قبل ان يضرب زلزال السيد عمارالحكيم رئيس التحالف الوطني العراقي اقليم كردستان والذي قال في مقابلة تلفزيونية مع قناة (ON TV)* المصرية على هامش زيارة قام بها إلى مصر قبل اسبوع , والذي قال نصأ : ( إن الإخوة في كردستان لديهم طموح وحلم لتشكيل دولة كردية ومنطقهم أن العرب لديهم 22 دولة والفرس لديهم دولة (إيران) والترك لديهم دولة (تركيا) والقوميات الأخرى لديهم دول فلم لا يكون للكرد دولة.. وهذا الطموح كان منذ أكثر من 70 عاما , ويمكن أن يستمر (الطموح الكردي) لعقود أخرى.. يتحقق أو لا يتحقق , واستطرد السيد الحكيم قائلا : إن قيام دولة كردية سيدفع البلاد إلى التجزئة بما يدفع كل طرف للمطالبة بإقليم ثم باستقلال، مشيرا إلى أن البلاد غير مهيأة لهذا الأمر وان الاعتراف بدولة كردستان سيقتصر على إسرائيل فقط . 

وقبل زلزال الحكيم الذي يُعتبر من الأصدقاء المقربين من القيادات السياسية الكردستانية , ضرب زلزال (علي اكبر ولايتي ) مستشار المرشد الايراني (علي خامنئي ) إقليم كردستان , وقال المذكور في مقابلة مع صحيفة (آيدينليك التركية )،والتي نقلتها وكالة أنباء إيران الرسمية (إيرنا )، في 29\1\2016 ، أن ( محاولات بعض الشعوب لنيل الاستقلال هي هدف إسرائيلي, وان الهدف من إنشاء دولة كردية هو إيجاد إسرائيل ثانية وثالثة في المنطقة) . 

كما أظهرت تصريحات (ولايتي )المقرب من المرشد الإيراني الأعلى، القلق المشترك الذي ينتاب (طهران وأنقرة ) رغم خلافاتهما الكبيرة في الشرق الأوسط، خاصة في ما يتعلق بالشأن السوري، حيث أكد ولايتي أن ( تركيا لن تسمح بتفكيك أراضيها، كما أن إيران لن تسمح بذلك, مشدداً على أن ( واجبنا جميعا الدفاع عن سلامة الأراضي التركية) 

وحذر (ولايتي) في مقابلته من تغيير خارطة الشرق الأوسط من خلال تشكيل دولة للكرد، متهماً الصهيونية والإمبرالية بالوقوف وراء هذه الخطة معتبراً أن (هدف الإمبرياليين والصهاينة هو تفكيك المنطقة) . 

وتأتي هذه الهزات الارتدادية في وقت يسرع فيه الحزب الديمقراطي الكردستاني الخطى لتنظيم استفتاء شعبي لمعرفة نسبة تأييد الشارع الكردي لمشروع ( تسونامي إستقلال كردستان ـ على حد تعبير السيد الحكيم ) .

في مقالاتنا السابقة حذرنا اصحاب بالون الإستفتاء او بالاحرى (مُطلقوا بالون الإستفتاء ) و قلنا ان بدون توافق واتفاق جدي مع بغداد وتركيا وايران والدول العربية والاوروبية سوف تستمر الهزات الأرتداديه التي تتبع (تسونامي إستقلال كردستان ) , (كردّة فعل ) قوية والتي تستمر اشهرا وربما اعواما وتقف حاجزا منيعأ امام مشروع الاستفتاء حول إستقلال إقليم كردستان .

قلنا مرارا , إن فرقعة بالونات لقياس الرأي العام حول الإستفتاء والإستقلال تؤدي في الوقت الراهن و حسب قراءتنا للوضع الداخلي والإقليمي والدولي إلى تعمق الازمة السياسية والاقتصادية في الإقليم المثقل اصلا بالازمات بل وطاعن في التأزم من جهة، وتزيد من شدة التوتر بين الإقليم وبغداد وحكومات دول المنطقة وخاصة( تركيا وايران )من جهة ثانية. 

قلنا إن ورقة الإستفتاء والاستقلال واستخدامها حسب المستجدات والأحداث المحلية والإقليمية وخاصة عندما تكبرالازمات وتتفاقم مشاكل الإقليم مع الحكومة العراقية, ماهي الا غطاء للنخبة السياسية الكردية لحمايتها من الضغوطات الداخلية ( في الإقليم وخارجه ) والتي هي بمثابة (إبرة مهدئة) لن يطول أثرها ما لم تحدث تغيرات حقيقية واصلاحات جذرية للبنية التحتية والقضاء على المحاصصة وانهاء تقاسم السلطة بين الحزبين (الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني) و رص الصفوف وتفعيل البرلمان والقضاء على الفساد وفصل المؤسسات الحكومية عن هيمنة الحزبين الرئيسيين واستقلال القضاء والتي هي مطلب جماهيري ملح ......

قلنا لكي لا نسقط في الأفخاخ ونغرق في مستنقع الاوهام ونظريات التامر والخيانة , علينا ان نكون واقعيين ولانهرول إلى الأمام او بالاحرى الى الخلف في ظل التحديات والازمات الاقتصادية والسياسية الصعبة التي يعيشها الإقليم ..

اكدنا على ضرورة اتخاذ خطوات جدية وذات مغزى وملموسة وذات مردود إيجابي على الوضع الداخلي في الإقليم قبل فرقعة بالون الإختبارلمعرفة ردود افعال دولية واقليمية وعربية وداخلية حول الإستفتاء والاستقلال... ولكن وللاسف دون جدوى..

فيا قادة الاحزاب الكردستانية في اقليم كردستان , متى تفيقون من غفلتكم وتدركون الحقيقة وتتعلموا اصول وقواعد اللعبة السياسية من اصدقائكم قبل اعدائكم , الا ترون بان مشروع الاستفتاء تحول من (مسألة حق تقرير مصير شعب كردستان) الى مشكلة كبيرة ومعقدة في ظل تعنتكم و جهلكم بأبجديات السياسة ؟