كيف لي أن ’أهنؤها بينما تتطاير شرارات العداء لها من كل صوب وحدب ؟ كيف لنا أن نفصل مواضيعها ومعاناتها من هدر حقوقها عما يحدث في المنطقة العربية عموما .. فأوصاف المرأة تتلازم جذريا مع عواصف ما يحدث في المنطقة من عواصف سياسية أنتجت المرأة المهاجرة المشردة في مخيمات البؤس في الدول العربية والمكرمة في الدول الغربية ؟؟؟ عواصف ثقافية أنتجت المرأة الخانعة المقبولة مجتمعيا في المنطقة العربية والمشكوك بها في الدول الغربية لأنها بحجابها ونقابها ’تهدد الأمن والثقافة الغربية ؟؟؟؟ عواصف إقتصادية أنتجت رجال دين يتلاعبون بكل حقوقها و’يطالبونها بإسم الدين بقائها في المنزل لأسباب دينية تلازمت مع ثقافة رسخت لدونيتها .. عورة كما وصفها وأكدها حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين في مجلة الدعوة في رؤيته للمرأة . خروجها من بيتها عبث ومجونيستشرفها الشيطان ؟ زانية إن تعطرت ؟ إلتزامها بحافة الطريق إن أذن لها الولي بالخروج ؟؟؟ كلها إستعملها رجال الدين لتبرير تأمين وظيفة للرجل بينما الهدف الحقيقي نزع إستقلاليتها الإقتصادية لتسهيل طاعتها للرجل ؟ في منطقة عربية كث’رت فيها الموارد المادية بينما شحّت فيها الإنسانية ؟؟؟ كلها ’تمثل تحقيرا صارخا للمرأة في الخطاب الديني عامة .. بينما تدّعي تكريمها ؟؟؟ 

والأدهي كيف لي أن أدافع عن حقها في الكرامة الإنسانية بينما هي التي تتقبل أكبر خرق لحقها في هذه الكرامه حين لا تثور لكرامتها برفض ضرب الرجل لها ؟؟؟ ؟؟ فحسب تقرير التنمية البشرية فإن 90% من نساء الأردن – 67.9% من الجزائريات - 63.9% من المغربيات ثم 39.3% من المصريات ’يبررن لأزواجهن الضرب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ و’يؤمنّ بأنه حق شرعي أعطاه الله سبحانه وتعالى للرجل لتأديبهن ؟؟؟؟ وعلى هذا نقيس بقية الحقوق المسلوبة لهذه المرأة لنقيّم بعدها المجتمع الذي ستنتجه هذه المرأة ؟؟؟ وأثره على الجيل الذي سيتربى من إمرأة بمثل هذا الخنوع ؟؟؟؟؟ 

ونتساءل من هو المسؤول عن مثل هذا التدهور العقلي ؟؟ هل هم رجال الدين أم الدولة أم الدين نفسه ؟؟؟؟؟؟؟ 

لا أستطيع أن أتقبل أن هذه هي نفس المرأة التي رفضت الإمتهان في السابق في نفس المجتمع الذي تربيت فيه والذي ومن خلال قصص وحواديت الجيران والنميمة كنت اعرف الكثير عن نساء يطلبن الطلاق لمدى معاناتهن من الإيذاء الجسدي والنفسي جراء ضرب أزواجهن بينما يستمر القاضي في رفض الطلب تحت مبرر أبغض الحلال إلى الله الطلاق ؟؟؟ ولم يكن الخلع معروفا آنذاك ؟؟ وعليه أتساءل إذا كانت إمرأة الماضي رفضته فكيف تتقبله إمرأة هذا العصر ومن السبب في ذلك ؟؟؟ 

تصاعد الإسلام السياسي متلازما مع ما سماه شيوخ العصر بالصحوة هو أهم أسباب هذا الإمتهان والتخاذل والخنوع. حين ألبسها شيوخ الصحوة الجلباب والنقاب وضعوا جرثومة التطرف تحتهما, وتكاثرت هذه الجرثومة لتسحق أي منطق أو تعقل بحيث ولدت أفكارا أكثر غلوا وأكثر تعصبا وأدت إلى إنقسام تام في المجتمع نفسه بين طبقه تعي معنى الحقوق وإمرأة تسحق معها جيلا كاملآ بالغلو والتطرف !!

