السياسات التي ينتهجها الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني ستؤدي بالتجربة الديمقراطية في إقليم كردستان الى التهلكة.. ففي وقت يئن فيه الشعب الكردي عموما تحت وطأة الجوع والحرمان وإنعدام وسائل الحياة الضرورية، يرفض بارزاني تسليم نفطه الى بغداد مقابل تسلم حصة كردستان من ميزانية الدولة وإنهاء الحصار الإقتصادي والأزمة المعيشية التي تعصف بمواطني كردستان.. وكذا سياسة الإستقلال الإقتصادي التي يتمسك بها حزب بارزاني والتي أثبتت فشلها الذريع حيث كانت تداعياتها أن رزحت حكومة الإقليم تحت وطأة ديون داخلية وخارجية فاقت أكثر من عشرين مليار دولار، وما تبعها من رهن ثروات كردستان النفطية بيد تركيا لخمسين عاما القادمة وفق إتفاق ثنائي لايعرف أحد مضمونه سوى آل بارزان.

وكأن كل هذه السياسات الخاطئة لم تكف، حتى يخرج علينا حزب بارزاني مؤخرا بقرار يدعو الى مقاطعة الإنتخابات العراقية، ليدق بذلك آخر مسمار بنعش العلاقات بين قيادة الإقليم وبين حكومة المركز..الغريب أن بارزاني الذي يروج مرارا لنواياه بتأسيس الدولة الكردية ويلوح للجميع بأن هذه الدولة ستتشكل على يديه، يسعى من خلال مقاطعة الحكومة العراقية الى خلق عدو جديد لشعبه..فالعراق بدستوره الحالي هو البلد الوحيد الذي نحتاج اليه في الشدائد، فجغرافيتنا محكومة بأعداء تاريخيين يعادون الى حد العظم نشوء أي كيان سياسي مستقل للشعب الكردي، فإيران وتركيا والنظام السوري لم يخفوا للحظة عدائهم المستحكم ضد أية تطلعات كردية نحو الإستقلال، والبلد الوحيد الذي أقر حقوقا دستورية ثابتة للشعب الكردي هو العراق الذي يريد بارزاني أن يحوله الى عدو دون أي وجه حق..هذا العراق الجديد الذي ساهم الكرد في بنائه بعد سقوط النظام الفاشي، أٌقر دستوره حقوقا ثابتة للشعب الكردي وجعله شريكا في الحكم، ومن الغريب أن تكون هناك جهة تسعى لمجرد إستغلال ثروات الشعب الكردي الى تحويله لعدو ينضم الى أعداء الكرد التاريخيين، والأغرب من ذلك هو إزدواجية مواقف حزب بارزاني من التعامل مع القوى العراقية.. ففي الوقت الذي يعادي بارزاني نوري المالكي وحزبه، لايتردد بمد يده نحو عمار الحكيم ومجلسه الإسلامي الأعلى!. وفي حين يعادي الشيعة ويتهم حشده الشعبي بالتآمر عليه، يصافح القوى السنية التي لمعظمها سوابق بعثية. وفي حين يعلن جهارا أنه إذا عاد المالكي الى الحكم في العراق فإنه سيمضي بتأسيس دولته المزعومة،يسعى حاليا مع الحكيم ومجلسه وبالتعاون مع أياد علاوي والتيار الصدري وحيدر العبادي الى تشكيل جبهة مناهضة للمالكي وحزبه وحلفائه؟. فلو كان بارزاني جادا في تأسيس دولته فمن الأجدر به أن يسعى لضمان فوز المالكي بحكم العراق حتى يبرر لنفسه تأسيس دولته المنتظرة، لا أن يتحالف مع العبادي والحكيم وغيره لمنع المالكي من الوصول الى السلطة.

هذه الألاعيب المقززة من حزب بارزاني خبرناها كثيرا في كردستان وإكتوينا بنيران هذه السياسات المزدوجة والخطابات الإعلامية الفارغة. ففي حين يعلن بارزاني رغبته بتأسيس الدولة الكردية لايتوانى عن تعطيل البرلمان وهو الجهة الوحيدة التي بيدها إعلان قرار الإستقلال. وفي الشهر الماضي أعلن بارزاني إستعداده للتخلي عن رئاسة الإقليم، لكنه تراجع اليوم بعد أن أبلغ نيجيرفان بارزاني وفد الإتحاد الوطني أن مسعود بارزاني باق في منصبه ولن يتركه لأحد.هذه الإزدواجية لاتعني سوى أن كل خطابات بارزاني هي للإستهلاك الحزبي لاغير، ولانعدم أن يعود بعد فترة ليقول أنه تحت ضغط أمريكا وإيران رضخ للقبول بعودة المالكي الى الحكم على قاعدة أن السياسة هي فن الممكنات، وبذلك تذهب جميع وعود بارزاني بتأسيس الدولة أدراج الرياح..

فهل هذا ما يستحقه الشعب الكردي بعد كل هذه التضحيات، سؤال موجه الى قادة وأنصار هذا الحزب؟.