منذ عام 2014 يتعرض الأيزيديون على ايدي التنظيم الإسلامي الدموي إلى القتل الجماعي وعمليات الابادة الممنهجة وبمباركة بعض الدول التي لاتزال تؤيد وتدعم وتناصر هؤلاء القتلة في المنطقة والعالم . 

نعم ...تعرض الايزيديون ولايزال يتعرضون وتحت راية المربع الاسود (لا اله الا الله محمد رسول الله) الى ابشع الجرائم والانتهاكات الصارخة لحقوقهم المدنية وخصوصيتهم الدينية , لا لشيء الا لانهم غير مسلمين , ونعتوا بانهم من (عبدة الشيطان والكفار)(1 ) وعليه استحلوا قتلهم وقتالهم وابادتهم , وان أحدث تلك الحملات كانت هجمات تنظيم داعش الارهابي. 

ورغم كل هذه الجرائم الوحشية التي ارتكبت ضد الايزيديين وفي عقر دارهم وعلى ارضهم وموطنهم الاصلي ، وبعد ان تم تحرير مناطقهم التي تحول الى انقاض وساحات حرب ( محلية واقليمية ) وصراعات سياسية استهدفت هويتهم ووجودهم وانتمائهم ومواطنيتهم على ارضهم التاريخي, وبعد تحرير (شنكال) من العصابات الإجرامية و الإرهابية , اندلعت الاشتباكات من جديد على انقاض مدنهم وقراهم المغدورة,ولكن هذه المرة بين الفصائل الكردية ( قوات بيشمركة روزئافا المدربة والمسلحة من قبل حكومة إقليم كردستان من جهة ، ووحدات حماية شنكال المختصرة بـ(ي ب ش ـ YBŞ ) والتي حاربت جنباً إلى جنب ( بيشمركة إقليم كردستان ) في جبهتي (كوباني وشنكال ومخمور ) ومناطق كثيرة اخرى ضد داعش من جهة ثانية .

اندلعت الاشتباكات بين الفصائل الكردية في شنكال , بعد ان قررت قوات البيشمركة التابعة لقوات الشمس، دخول (ناحية سنوني، ومجمع خانا صور) (2 )، والمحررة من قبل قوات بيشمركه الإقليم وحدات حماية شنكال ووحدات حماية المرأة ( YBŞ وYJŞ ) بعد ان كانت بيد تنظيم داعش الارهابي.

وبهدف معرفة أسباب مجيء هذه القوات إلى المنطقة , تم اعتراضهم من قبل وحدات حماية شنكال ووحدات حماية المرأة , مما أدى إلى اندلاع الاشتباكات بين الجانبين والتي ادت إلى مقتل وجرح ما يقارب عشرة أشخاص من الطرفين , طبعا بدعم ومساعي القوى الإقليمية وشبكاتها التخريبية وذالك لتطمين مصالحهم وأهدافهم واطماعهم التوسعية الطائفية في العراق وسوريا والتي ( تساهم في ترسيخ الانقسام في الشارع الكردي وخاصة في روز افا ـ غرب كردستان ) , بالضبط كما فعلت تلك الدول وشبكاتها التخريبية ( تركيا وايران ) تحديدا في عام 1994 عندما توترت الاجواء بين الحزبين اللذين يقتسمان السلطة في اقليم كردستان ولحد هذه اللحظة (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني ) .

 

اتفاقية انقرة : 

وفي ظل تدهور الذي شهده الوضع الكردستاني جراء الاقتتال الداخلي المدمر بين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني ) في التسعينات من القرن الماضي , جاءت (اتفاقية انقرة) لتوقف الاقتتال من ناحية , وتكرس المرجعية الإقليمية في الشأن الكردستاني وتثبٌت عمليأ تقسيم الإقليم الناجم عن الاقتتال المدمر بين ( الاخوة الاعداء ) إلى منطقتين حزبيتين، احداهما تدار من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني والاخرى من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني من ناحية ثانية , وارتباطا بذالك كله وقع الغزو والاجتياح التركي في 14 ايار 1997 لمناطق إقليم كردستان , بذريعة مطاردة مقاتلي الحزب العمال الكردستاني , اضافة إلى انشاء قواعد عسكرية ومعسكرات عديدة تركية جاء بالتنسيق مع الحزب الديمقراطي الكردستاني , حيث اعلن (السيد نيجيرفان البارزاني في شباط/فبراير 2008 ان "وجود قواعد تركية جاء بالتنسيق مع السلطات الكردية عام 1997) (3 ) 

ان احداث شنكال الاخيرة والمواجهة العسكرية بين الفصائل الكردية , اثبتت من جديد بان هناك محاولات إقليمية جادة لاشعال نار الاقتتال الداخلي( بين الفصائل الكردية ) لاسقاط تجربة (روزافا ـ غرب كردستان ) من جهة , وتعميق المشاكل السياسية والأقتصادية والامنية التي تجتاح أقليم كردستان من جهة ثانية , وعليه نقول ان من يرفض سبيل السلم والمصالحة الوطنية سيعرض ( تجربة روز افا ) تحديدا لاشد المخاطر , وفي مقدمتها التدخلات الدول الإقليمية وخاصة ( تركيا ) التي لامصلحة لها في حل النزاع واستتباب السلم والامن واخماد نار الفتنة والاقتتال الداخلي بين الاطراف والفصائل الكردية .