واليوم وفي عام 2017 وبينما يحتفل العالم بما أنجزته المرأة من خلال الحقوق التي إستطاعت إكتسابها بكفاحها وثورتها ومن خلال دعم الدولة لها ومن خلال المجتمع الذي إعترف بقيمتها الإنسانية وحقوقها .. تتضح معالم الفجوة التي تفصلنا عن العالم بأكمله طالما إستمر جهل المرأة التي هي مفتاح النهضة لأي مجتمع ؟؟؟ 

هل أهنىء القسم الضئيل من النساء في المجتمعات العربيه اللواتي حقيقة أنجزن حتى على المستوى العالمي . لا أستطيع إنكار ذلك وبالتأكيد أفخر بمثل هذه الشريحة القليلة من المجتمعات ولكن ماذا عن ال 80% الباقية من نساء المنطقة ؟؟؟ ما هي المكتسبات الحقيقية لمثل هذه الشريحة حتى وإن رضين بوضعهن .. ماذا قدمت الدولة لهذه الشريحة التي ’تمثل الأغلبية الصامتة بينما هي الأساس في النهوض المجتمعي ؟؟؟ 

معاناة مثل هذه المراة والتي تمثل الأغلبية, تفطر قلبي لأن حرمانها لأبسط حقوقها في الحماية. جاء من أحب الناس إلى قلبها من عائلتها, ومن المجتمع ومن الدولة.

مثل هذه المرأة تقّض مضجعي وتذكرني بكوني معدومة الحقوق. مسلوبة حقي في العمل وفي مساواتي مع اخي في ميراث أهلي والمسلوبة من عمري وحقوقي المالية حين وفاة زوجي . يستعبدني أهلي ومجتمعي ويدوسون على كرامتي لو حاولت العصيان ؟؟ وتتواطىء الدولة في هذا الحرمان وعدم العدالة ... 

تطالب المرأة الغربية بالمساواة في الأجور. ولكن مطالب المرأة العربية تتعدى الأجر. لتطالب بالعدالة في القانون . كفانا خداعا للنفس ؟؟؟؟؟؟؟؟ فكلنا يعلم بان القوانين, بما فيها قوانين العقوبات والقانون الجنائي ثم قانون الأحوال الشخصية, أكثر ظلما للمرأة من ظلم المجتمع وظلم الأسرة. فظلم الأسرة يتفاوت من أسرة إلى اخرى تبعا لوضعها الإجتماعي والمادي. كلاهما ساهم في ترسيخ طبقية مغروسة في عروقنا إرتبطت بتفاوت هذا الظلم وربما قبوله أو التغطية عليه بين أسرة ثرية وأسرة معدومة. أما ظلم القوانين العقوبات والجنائية, فهو ظلم أفدح لأنه ظلم ’مقننويقتصر تطبيقه على أل 80% ؟ بينما والمفروض أنه قانون ’يطبق على الجميع . المنطقة العربية تعيش أحلك عصورها وتغلي بثورات مختلفه على جميع الأصعدة السياسية والإجتماعية والإقتصادية .. فرغم تشدّق الجميع بأن المرأة حققت مكاسب في هذه الثورات إلا أن الواقع يشير إلى غير ذلك تماما .. بل بالعكس المرأة كانت أكبر خاسر خلال الأربعين سنة الماضية ومن نتائج هذه الثورات ..لأنه وخلال كل هذه السنين وتحت مبرر حماية المجتمعات العربية من تقليد الغرب , ظهرت الكثير من الظواهر السلبية التي إرتبطت بظواهر فكرية ومن خلال منابر الجوامع تحمل عنفا داخليا ضد النساء. أكّدت على سلطة الرجل على أضعف إنسان في المجتمع! 

ولازالت هذه المجتمعات كلها وبدون إستثناء مجتمعات ذكورية بإمتياز .. يحظى فيها الرجل على الحماية المجتمعية والحماية القانونية كلها تحت ستار الحماية الدينية ومبدأ الستر المهيمن على تفكير الرجل الشرقي والذي روّج له فقهاء الظلام ... . 

فلا زال مبدأ الشرف الذي حمّلوه لجسد المرأة يتحكم كليا في مصير هذه المرأة .. قد يختلف التعامل معه من دولة إلى أخرى ولكنه يبقى ’مسلّط على رقبة المرأة سواء بالذبح ام بالزواج من مغتصبها وفي كلتا الحالتين ’تشّرع القوانين لحماية القاتل, والمغتصب .

فمثلا يتشدق الأردن بواجهته الحضارية وبإنفتاحه المشرق على العالم بينما يخفي في قوانينه الظلامية إنعدام المنطق إلى جانب إنعدام العدالة كما في قانون 308 الذي لا ’يحاكم المغتصب ما دام يرضى بالزواج من مغتصبته ؟؟؟؟؟ والذي كثيرا ما يكون هو الهدف من الإغتصاب إكراه الفتاة وإجبار الأهل على قبول زواجه من مغتصبته ؟ أضف إليه المادة 320 المسماة بقتل الشرف, التي ’تبرىء القاتل أو ’تخفف العقوبة بمبرر الحفاظ على الشرف والسمعة والستر ؟؟؟ .. 

