مقالتي اليوم هي تكمله لمقالتي السابقه (الإستفتاء نهاية المشاكل أم بدايتها؟)، التي كتبت عنها باختصار كمتابع للشان الكردستاني والعراقي ونشرت في ايلاف،معتمداً على تطورات الوضع السياسي والاقتصادي في الإقليم و العراق بشكل عام، وتهديدات دول الجوار وانتهاكاتها المستمرة للاراضي العراقية منذ عام 1991 ولحد كتابة هذه المقالة، والتوترات في منطقة الشرق الاوسط،إضافة إلى معايشتي الميدانية مع الاحداث الكردستانية وخاصة في هذا الوقت العصيب الذي يمر به الإقليم والمنطقة برمتها لأسباب( لن اعود اليها لعدم اهمية ذكرها هنا )، ولكن للرد على بعض مداخلات وتعليقات قرائي الأكارم ومن باب تعزيز التواصل معهم خصصت هذه المقالة لتكون تكملة للمقالة السابقة، لاني وبكل صراحة اجد نفسي امام واجب لا استطيع التقاعس عنه و هو واجب التوضيح والرد على بعض مداخلات قرائي الاكارم واسئلتهم.

في البداية اود ان أشكر قرائي على تجاوبهم وتعليقاتهم الكثيرة والتي وصلت لحد كتابة هذه المقالة الى ( 81 ) مداخلة وتعليق على مقالي المذكور، لفت نظري واستوقفني أحد المعلقين وهو السيد (إسكتلندي ) والذي اتهمني زورا وبهتانا و بدون دليل بتهم باطلة، يقول السيد( إسكتلندي ): 
( لا يخفي الكاتب الحقد العنصري والعرقي في عنوان المقالة : (الإستفتاء نهاية المشاكل ام بدايتها ).هل فعلا الاستفتاء مشكلة حسب عقلية الكاتب ؟ نهاية المشكلة ؟ ام وسط المشكلة ؟ ام بدايتها ام نهايتها ؟ ولماذا ينظر الكاتب الى الاستفتاء كمشكلة ؟ هل اراء الناس حول مصيرهم مشكلة ؟ هل الا ستفتاء على استقلال كتلونيا مشكلة ايظا ام استفتاء كوردستان مشكلة فقط ؟ اليس من حق الشعوب الاستفتاء على الاراء والافكار وو جهات النظر ؟ اين المشكلة في طرح الا راء ؟ ام الحقد الدفين على استقلا ل كوردستان مشكلتكم ؟ اذا الاستفتاء نهاية المشاكل ام بدايتها فان لملايين الكورد حول العالم مجرد حق طبيعي من حقوق البشر. لماذا ممارسة ابسط حقوق البشر اي الاستفتاء مشكلة ؟، ويقول في مداخلة اخرى : لو أمطرت السماء حرية.. لرأيت بعض العبيد يحملون المظلات افلاطون ) انتهى الاقتباس.

وهنا اود ان اوضح للقاريء الكريم وتحديدا ل( إسكتلندي ) بعض النقاط التي لابد من الوقوف عليها وبعجالة:
1 يا سيد (إسكتلندي)،لقد تربيت وترعرعت وتعلمت ابجديات النضال في مدرسة النضال والاخاء والانسانية والعدالة الاجتماعية، وهي مدرسة الحزب الشيوعي العراقي، اعرق حزب عراقي يؤمن بحق تقرير المصير للشعب الكردي، ليس فقط في جنوب كردستان، وانما في كافة أجزاء كردستان، بما في ذالك حقه باقامة الدولة الوطنية الموحدة، وعليه لااحد يستطيع ان يزايد على وطنية الشيوعيين العراقيين ويتهمهم بالعنصرية والخ من التهم الجاهزة، الحزب الشيوعي العراقي معروف بتوجهاته ونضالة ليس الان فقط وانما منذ انبثاقة في الثلاثينات من القرن الماضي من اجل حق تقرير المصير للشعب الكردي ( راجع صحيفة الحزب الشيوعي ( كفاح الشعب ) الصادرة في تموز عام 1935، العدد الثاني، الصفحة الاولى والتي جاء فيها : طرد المستعمرين وضمان حرية الشعب والاستقلال الكامل للاكراد وضمان حقوق الثقافية لكل الاقليات القومية ). 

