قيل للمارد السحري كيف أكسب قلوب الناس وأُصبح الكلمة المطاعة فأجاب بدون تكلف: أَلبِس أيّ ذكرٍ عباءة التدين وكثف اللحية فهي تجعل الجهلاء يركعون لفتاويك وتبقى مخلدة حتى تبنى عليها افترضيات دينية.
إن مشكلة المجتمعات العربية تشيخ ممن يدّعي التدين ويظن بعضهم أنها دراسة وعلم حين يضع بعد اسمه "دال" في الفتاوى الحديثة مع التطور فيبدأ في بث تخمينات اجتهادية، فإن لم يجد لها دليلا في الكتاب ولا في السنة يبدأ في قياسها وتصنّف فتواه واجبه ! فكيف نصدق هؤلاء الذين دمّروا حياتنا وجعلوا كل شيء في أيام الصحوة حرام لا يجوز حرام حرام .. وما زال النَّاس إلى يومنا هذا يمارسونها بالرغم من عدم وجود دليلٍ واضح، علينا أن نفكّك هذه القيود الدينية المختلقة في وقت حرموا فيه حتى هواتف الكاميرا و"الستالايت " والصور ووجه ولبس المرأة حتى جعلوها بعصمة الرجال، واليوم في العالم الانفتاحي نجد أن كل مخرجاتهم الدينية بطُلت وانتهت صلاحية تفعيلها لنرى أن الهاتف لا يخلو من كاميراً وأصبحوا يتسابقون على التصوير بها وحتى في الستالايت صاورا هم رموز القنوات حتى الغير مصرح بها إعلامياً بحثاً عن الشهرة والمال بهذه الوسائل، والعجب من كل ذلك أنهم أصبحوا يظهرون بها ليجمعوا التبرعات من الناس فعلاً للخير وكأن الدين أساسه التبرع لجميعات خصصتها نفس القناة وريعها يعود إلى أين؟

 المصيبة أن جمع التبرعات لأجل بناء مساجد أم لبناءِ مشاريع وهمية لم تُشاهد على الواقع وماهي إلا خدعة!! نعم عزيزي القارئ تبرع لأخيك المسلم الذي لم يجد مسكناً أفضل من التبرع في بئرٍ لا قاع له وربما يعود إلى الإرهاب أو إلى عملياتٍ مشبوهةٍ ،فكن واعيا يا من تنفق مالك لهذه القنوات عبر داعيةٍ يدعو إلى التبرع الجماعي الخيري وقد يكون فخاً فتجد نفسك أحد ضحاياه.

رصد أحد موظفي البنوك عملية تبرع لأحد البنوك الخارجية من قبل فاعل خير غرره داعية مشهور جداً جداً ويسيح الدين من حديثه وحساباته التي أشعلت شعره عبر قناة تدّعي الدين، فنشر عبر حسابه في المواقع التواصل الاجتماعي: " تبرعوا لإخواننا في سوريا عبر هذا الحساب البنكي فالمال لاقيمة له في الآخرة" وهي عميلة مشبوهةٍ مع أن الدولة منعت التبرعات إلا عبر القنوات الرسمية المصرح بها، فأين تذهب هذه الأموال يا ترى هل هي رصاصة لتعود إلينا بإسم الإرهاب.
إن الدين عند هؤلاء الدعاة هو الإصلاح الذي يبدأ في محو كل الحضارات الثقافية التي تترأسها الوزارات ، وما حدث بمعرض الرياض الدولي للكتاب في قلب السعودية الرياض لهذا العام من ظهور محتسبٍ ينادي باسم الدين ويطالب في محيِ حضارة وفدٍ تحت ضيافة دولته وهو الوفد الماليزي ليقوم هذا السفيه بقمع الفرقة الاستعراضية وجعلنا أضحوكةً أمام العالم كله فماذا نقول لمن يجهل ديننا! هل نخبرهم أن المسلمين لم يتفقوا مع بعضهم البعض فتمَّت معاقبتهم بالقمع والإبعاد لتكون عاقبة المعارضين.

