان كان وراء الستار ، رغم الخلافات الظاهرية بين الرجلين ، ولكن ماذا يستطيع"المالكي" وان كان هو الحاكم االفعلي للعراق ان يفعله امام رجل قوي ، صاحب خبرة سياسية طويلة ومريرة مع الحكومات العراقية المتعاقبة ورجالا تها وخاض حروبا طويلة معها مثل (مسعودبارزاني) الذي يملك السلطة السياسية والاقتصادية في اقليم معترف به دوليا ودستوريا ويقود جيشا قويا (البيشمركة) ومؤيد من قبل قطاع كبير من الشعب ، مهما امتلكت بغداد من منعة وقوة فلن تستطيع ان تقوم بشيء يذكر ضده ولا ضد حزبه ، قد تضعفه ولكن لن تقضي عليه والتاريخ شاهد على ذلك ، ربما تفرض عليه حصارا اقتصاديا شديدا كما هو الحال اليوم ولكن لن يتأثر به كثيرا والتأثير الكبير يقع على الشعب الكردي وهو المتضرر الاول والاخير ..

قد ينجح المالكي في تكريس الاغلبية السياسية عقب الانتخابات القادمة بتحالفهمع الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة كوران (التغيير)الكردية و لكن لن يستطيع ابدا تجاهل دور حزب بارزاني في المعادلة السياسية العراقية ، وقد يتوجه هو الاخر الى عقد تحالف سياسي مع اطراف كردية وعراقية قبل الدخول في الانتخابات العراقية القادمة وقد يحرك نشاطه الدبلوماسي باتجاه حزب طالباني ويحول دون قيامه بالتحالف مع ائتلاف دولة القانون و "يفركش" خطة "المالكي" في آخر لحظة ويقلب عليه الطاولة ، كل شيء وارد في العمل السياسي مادام يخضع لعملية الربح والخسارة والمصالح المتبادلة!.. لدى حزب "بارزاني"اوراق كثيرة ليلعب عليها فلا تستهينوا بقدراته!.