وفي الختام لابد من الاشارة إلى أنّ وقف قرع طبول الحرب بين ( الفصائل الكردية ) في شنكال لا يعني اطلاقا انحسار خطر الاجتياح التركي وانتزاع فتيل التوتربشكل نهائي بين الفصائل الكردية المتحاربة , مادامت تركيا مصرة ومتمسكة بنهجها الاستعدائي وسياساتها (القديمة الجديدة )تجاه الشعب الكردي, سياسات القهر والصهر القومي ومعاداة ابسط حقوق الانسان وتصدير مشاكلها الى دول الجوار بذريعة مطاردة مقاتلي الحزب العمال الكردستاني , وبالتسيق والتعاون مع الديمقراطي الكردستاني بحجة عدم استطاعة اي قوة ان توقف مدّ نشاط حزب العمال الكردستاني غيرتركيا نفسها التي تتدخل بالشؤون الداخلية العراقية والكردستانية منذ عام 1991 . 

أختم مقالتي بطرح سؤالين على القراء الاكارم ليشاركوا بارائهم واجوبتهم في إغناء محتوى المقال وايجاد اجوبة موضوعية و عقلانية للتساؤلات التي تقلق الكردستانيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والطائفية والدينية :

متى نتعلم من تجربة اصدقائنا الاوروبيين ونحافظ على أردننا واستقلال بلدنا , ونبني علاقاتنا مع دول الجوار على اساس تبادل المنافع المشتركة واحترام مبدأ السيادة المتبادلة وعدم قبول تدخل الغير في شؤوننا الداخلية والالتزام الثابت بالمبادئ العالمية لحقوق الانسان و خاصة بعد ان اصبحت المنطقة مكشوفة ومفتوحة للتدخلات الإقليمية ؟ 

متى نتعلم من تجربة اصدقائنا الاوروبيين بان في السياسة لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة ولكن هناك مصالح دائمة ؟ 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ ان الدراسات التاريخية تشير إلى تعرض الإيزيديين عبر التاريخ إلى 72 حملة(إبادة جماعية)، جلها لأسبابٍ دينية وعرقية، تسببت هذه (المذابح بالويلات والمآسي لهم)، وكان آخرها استهدافهم من قبل تنظيم القاعدة، ومن ثم داعش ، إذ استهدفهم تنظيم القاعدة في عام 2007 بمجمعي(سيبا شيخ خدر) و (تل عزير) عن طريق صهاريج مفخخة قتلت أكثر من 500 شخصاً، وجرحت وأعاقت الكثيرين فيما جاءت الأخيرة بتاريخ 3 أب/أغسطس عام 2014 حين شن تنظيم الدولة الإسلامية هجوماً على شنكال (الأعنف والأكثر دموية حتى تاريخ اليوم) ، وتؤكد التقارير الحقوقية التوثيقية والإعلامية أنه في ليلة الثالث من آب/ أغسطس 2014 ومع دخول تنظيم الدولة الإسلامية إلى شنكال، ( قتل الرجال والأطفال ودفن الكثير منهم أحياء، أما النساء والبنات فقد سبين ووزعن على مقاتلي التنظيم) ، وما زالت الأخبار تتوارد حول بيعهن في مزادات التنظيم في الرقة والموصل والميادين والبوكمال والشدادي. 

2 ـ ناحية سنوني، ومجمع خاناصور تقع في (شنكال ) وهي الموطن التأريخي للإيزيديين، ويسكنها الآن بعض من المهجّرين العائدين الذين فروا من تنظيم داعش الارهابي . 

3 ـ تملك تركيا قاعدة عسكرية كبيرة في بامرني (45 كلم شمال دهوك) في محافظة دهوك باقليم كردستان منذ 1997 وتحديدا في موقع مدرج قديم كان يستخدمه (صدام حسين) لزيارة قصوره في مناطق سياحية قريبة, اضافة الى ثلاث قواعد اخرى صغيرة في ديره لوك (40 كلم شمال العمادية) وكاني ماسي (115 شمال دهوك) وسيرسي (30 كلم شمال زاخو) على الحدود العراقية التركية. وهذه القواعد ثابتة وينتشر فيها جنود اتراك على مدار السنة, وتؤكد حكومة الاقليم انها سمحت باقامة هذه القواعد بحسب اتفاقية بينها وبين الحكومة التركية نصت على ان تكون تحركات الجنود الاتراك بعلمها .