إنَّ من أشنع الدعاة فتنةً المولودون حديثاً لأنهم قاموا بدارسة المرأة لدرجة انهم اتهموا صرحاً كبيراً أُنشئ من أجلها (جامعة الاميرة نوره ) وأصبحت قضيّتهم وكأنها مفسدة وُضعت لكي تجعل المرأة منحلة أو لتجردها من قيمها ، فالمرأة الصالحة لن يكون صلاحها على الفتن وليسوا هم سبب صلاح أي امرأة في جميع أنحاء المغرب، العالم الذي يعيشه بوهم فكأنك عاقبتهم أن من الله عليهم بالسمع والطاعة والصمت عن مالا شأنه فيه.
الداعية السعودي ينبغي أن يكون تحت مظلة الشؤون الاسلامية ويوقعه على أن يخرج فتوى فهناك هيئة كبار العلماء هم المسؤولين عن ذلك ولن تعظم فتاويهم حتى لو جعلوها بملعقةِ العسل فالإجراءات وأخذ القرارات مع هؤلاء لابد أن تنهض وتتحرر من خزعبلات الظن في سد الذرائع، فعندما نسيءُ الظن فسوف نسوّر الناس في فرضية فهم حصانة أنزلهم الله وأنزل عليهم الوحي حتى يقونهم بهذه الفتوى، فعندما يمنعون قانون التحرش ويحرمونه فهذا تعميم جاهل مُفاده أنّ كل النساء فتنة وينبغي أن تُبعد عن الرجل حتى لا يقع في الرذيلة، فأي عالمٍ يريد أن يجعل حياة الرجال منعزلةً عن النساء! أليس في الطواف حول الكعبة اختلاط فطري!! بني على تحريمهم لهذا القانون وعرقلته أن يحق التحرش بالمرأة لأنها اختلطت به و ليست محجبة فهي المذنبة. فأي دين هم ينهجون ويقلب فتاويهم إلى قوانين بمرسوم دعوي بئس ما يُفتوا به وما يحرم غرائزهم من أجل مصلحة الذكر!
إن الدين المعتدل هو الدين الذي يجعل الأمة مستقيمةً ويجردها من النفاق والأعمال التطوعية أمام الناس وهي في نيتيهم الباطنة من أجل المال، فيأتي متناقضا متتشدداً الذي خلف لنا فقاعات إرهابي جعلت الأرواح رخيصة، فدعاة التناقض انشقوا منذ زمن شقِّ الأقنعة والتنوير الواعي ، فمثل ماحدث مع الداعية عبدالعزيز الفوزان والذي يدعوا طيلة كل السنوات وينادي في وطنه الاختلاط حرام في الجامعات والمستشفيات ونهى عنه مع العلم أنها ملتزمة بالحجاب وهي تعمل ومع ذلك حُرّم الاختلاط وعظم عبر ما وثق من برامجه التلفزيونية، ويأتي على النقيض تماماً حين تُسلَّم جائزةً في إسبانيا لتكريم الحضور ليس كالاختلاط الذي كان في وطنه بل يفوق العادة حتى مقدمة الحفل امرأة بلباسٍ عارٍ والموسيقى تعلو الحفل وما أجمل الإبتسامة التي كانت تعلو محياه وتدل على الرضا مع أنه عبس وأنكر الاختلاط الفطري في بلده وفق الضوابط الشرعية وعند تكريمه لم ينكر في دلالةٍ على الرضا فكيف نتعايش وأنتم تحرمون الحياة الطبيعة على الجميع وانتم تمارسونها بالخفية.
وفِي اعتقادي أننا وصلنا إلى مرحلة نكتفي بها من تلبيس الدعاة وتوليتهم على أمور حياتنا فنحن نعرف نقرأ ونكتب ولسنا أُميين في الدين حتى نلجأ إلى شيخٍ أو داعيةٍ مجتهدٍ ليقربنا إلى الله بفتاوى عطرةٍ من كيسه فبطل حديثهم بعدما شاهدهم يغتالون حياتنا وهم عائشين برفاهية عالية ويَرَوْن الجنة في الدنيا والاخرة فوق ماهو هذا التدين تجاري فهو حقاً مربح جداً علينا ان نستيقظ من العفو حتى لا يصبحوا الصحويين هم أولياء أمورنا في الدين وبنبغي أن نتخلٌى عن مقاييسهم المقدسة، ومن هنا انتهى العراك الديني المدبلج.

كاتبة سعودية