لم تثر قضية العلم الكردي المرفوع في كركوك القوى العراقية بجميع شرائحه وفئاته الاجتماعية والسياسية، بل اثارت اهم الدول الاقليمية المؤثرة في المنطقة( تركيا وايران) اللتين يرتبط الحزبين الكرديين المهيمنين على السلطة في الاقليم بعلاقات صداقة قوية معهما.
تركيا تدخلت في الامر بسرعة ونددت بالعملية وطالبت ايران ايضا بالتدخل الفعال في الامر لانها "تمثل دولة جارة للعراق ويجب ان تكون لديها حساسية حول هذه المسألة" ورأت ان رفع اي علم عدا العلم العراقي في كركوك "خرق للدستور العراقي وهو امر غير مقبول “.
وفعلا دخلت طهران على الخط واعتبر ما فعله الكرد عملا استفزازيا غير مقبول ويخالف الدستور العراقي، وبحسب بعض المصادر ان السفير الايراني اجتمع برئيس البرلمان العراقي (سليم الجبوري) قبل برهة قصيرة من بدأ جلسة البرلمان واتخاذ القرار الرافض لرفع العلم الكردي..ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا اختار الكرد هذا التوقيت في رفع العلم وهم يدركون تماما انه يثير ضجة داخلية وخارجية كبيرة ولن يمر مرورالكرام؟ ماذا كانوا يرمون وراءذلك؟هل ارادوا الضغط على الحكومة في بغداد لتطبيق المادة 140 الدستورية التي اهملتها ولم تعد تهتم بها؟ ام كانوا يريدون اعادة الاعتبار لنفوذهم في بغداد والذي وصل الى ادنى مستوياته، وارادوا توصيل رسالة الى العراقيين مفادها ؛ نحن مازلنا الرقم الصعب في المعادلة العراقية لايمكن تجاهله؟! مهما كانت الاسباب فثمة سيناريوهات سياسية وراء رفع العلم في هذا التوقيت منها ان الحزبين الكرديين فعلا ذلك بحس قومي وطني خالص ومحاولة للتأثير على الرأي العام الكردي، وانهما ارادا الالتقاء في نقطة واحدة مشتركة ونبذ خلافاتهما تمهيدا للعودة الى اتفاقهما الاستراتيجي السابق ولم يجدا خيرا من مسألة رفع العلم في كركوك، وسيناريو آخر يقول ان حزب طالباني بدعم من ايران اراد ان يحرج خصمه اللدود حزب بارزاني امام حليفته الاستراتيجية "تركيا" في قضية تمثل لها اهمية استراتيجية وقومية لايمكن التفريط فيها باي حال من الاحوال، وهذا ما حصل فقد هدد الرئيس التركي "رجب اردوغان" الكرد بشكل مباشر قائلا "..لا يمكن لأحد أن يدعي أن كركوك له وحده، ومن يدعي ذلك سيدفع ثمنا غاليا، وإذا أصروا على موقفهم في مجلس محافظة كركوك، فإن هذا سيضر بعلاقاتنا بهم". 
وهذا التهديد موجه اساسا لحليفه الحزب الديمقراطي بزعامة "مسعودبارزاني" لانه هو من يرتبط بعلاقة ممتازة مع تركيا! ربما ادرك حزب بارزاني الابعاد الحقيقية للقضية وما يترتب عليها من عواقب قد لاتصب لصالحه، لذلك ارسل وفدا الى بغداد على جناح السرعة ليتدارك الامر ويهدأ الاوضاع ويعالج الازمة..
ورغم كل السيناريوهات المحتملة والاسباب التي دعت الجانب الكردي الى القيام بهذه الخطوة، فانه استطاع ان يلفت انظار العالم الى وجود ازمة سياسية حقيقية بين اربيل وبغداد لابد ان تعالج، اما عن طريق التزام بغداد بالدستور وتطبيق المادة 140 واما عن طريق الانفصال وتشكيل دولة كردية مستقلة بالحوار والتفاهم السياسي مع بغداد..
وقد لا يعدو الامر كونه لعبة سياسية الهدف منها الهاء الشعب الكردي واشغاله بقضية تمس وجدانه وحسه القومي المتفجر تجاه مدينة طالما تمناها واعتبرها كردية مورست ضدها عمليات تطهيرعرقية قاسية، وبهدف التخفيف من حالة التذمروالكآبة التي بدأت تعتري المجتمع الكردي بسبب الضائقة المالية والحصار الطويل الجاثم على صدره..