ياسيد ( إسكتلندي ) ان الحزب الشيوعي العراقي هو في طليعة الأحزاب السياسية في العراق وهو من المؤيدين وفي محافل عدة لحق تقرير المصير لكردستان، وبسبب هذا الموقف اصبح الحزب الشيوعي العراقي عرضة للإستهدافات المستمرة من قبل )المتطرفين والشوفينيين والعنصريين( في وسط وجنوب العراق.

2 نسب اليَ ( إسكتلندي ) قولا لم اقله، انا لم اقل (ان الاستفتاء مشكلة )، ولم اقل (ليس للشعب الكردي حق في تقرير مصيره، بل بالعكس انا ناضلت وقدمت زهرة شبابي من اجل الحرية والديمقراطية )، ولم اقل اطلاقأ بان( المشكلة تكمن في طرح الاراء ) ؟ وإنما طرحت سؤالا وقلت : هل الإستفتاء نهاية المشاكل ام بدايتها ؟ 
لماذا طرحت هذا السؤال ؟ لان منذ عام 1991 شهدت كردستان تهديدات حقيقية واعتداءات عسكرية وتدخلات سافرة من جانب ( تركيا وايران )، فقد جرت ولاتزال عمليات قصف للقرى والمناطق الحدودية بذريعة مطاردة (حزب الحياة الحرة الكردستاني، پژاک، والحزب العمال الكردستاني بكك )، الحقت اضرارا مادية بالبنى التحتية، وبشرية وبسكنة تلك المناطق المغدورة، وفي منتصف تشرين الاول 2007 صعدت تركيا من تهديداتها وحشدت جيوشها على حدود الإقليم، ومن ثم فوَض برلمان تركيا الحكومة لأجتياح أراضي الإقليم وسط معارضة دولية وإقليمية وعراقية، جاء هذا التصعيد لاضعاف التجربة الكردستانية وعرقلة تطبيق المادة ( 140 ) من الدستور العراقي والتي تنص على تطبيع الأوضاع في المحافظات و المناطق التي قام النظام البعثي الفاشي الدموي بتهجير سكانها و إستقطاع مناطق منها و إضافتها الى محافظات أخرى، بهدف تغيير التركيبة السكانية لتلك المحافظات و المناطق المغدورة، وهنا اود فقط ان اذكر السيد (إسكتلندي) بمقتطف من تصريح ارودغان حول مادة 140 والذي قال : ( هناك جهود من قبل الكرد لتغيير التكوين السكاني لكركوك، لا يمكن أن نقف موقف المتفرج تجاه هذه التطورات الخطيرة، وأضاف : أن هذه التطورات قد تؤدي الى مستوى أشرس من الحرب الاهلية في العراق والتي قد تضر بالمنطقة، واكد اردوغان على : ان اخضاع كركوك لوضع خاص (سيحبط مخططات من يعملون على تقسيم العراق )، اضافة الى موقف تركيا التاريخي من القضية القومية الكردية، وطموحاتها في كردستان العراق، وتصوراتها حول مستقبل العراق، ولاننسى ان هذا التصعيد مرتبط بسياسات تركيا وايران لمعالجة ازماتها الداخلية خارج حدودها، فهي تعاني من ازمة هوية الدولة احادية القومية المفروضة على مجتمع متعدد القومية، والغاء هوية القومية الثانية وحرمانها من ابسط حقوقها المشروعة. 

