عندما تكون الرؤية واضحة، والهدف محددا، عندها يمكن تحقيقه وكذلك التحقق من النجاح او الاخفاق، لكن حين تكون الرؤية ملتبسة، عندها نخطئ الهدف وعلى الاغلب تذهب كل جهودنا سدى، هذا ان لم تصب في مصلحة خصومنا.. على هذا القياس علينا ان نحدد الهدف من التعامل مع قضية مفوضية الانتخابات الحالية في العراق. فاذا كان الهدف هو استهداف المفوضية (بغض النظر عن الاسباب) فإننا قد نتمكن من تغييرها، لكننا لن نستطيع ان نضمن اجراء انتخابات نزيهة مهما كانت درجة نزاهة المفوضين. 

أما اذا كان هدفنا هو اجراء انتخابات نزيهة حقا، فإن المشكلة اكثر تعقيدا، وعلينا ان ندعو ونعمل على اصلاح مجمل العملية الانتخابية، بكل مراحلها وادواتها. لكي نضمن انتخابات نزيهة علينا ان نشخص ونعالج جميع مواقع الخلل في كل ادوات ومراحل العملية الانتخابية، فعليه نحتاج الى خطة متعددة الجوانب تؤدي الى عملية اصلاح العملية الانتخابية برمتها، بحيث تتمكن من معالجة جميع مواقع الخلل في كل المراحل واراها من وجهة نظري المتواضعة كالتالي:- 

١- سجل الناخبين: طالما ظل سجل الناخبين على حاله، فإن الاحزاب المتنفذة سوف تستطيع ان تضع اصوات الاموات في الصناديق وفقا (لنظرية الوفاء الثوري) التي قال بها عادل امام في مسرحيته الزعيم عندما طلب وضع اصوات الاموات في الصناديق لصالح الزعيم. لذا علينا ان نجد الآليات المناسبة لتطهير سجل الناخبين، لكي يتحقق مبدأ الانتخابات الذي ينص على (صوت واحد لشخص واحد).. والحال الآن في العراق هو ان هناك من يصوت لعدة مرات.

٢- عملية الاقتراع: التي تسمح باجراء تزويرات هائلة، فعلينا ان نجد الآليات التقنية التي تمنع التصويت لعدة مرات، ويجب ان نضمن دقة وفعالية هذه التقنيات وليس اعادة انتاج آليات فاشلة كالبطاقة الالكتروينة التي تم العمل بها في الانتخابات السابقة، والتي صرفت عليها اموال ضخمة ولم تؤدي سوى الى شرعنة التزويرات والسماح للمزورين بالتصويت لمرات متعددة وصلت الى عشرات المرات للفرد الواحد، في محافظات معينة.

٣- التصويت الخاص: وهو ما يسمح بتصويت القوات المسلحة وافراد الاجهزة الامنية قبل الاقتراع العام بيومين، مما يسمح للكثيرين منهم باعادة التصويت يوم الاقتراع العام مع المدنيين.

٤- الحبر البنفسجي: الذي يمكن ازالته بكل سهولة.

٥- قانون الانتخابات: الذي فيه الكثير من مواقع الخلل التي لو تم الطعن بها امام الامحكمة الاتحادية لتم نقضه بوضوح، وان المانع الوحيد امام الطعن به، كان اتفاق الاحزاب على اجراء الانتخابات في موعدها، والقبول بالتزويرات الهائلة التي حصلت فيما بعد. لذا يجب تعديل قانون الانتخابات ال١ي يحتاج حديثا مفصلا ارجو ان اتمكن من الخوض فيه في فرصة اخرى.

٦- واخيرا يأتي تركيبة المفوضية وقانونها: للأمانة يجب ان نقر بأن المفوضية الاولى في العراق كانت الاكثر نزاهة، الى درجة انني حين كنت عضوا في لجنة الخبراء لتشكيل المفوضية الحالية قلت للجميع بمن فيهم الامم المتحدة "اعيدوا المفوضية القديمة التي كانت تضم مجموعة نزيهة مستقلة ومنهم، الدكتور عبدالحسين الهنداوي وصفوت ورشيد وعادل اللامي وآخرين، ونحن نرضى بنتائج الانتخابات.".

٧- عملية العد والفرز واعلان النتائج: التي هي واحدة من اهم مراحل تزوير النتائج، ويجب ان تتضمن خطة اصلاح العملية الانتخابية، هذه المعضلة بحيث، تسير عملية العد والفرز بمنتهى الشفافية، وتعلن نتائج الانتخابات كباقي دول العالم خلال يوم او يومان على ابعد تقدير، فالتأخير في اعلان النتائج يعطي المجال للتلاعب بها.

عندما يتم تحقيق معالجة كل مواقع الخلل السالفة الذكر، وبالاستعانة بخبرائنا النزيهين المبعدين، وبالامم المتحدة والهيئات الدولية العاملة في هذا المجال، آنذاك نستطيع ان نضمن انتخابات نزيهة تكون نتائجها المعلنة تعبيرا حقيقيا عن ارادة الناخب العراقي، اما خلاف ذلك فإن الاكتفاء بأية تغييرات في المفوضية لن ينتج سوى شرعنة اخرى لقيام الاقوياء بتزويرات هائلة تضمن لهم اعادة انتاج نفس نتائج الانتخابات السابقة.. لذا علينا الابتعاد كل هذه التشنجات والعمل على وضع خطة مفصلة نتفق عليها تضمن معالجة جميع مواقع الخلل في مجمل العملية الانتخابية، لكي تنتج الانتخابات المقبلة حتى ولو تأجلت بعض الشئ عن موعدها، خريطة سياسية ونيابية جديدة تعبر بشكل واضح عن ارادة الناخب العراقي الحر، والتي سوف تسهم في معالجة الكثير من الشلل الذي اصاب العملية السياسية برمتها والتي باتت لا تقدم شيئا سوى اعادة انتاج نفس الوجوه ونفس المعادلات البائسة.