قبل ايام، صرح رئيس الوقف الشيعي بان المسيحيين كفرة، وخلال نفس الفترة، شاهدنا وسمعنا بعض كبار العلماء المسلمين السنة وفي مصر بالاخص ومنهم سالم عبد الجليل، وهم يكفرون المسيحيين. والكثير من العلماء المسلمين يبررون قولهم بان المسلمين هم كفرة بنظر المسيحيين ايضا. اي والله وكان الامر مسألة عادية، لحد ان البعض صار يتندر ويقول صباح الخير اخي الكافر، مساء الخير يا كافر.

هناك امران قد لا يلاحظهما الانسان العادي في التكفير الاسلامي، ان الصاق تهمة الكفر باي انسان، يستتبعه حق الاقتناص من من الصقت به هذه التهمة اي ان قتله واجب على كل مسلم. وهذا الامر طبق بحق بعض العلماء والمفكرين والادباء.بينما ان المسيحي عندما يستعمل كلمة كافر، فهي لدية صفة لشخص لا تتبعها اي عقوبة دنيوية ابدا، وصف لشخص يمكن ان يقترف اي جريمة او فعل غير اخلاقي.

يجادل بعض الاخوة المسلمين، لا اعلم بحسن نية ام حقا جهلا بحقائق لا يمكن تبديلها، فهم في الوقت الذي يقولون انهم يعترفون بعيسى وبامه مريم، الا انهم يؤمنون وبحسب القران ان المسيحي كافر لانه لم يؤمن بمحمد، غير مدركين ان افتراض الايمان بمحمد يعني الاسلمة وزوال المسيحية، فاتباع اي دين عندما يؤمنون به، فانهم يقرون ان من اتى به هو النبي الصحيح والاخير والمرسل من قبل الله. هذا اذا اخذنا الامور بمقاييس الاسلام والمسلمون، لانه اساسا ان المسيحيين لا يعتبرون المسيح نبيا، شأنه شأن موسى وابراهيم ويعقوب واشعيا وغيرهم من الانبياء الذين يعترف بهم المسيحيين من الحقبة اليهودية، بل ان المسيح هو تجلي الله بصورة انسان، انه كلمة الله المتجسدة والذي تنباء به الانبياء السابقين. وبهذه الحالة فالمسيح والله يتساويان في المشيئة. والمكانة مع الروح القدس.
وعلى هذا ولكي يحترم ويقدر المسيحي اليهود، ليس مطلوبا من اليهودي الايمان بالمسيح، رغم ان اليهودي ملزم بحسب كتبه الايمان بمجئ المسيح، وان كانوا يقولون انه ليس هذا الذي اتى. بل ان الاحترام والتقدير التزام اخلاقي انساني. يفترض في كل انسان ان يحترم الاخر مهما كان دينه، ايمانا بان الله كلي القدرة ولو اراد لجعل كل الناس من دين واحد. هذا ناهيك ان ما يعترف به المسلمون من عيسى، فهو ليس يسوع المسيح الذي يؤمن به المسيحيون، بل شخص اخر بصفات اخرى. طبعا هناك كذبة اخرى يحاول المسلمون التمسك بها وهي ان الانجيل كتاب محرف لانه تنباء بمجي محمد او احمد، وهذا افتراء وكذب، لان المسيحية تعرضت لانقسامات عدة قبل ظهور الاسلام، وان كان احد الاطراف قد حرف الانجيل في هذا الموضع، لقامت الاطراف الاخرى بفضحه، وخصوصا انهم لم يكونوا يعلموا من اين سيأتي هذا النبي المزعوم.

عندما اقول لليهودي، يجب ان تعترف بالمسيح الذي اتى والذي اؤمن به انا، انه المسيح المنتظر في كتبكم، فحينها انا لا احترم اليهودي، ولا اقدره، بل احاول فرض معتثقدي ومفاهيمي عليه. وهذا ينطبق على المسلم مع اليهودي والمسيحي. نعم من خلال الحوار والدفاع وانتقاد الاديان لانها بالنهاية مفاهيم اجتماعية تتعرض للنقد والتصحيح والتطوير، يمكن لاحد ان يقول ان هذا الامر في الدين الفلاني غير صحيح وغير عقلاني مثلا. ولكن في الواقع الحالي والتطورات الحاصلة في العالم والتفاعل الحضاري القائم، من الصعوبة بمكان ان نقول ان فلان كافر، وبالاخص ان كان للكلمة مفهوم اجرائي قانوني يمكن ان ينفذ، كما قام بذلك الكثير من الحركات الاسلامية. فليس بغائب عن الناس ما تقوم به الحركات الاسلامية من استهداف ابناء الديانات الاخرى سواؤ من خلال قتلهم باعتبار القتل هو عملية تنفيذ لوعد الله، بقتل الكفرة، او سلب ممتلكاتهم وسبي نساءهم والامثلة كما قلت كثيرة سواء في ما يحدث في مصر او ماحدث في الجزائر اوم العراق اوسوريا او نيجيريا اوغيرها من الدول التي فيها حركات اسلامية.

ان تكفير المسيحيين هو اعلان براءة اسلامية لما اقترفته داعش وكل التنتظيمات الاسلامية الاخرى، وانه اعلان بحق كل مسلم لاقتراف القتل لانها عقوبة الكافر في الفكر الاسلامي، وفي الاخر ان ذلك يعني اتهام القران والاسلام بانه دين الارهاب، لانه يرهب الاخرين بالقتل ان لم يؤمنوا به. وعليه فان المطلوب اما ان يكون كل مسلم وكيلا لله الاعزل والضعيف والغير القادر، لكي ياخذ حقه من الغير المؤمنين به.او حقا حان الوقت لكي يتم تهديم كل التراث الاسلامي المبني على كره الاخر و وعيده بالقتل او السبي والسلب كاسلوب لنشر الايمان.

حتى النقد، يحتاج الى ادواة تلائم قدرة المجتمع على الفهم. ان التكفير وان كان عقيدة اسلامية بحق الاخرين او حتى بحق بعضهم البعض، الا انه يعني دعوة عامة للمسلمين للاستمرار باستباحة ارواح وممتلكات اتباع الاديان الاخرى. وهنا هو دعوة للخروج عن قانون الدولة الملزمة به وبتطبيقه والا لن تكون دولة.
لا اعتقد ان المسيحيين او الازيدية او اليهود او المندائيين او غيرهم من الدينات بحاجة الى شهادة حسن السلوك من المسلمين او حتى الاعتراف بهم كاديان، فهذا ليس مطلوبا من احد، المطلوب هو ان يكون المسلمين وبالاخص ممن يتبواء مناصب او مواقع دينية، جزء من العالم ومن حركته وقيمه، وان يتركوا القيم الهمجية التي يدعون اليها بحجة انهم يقولون الدين الصحيح، وما صرح به القران والصحيح من الاحاديث النبوية.