وعليه بعد صدور قرارات القيادة الكردية الارتجالية حول اجراء استفتاء شعبي في ايلول سبتمر المقبل على انفصال اقليم كردستان واجه القرار بمعارضة وتحفظات داخلية و دولية واقليمية. فقد اكدت الجارة الصديقة جدا (تركيا) على أهمية وحدة العراق معتبرة حديث القيادات الكردية عن إجراء استفتاء على استقلال إقليم بأنه (خطأ كارثي)، كما أعلنت ايران معارضتها لاجراء استفتاء حول استقلال كردستان العراق، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمى، أن ( الموقف الأولى لإيران هو دعم وحدة اراضى العراق)، وأضاف أن (منطقة كردستان جزء من الجمهورية العراقية، واى قرار يتخذ من جانب واحد بمعزل عن الاطار الوطنى والقانونى... يمكن ان يؤدى فقط إلى مشاكل جديدة). 

وعليه يا سيد ( إسكتلندي ) لمعرفتنا المسبقة بأن موازين القوى ليست في صالحنا الان، اضافة الى حجم مشاكلنا الداخلية والناتجة من ( صراع الاخوة على النفوذ والموارد )، سألنا وقلنا ( هل الإستفتاء نهاية المشاكل ام بدايتها)؟ 

3 ان وجهة الإقليم في التعامل مع التهديدات الحالية، وحتى تهديدات مستقبلية متوقعة من تركيا وايران تحديدا، وعلية يجب على القيادة الكردية ان تنطلق من منهج يتسم بالحكمة وتجنب ردود الافعال السريعة و تجنب لغة التهديدات المتبادلة، وضرورة التركيز على حل المشاكل الداخلية في مقدمتها (تفعيل البرلمان وعدم الانفراد بالسلطة وترسيخ ثقافة الحزب الأوحد في إدارة الدولة، والاتفاق مع بغداد حول مصير الإقليم). 

4 انا قلت واكرر هنا مرة اخرى : ما هي فائدة الاستفتاء ورائحة الادارتيين الكريهة لاتزال تَزكُم الأُنوف بعد ان لم يبقى من برلمان كردستان سوى (المبنى ورواتب النواب والغرف المهجورة)، وهنا اسأل : اين الحقد العنصري من هذا الطرح، اليس هذه هي الحقيقة؟ 

5 قلت ايضا واستنادا على كلام السيد هوشيار زيباري الذي صرح وقال : إن التصويت المتوقع (بنعم ) في الاستفتاء على استقلال الكورد سيعزز موقف إقليم كردستان العراق في المفاوضات مع بغداد لكنه لن يؤدي إلى انفصال عن العراق بشكل تلقائي، وإن التصويت على الاستقلال لن يعني أن يضم الكرد منطقة كركوك الغنية بالنفط ). وعليه يا سيد (إسكتلندي ) اختتمت مقالتي بتوجيه سؤال إلى كل من يهمه الامر وقلت : هل تُستخدم (نتيجة الاستفتاء ) كورقة ضغط لتحقيق موقع تفاوضيّ أفضل مع بغداد وخاصة بعد تحرير العراق كاملة من سيطرة داعش، ام لا، تستخدم لاستقلال الإقليم ؟ وبدل ان تفكر بالجواب، اتهمتني بتهم جاهزة غير قابلة للاستئناف.

6 يا سيد ( إسكتلندي ) من ذاق طعم السجن وزنزانات الانفرادية وتعرض للتعذيب الوحشي (الجسدي والنفسي ) في سجون ومسالخ النظام البعثي الفاشي في مقتبل عمره، يعشق الحرية ويموت من اجلها. ويقف بشموخ ضد سياسة ( الاستحمار والاستغفال ) وليس العكس. 