المغرب الذي يسعى بل ويتمنى نيل عضوية الإتحاد الأوروبي يوما ما, يتحايل في زواج الصغيرات. فبينما حددت المدونة السن القانونية للزواج ب 18 سنه . تركت ثغرة مفتوحه بان من حق ولي الأمر تزويج صغيرته قبل هذه السن في حال موافقة القاضي ؟؟؟؟ 

مصر .. أم الدنيا .. يرفض السلفيون تحديد سن الزواج .. ويقولونها علنا بحق ولي الأمر في تزويج إبنته ؟؟؟ ولا ’تجرمها الحكومة لإنشغالها بأمور أهم من حقوق الطفلة ؟؟ إضافة إلى رفض الأزهر لفكرة منع الطلاق الشفهي التي طلب الرئيس النظر فيها .. الهدف الأكيد الإبقاء على سلطة الرجل في الطلاق التعسفي ؟؟؟

تونس . والتي كانت اول الدول التي تمتعت فيها المرأة بالحرية والمساواة, في عهد الراحل الحبيب بورقيبة. ما زالت تتارجح في دستورها حول المرأة. فبينما ينص الفصل 46 من الدستور, على إلزام الدولة بإتخاذ كافة التدابير لحماية المرأة من العنف. فالدستور الجديد يحمل في طياته ثغرات قائمة على "" وقرن في بيوتكن """ تحمل مشروعا باطنيا معاديا لخروج النساء إلى الشارع .. 

السودان تنفي وجود تمييز قانوني !! ولكن هذا لن يمحو من الذاكرة قصة الصحفية لبنى الحسين التي تعرضت لعقوبة الجلد قبل سنوات, لمجرد أنها لبست البنطلون . أي تشبهت بالرجال. القصة لا زالت راسخة في الأذها ن وأثارت جدلآ دوليا .. التمييز الطبقي والإجتماعي يظهر واضحا في الحملة المسعورة ضد بائعات الشاي . وهن نساء من الطبقة المعدومة خرجت لكسب لقمة عيش لسد رمق أطفالهن ؟؟؟؟ 

ووفقا للمادة الخامسه من إتفاقية الأمم المتحدة التي تهدف إلى القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة وقّعت عليها الدول العربية. جميعها أبقت على مبررها الوحيد ""بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية"" .. وبما ""لا يتعارض مع الثقافة الخصوصية لهذه الدول"" ؟؟؟؟؟ 

نعم أعود لأقول بأن الدول العربية امام منعطف خطر في التاريخ الإنساني كله .. فهي ليست فقط ’تبدي عوراتها امام العالم كله .. ولكنها تضيف إلى ظلام المنطقة من خلال إنعدام العدالة والحقوق.

نحن بحاجة ماسة إلى ثقافة جديدة تساوي بين الجنسين وتساوي بين المواطنين كلهم بدون تمييز في الجنس أو الدين .. لتأسيس دولة المواطنة .. ولبناء دولة القانون ولتاكيد سيادة القانون 

نحن بحاجه لقانون الزواج المدني وإعطاء الخيار في الزواج الديني. لتتساوى فيه المسلمة والكتابية. لتجريم وتحريم زواج القاصرات . وإنقاذ المرأة المسيحية من زواج إستحالت فيه العشرة !!

نحن بحاجة لتقنين حق الرجل السيادي في الطلاق وإنقاذ المسلمة من الخلع الذي ’يجبرها على التنازل عن كافة حقوقها ؟؟ 

نحن بحاجة إلى صحوة حقيقية لا تتلحف بالدين تستند إلى العقل لدفن أي أيدلوجية ’تحرّض على كراهية وعنف ’مقنن ضد المرأة . لدفن أيديولوجية تتنافى مع مبادىء المحبة والتسامح والتعايش وإحترام حقق المرأه والإنسان ! صحوة تستند إلى حرية في الفكر تقيّم ما وصلنا إليه في قوانينا التمييزية التي لن تساعد مجتمعاتنا على النهوض!!

صحوة تاخذ في الإعتبار أننا لسنا في عالم معزول لنتعلّم كيف ’نفكر بالقضايا التي تقف عقبة في طريق مجتمعاتنا بحرية وبعدل وبأمانة بدون الخوف من أبواق علماء الظلام ولا السياسيين !! نعم العدالة في قوانين المرأة هي أول مفتاح للتغيير .. ثم التعليم والتعليم والتعليم بدون ضوابط دينية !!! 

ولكن يبقى المفتاح الأهم للتغيير الإرادة السياسية .. إرادة الدولة في التغيير .. فمن المستحيل لأي دولة أن تكون صادقة النية بينما لا زالت ترفع شعارات مدنية الدولة ولكن بمرجعيات دينية .. وبما لا ’يخالف الشريعة ؟؟ الإعتراف الصادق بإستقلالية قوانين الأحوال الشخصية كلها بما فيها الميراث عن أي عقيدة دينية وجعل مدنيتها تسري على الجميع بدون تمييز ... والخروج من جملة ثوابت ثقافة الأمة ؟؟؟ فالثابت الوحيد في هذا القرن هو قيم الحرية والمساواة والعدل ..بدونها لن نكون بشر يحترمنا العالم ..؟؟؟