مرت مؤخراً ذكرى الهزيمة العربية امام اسرائيل في 5 حزيران 1967 والتي كانت كارثة حقيقية بكل معنى الكلمة والجوانب. الهزيمة آدت الى الحاق القدس الشرقية والجولان وسيناء بإسرائيل . وبالنسبة الى سيناء فقد عادت الى اهلها بعد مفاوضات مصرية-اسرائيلية زمن السادات. ان لتلك التجربة القاسية دروساً لم يحاول العرب الفلسطينيون حتى اليوم التأمل فيها واستيعابها. ان القضية الفلسطينية العادلة كانت ولا تزال مدار متاجرات ومزايدات عربية وإسلامية، اساءت وتسيء الى القضية وأهلها. بل ان المتطرفين الاسلاميين الفلسطينيين، هم ايضاً آساؤا ولا يزالون يسيئون الى قضية شعبهم وعلى حسابه، بحيث انها تراجعت للوراء باستمرار والى يومنا هذا. لقد اسقط عبد الناصر نظام فاروق تحت شعار الثأر لما سمت بـ (الاسلحة الفاسدة) وباسم فلسطين غامر عبد الناصر وحافظ الاسد بحرب كانت مغامرة فاشلة وذات عواقب كارثية... واستخدمت ايران اسم القدس لوصف ميليشياتها التي تتدخل في شؤون المنطقة. وكثيراً ما استخدم العديد من الحكام العرب (القضية المركزية) لأبعاد جماهير بلدانها عن همومها في الحرية والتقدم والرفاه، ودون ان يؤدي ذلك اية خدمة لشعب فلسطين. وأكثر من ذلك فان حكاماً كالأسدين وصدام عملوا على تمزيق الصف الفلسطيني وخلق تنظيمات فلسطينية تابعة لهم. ونعرف ايضاً كيف كانت تبعية حماس للنظامين السوري والايراني، وكيف نسقت مع المنظمات الاسلامية الارهابية لتنفيذ عمليات ارهابية ضد مصر. لقد فوتت القيادات الفلسطينية فرصاً هامة منذ اواخر الثلاثينيات حين رفضت، وبدعم عربي، مشروع الكتاب البريطاني الأبيض بقيام دولة فلسطينية عربية مستقلة على ان يكون ثلث السكان يهوداً لهم ادارة ذاتية. ومع السنوات تعقدت القضية، وصولاً الى قرار التقسيم في اواخر 1947 الذي رفضه الفلسطينيون والعرب، ودخلت الدول العربية في حرب مع اسرائيل القائمة للتوّ، فخسر العرب وفقد الفلسطينيون مساحات واسعة من الاراضي التي كانت لهم ضمن قرار التقسيم. وفي عام 2000 وافق باراك، وبحضور بيل كلنتون وياسر عرفات على اعادة 90% من الاراضي المحتلة، وترك الباقي لمفاوضات قادمة ولتنازلات متبادلة في الارض. رفض الراحل عرفات، واختار طريق الثورة المسلحة، التي فشلت . وفي اواخر 2007 وفي (انابولس) اتفق الطرفان برعاية امريكية على خارطة طريق حول كل القضايا، ومنها ضوابط تكبح الاستيطان وتخضعه لضوابط ومعايير صارمة. ولكن، مع رئاسة اوباما، الذي كان بارعاً في الخطب، رفض الجانب الفلسطيني العودة الى اتفاق انابولس،

واشترطوا للتفاوض وقف المستوطنات، وهذا ما رفضته اسرائيل. ومنذ ذلك الوقت راحت القضية تتراجع، ولا سيما مع توتر العلاقات بين اوباما ونتانياهو، واختار الجانب الفلسطيني تسجيل مكاسب دبلوماسية رمزية في المنظمات الدولية، وهي مكاسب هامة ولكنها لم تسترجع شبراً جديداً من الاراضي السليبة. والان؟ لامفر ولا بديل غير حل الدولتين، ولكن كيف؟ هل بثورة مسلحة جديدة، لا اعتقد ان الاوضاع العالمية والإقليمية اليوم ستقدم لها فرصاً من النجاح. ام بالعودة الى المفاوضات بلا شروط مسبقة كما حصل في اتفاق اوسلو اوائل التسعينات، فحصل الفلسطينيون على استرداد غزة والضفة الغربية فقط، ومع ذلك كان ذلك خطوة الى الامام. وفي حينها قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش عن الاتفاق( انه لا يرضيني ولكنني لا اعارضه) كان ذلك طريق السير على مراحل .... فهل هذا ممكن اليوم؟ ام يجب انتظار زلزال سياسي عاصف يقلب الاوضاع الاقليمية كلها، بما في ذلك اوضاع اسرائيل بما يجبرها على التفاوض المشروط بوقف الاستيطان والقبول بمطالب الجانب الفلسطيني في العودة الى حدودها ما قبل هزيمة 5 حزيران؟؟؟؟ من القادر على التنبؤ؟؟؟ ومهما يكن، فان حل القضية حلاً عاجلاً يعني اعادة الحق الى اصحابه، وكبح جشع المستوطنين، كما يعني مساهمه فعالة في محاربة الارهاب الذي يقنّع باسم الدين ويستغل احياناً المأزق الفلسطيني.