سابقى صوتا للحقيقة وواحدا من ملايين الاحرار في العالم الذين يرفضون منطق العبودية ويتوقون للحرية ويكشفون الاقنعة المزيفة، من اجل تحقيق قيمنا العليا وتطلعنا نحو الافضل والاسمى لشعبنا ولشعوب العالم كلها، فنحن نعني بحرية شعبنا في وطننا،وعليه نقول : من لا يدرس احداث الماضي يصعب عليه ان يأخذ العبرة لما هو جار في الوقت الحاضر. فهل انا عميل وعنصري لاني اقول الحقيقة وانتقد الاخطاء واشخص منابع الخلل، هل هذه هي صورة الرأي والراي الاخر في الإقليم؟ 

7 اقول بملء الفم، ان قيام الدولة الكردية حق مشروع للشعب الكردي، لكن الدول لا تبنى بالنوايا الحسنة ولا بالصدقات ولابتجويع الشعب ولا بالقمع ولا باحتكار السلطة ولا بترسيخ ثقافة حزب البعث البائد (ان لم تكن معي فانت ضدي)، عليه يجب ان نقر بالحقيقة وان ننظر الى الامور كما هي وليس كما نتمنى. 

8ـ لا احد يتحمل مسؤولية واقعنا المزري واخطاءنا غيرنا نحن، وان أحد أهم الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه، هو عدم كفائة وتقصير السياسيين (ولا استثني منهم احد اطلاقأ من اقصى اليمين الى اقصى اليسار)، وخاصة الذين كدسوا وجمعوا ثرواتهم على حساب الوطن والمواطن، مستخدمين ابشع وأقذر الأساليب لتحقيق وتثبيت مصالحهم الشخصية. 
9 تناسى السيد ( إسكتلندي ) ان يجاوب على الاسئلة المطروحة في مقالي ويناقش الفكرة، واكتفى بتكرر وتوزيع التهم المعلبة والجاهزة وأسطرا ممجوجة لا جديد فيها اطلاقا. 

وفي الختام اقول للجميع وانا مسؤول عن كلامي، لقد ظهرت حقأ بوادر الإستفتاء وليست هذه الاتهمامات التي وجهت لي اﻷ غيض من فيض ومن (منجزات الإستفتاء )،وهنا استغل هذه الفرصة للوقوف بإيجاز على أهم انجازات الاستفتاء على الطريقة البعثية : ان تعطي رأيك مسموح، ولكن تاييدا للنظام.

فبعد اعلان عن موعد إجراء الإستفتاء في الإقليم، تصاعدت بعض الاصوات النشاز داخل الإقليم ومن منابر حزبية مقيتة طالبت بضرورة البدء بفتح ملفات لتدوين وحفظ التصريحات التي يطلقها المعارضون لاستفتاء استقلال الإقليم، وذلك تمهيدا لاحالة هؤلاء المعارضين الى الاستجواب والمساءلة القانونية وتقديمهم الى القضاء بتهمة (التجسس والتبعية )،كما طالبت الجهات القضائية الى اتخاذ تصريحات المعارضين للاستفتاء على محمل الجد من الوجهة القانونية لمنع اي شخص يعارض الاستفتاء الان، من تسلم اية مناصب في المؤسسات والدوائر التابعة للحكومة الكردية في المستقبل).
فهل عرفتم الان ماهي علة العلل وكبرى المصائب ؟ هل عرفتم الان ماهي المشاكل التي مسخت عقولنا وشخصيتنا ؟ هل عرفتم الان حجم الكارثة الفكرية التي تهدد مجتمعاتنا ؟ هل عرفتم الان حجم التركة الثقيلة التي ورثناها من البعث الفاشي؟ 

نعم لكي تكون وطنيا ومناضلا ومقداما، عليك ان (تنفذ ولا تُناقش) عليك ان تكون (روحاً ميتاً في جسد حي) لان عقوبة التمرد على شريعة الغاب، خيانة وجريمة لا تغتفر، والمتمرد، يستحق أقسى العقوبات.. 
خلاصة الكلام وزبدته : انا لست ضد الإستفتاء والإستقلال، وانما اقف بشموخ واناضل بلا هوادة ضد سياسة (الإستحمار والإستغفال وتوزيع التهم وتخوين الاخر وقمع الاراء بحجج واهية).