‏دائما ما تفتش حواء عن دليل لتكسب به قلب آدم حتى لو علمت أنه يحبها وتبحث عن النصائح الإرشادية لتصل إلى سلم الرضى ليس رضاه فقط بل رضاها النفسي عن حياتها الزوجية، ولاسيما بأنه قد اخترع عقل المسلم العربي في المجتمعات أن المرأة مجرد حقل أو خادم لرجل والمطلوب منها أن تحقق رغباته وطلباته حتى لو على حساب نفسها أو عدم رضاها وأقرنت رضا هذا الزوج متوقف على دخولها الجنة ! فلندندن على هذه الخرافات التقليدية المورّثة من الجهل، فقد أفسدت هذه المعتقدات التقليدية كيان المرأة وأصبحت تعاني من السلطة التعسفية التي وصلت إلى الضرب والتعنيف من أجل أن تكسب رضاه، انقلبت هذه الشراكة الزوجية إلى حرب أهلية قد يتدخل فيها جميع أفراد عائلتهم ومن حولهم والمطلوب أخيراً أن تكون تحت سيطرته وتنفذ أوامره وتجتنب نواهيه فما هذه إلا عبودية مطلقة لرجل.

‏في مثل هذه المعتقدات التي دنست المرأة أفلتت بعضهن إلى التمرد وإعلان العصيان والبعض منهن مازلن يمارسن أسلوباً سياسياً بين الجنسين الذي يشير إليه البعض "خرفنة " وطفح هذا المصطلح في وحل الانحطاط الاجتماعي وأصبحت هي تقيم جسر علاقة مبنية على مصلحة للحصول على المال مثلاً وتطوف على الشبان مستخدمة سبل الخداع في كل ضحية، حيث يستخدم أغلب عصابات الرجال المرأة فهي تنجح دائماً في مهمة الوصول إلى "خرفنة " بعدما تنهب المال و أشياء ثمينة. وإن لم تنجح الخطة مع الأول فسوف تنجح مع المستهدف التالي. وصل الأمر أن الرجال أصبحوا يتاجرون في المرأة في استخدام هذا الأسلوب لترويج سلعهم أو ممارسة السرقة والخداع حتى تحصل على ما تريد أن تناله، وبناء على ما حدث تم تفعيل قانون السجن والغرامة تصل إلى 500 ألف ريال فهذا القانون لصالح الرجل لأنه الدائم شرفا وبراءة.

من المفترض قلب التهم عليه بدلاً عنها فالرجال هم الجريئون على ارتكاب الفواحش والإقدام إلى التحرش والمرأة الفاسدة لا تقبل إلا بمقابل مثل الزوج عندما ينفق على زوجته ، طبيعي جداً أن تستغل هذه العثرة لذكر في تقويته أمامها فبدلاً من تفنيد قانون منع التحرش بالنساء والأطفال قلبوا الجرة لصالحه وأصبح الذكر نزيهاً شريفاً ومهما كثرت أخطائه لا تجرَّم والمرأة عار كلها جريمة في مجتمع يريد شرنقتها حتى تكون إطاراً في صورة فارغة.

‏تتباهى بعضهن في بترديد : "تخرفنت معها .... " وليس العيب في أن يعلن الرجل شدة إعجابه أو حبه لزوجته فالمشاعر والحب تشوهت بهذا المصطلح المستحدث المركب من ألفاظ سوقية ، وفي الأدب العربي ولدت قصة حب في بلاد نجد قيس من قبيلة بني عامر الملقب بمجنون ليلى فما أنزهَ الحب حين يلقّب بمجنونه فمات وهو يتعذب على قبرها وينوح باكياً مبتدئاً بهذه القصيدة 

فيا ليت إذا حان وقت حمامها . . . أحكُم في عُمري لقاسمتُها عُمري 

‏فحلَّ بِنا الفُراقُ في ساعةٍ معاً . . . فَمُتُّ وَ لا تدري وَ ماتت وَ لا أدري 

‏فلم ينعته الأدب العربي أن هذه "خرفنة" بل أنه عشق عفيف فيا ليت الرجال مجانين مثل هذا الجنون حتى يثمر كل قفص بالحياة الطيبة ويهتني سعيد بسعيدة ، لا نستبعد أن يظهر في الشعر الأدبي الملوث بالشيلات والأغاني الشعرية وتنهض كلمات القصيد بمثل : " تخرفنت يوم شفتها " و يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.

‏نخشى أحيانا قول الحقيقة فقد تكون الحقيقة مخجلة في نفض سلبيات لهذه المعتقدات الخائبة و تحمل دائماً هذه المرأة أخطاء مالم تتحرر من هذا اللقب، مؤلم أن نذيع للعالم أن المرأة هي السبب وما هي إلا حالة انهزامية في إعلان قانون " خرفنة " المولود لدينا فقط وكأنها هي من شغَل المجتمع والتقدم وسبب إفلاس وهزائم الأمم! فيا شعب الله المختار مثلما يوجد امرأة "تخرفن" رجلاً وتستغله يوجد أيضا رجل يخرفن ويستغل ويهين ويطعن في شرف امرأة ولا حياة لمن تنادي حينما ننادي بقانون يحمي المرأة من كل ذلك، ولكن يبقي السؤال هل هذا القانون (الخرفنة) ينطبق على الرجل وإلا فقط مصمم لحماية الرجل ليستكمل بقية الممارسات والتحرش بهن.