(اُقسم بالله العلي العظيم،أن اؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية، بتفانٍ واخلاص، وان احافظ على إستقلال العراق وسيادته، وارعى مصالح شعبه، وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي، وان أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة، وإستقلال القضاء، والتزم بتطبيق التشريعات بامانةٍ وحياد، والله على ما اقول شهيد) (المادة 50 من الدستور العراقي). 

النص أعلاه هو القسم الدستوري الذي أداه الوزراء والنواب الكُرد ورئيس الجمهورية الدكتور (محمد فؤاد معصوم) بعد ان فاز بأغلبية الأصوات داخل قبة البرلمان العراقي. 
بهذا القسم الدستوري المكون من (48 ) كلمة بالتَّمام والكمال بدأ السيد (معصوم) قيادة العراق واصبح ثاني رئيس كرُدي في تاريخ العراق، بعد الرئيس المنتهية ولايته السيد جلال طالباني.
وهنا لا أريد ان أتطرّق الى دور السيد (معصوم) والقيادة والشخصيات السياسية الكُردستانية ومشاركتهم الفعالة و(بمحض إرادتهم وشدة رغبتهم) في بناء العراق الجديد عقب سقوط نظام الطاغية صدام حسين, ولا أريد ان اناقش دورهم في كتابة الدستور العراقي، هذا الدستور الذي صوت عليه اكثرية الشعب العراقي، ولا أريد ان أتطرّق الى التوافقات البائسة منها التنسيق واصطفاف القيادة الكرُدية وراء ( نوري المالكي ) وتايدها الحاسم لطموحات (المالكي) لتولي الحكومة لفترة ثانية بعد أن وعدهم (المالكي) باقتسام السلطة وتسوية وضع المناطق المتنازع عليها بين (بغداد و هه ولير ), ولا أريد ان انتقد أداء النواب والوزراء الكُرد وفشلهم في إنجاز مهامهم ومسؤولياتهم الوطنية وسكوت قادة احزابهم عن تخبّطهم وفسادهم، وحتى لا أطيل على القراء الكرام، اُريد هنا فقط ان اقف على نقطة مهمَّة وهي: 
لم يبقى على موعد اجرء الإستفتاء الشعبي على مصير الإقليم سوى 39 يوم بالتَّمام والكمال ( طبعا إن لم يتم تاجيله في الوقت الضائع idle time)، فأيامٌ معدودة تفصلنا عن موعد أجراء الإستفتاء ولايزال السيد (فؤاد معصوم ) الذي هو رئيس العراق ورمز وحدة الوطن و يمّثل سيادة البلاد و يسهر على ضمان الالتزام بالدستور العراقي والمحافظة على إستقلال العراق وسيادته يشغل اعلى منصب في الدولة, اضافة الى نواب الكتل الكُردستانية والوزراء ووكلاء الوزارات والسفراء والمدراء العامون وكبار الضباط في القوات المسلّحة العراقية والأجهزة الأمنية الأخرى يشغلون لحد كتابة هذه الكلمات مكانة رفيعة في إدارة الشؤون البلد ويسهرون على سلامة ارض وسماء ومياه وثروات العراق ويحرصون على الوحدة ولم الشمل العراقي. 

نسأل ممثلي الاحزاب الكرُدستانية في بغداد(باستثناء حركة التغيير): إلى متى ستظلون تكيلون بمكايل غير متوازنة و قائمة على المحسوبية والقرابة والنفعية والمصالح الحزبية والشخصية الضيقة، على سبيل المثال لاالحصر، تصوتون بـ(نعم )في الخامس والعشرين من سبتمبر المقبل لإنفصال إقليم كردستان،وفي نفس الوقت تتناسون بانكم اقسمتم امام الله و امام الجميع ان تحافظوا على إستقلال العراق وسيادته (المادة 50 من الدستور العراقي )، وان تحافظوا على حقوق ومصالح الشعب وأن تحترموا القانون الأساسي، وأن تقوموا بواجبكم حق القيام؟ 

كيف تفسرون هذه الازدواجية، من جهة تطردون كوادركم الحزبية في الإقليم من عضوية احزابكم على خلفية اشتراكهم بحراك يدعو الى التصويت بـ"لا" (للإستفتاء في الوقت الحالي)، كما حدث مع النائب في البرلمان الكُردستاني السيد (فرهاد سنكاوي) الذي طُرد من صفوف الاتحاد الوطني الكرُدستاني ومن الكتلة البرلمانية، على خلفية مشاركته ضمن الحراك للتصويت بـ"لا" لإنفصال كرُدستان عن العراق في الإستفتاء المزمع اجراؤه يوم 25 من شهر أيلول المقبل، بعد ان أعلن ( الاتحاد الوطني ) موقفه وبغالبية أصوات المجلس القيادي عن دعمه لإجراء الإستفتاء في إقليم كرُدستان، ومن جهة ثانية تشاركون بالكامل في حكومة العبادي و كأن شيئأ لم يكن، وتحرصون على عدم مخالفة أي قانون ومراعات وتأمين مصالح الناس والمصلحة الوطنية العامة؟ 

اقول لكم مخلصأ: أمامكم الان خيار من اثنين لا ثالث لهما: أما التراجع والانسحاب الفوري من بغداد، وأما البقاء في بغداد والعمل على إيجاد مناخ من الثقة المتبادلة والبحث الجدي عن علاقات متوازنة، مستقرّة،عميقة وراسخة بين الطرفين. 

بمعنى آخر، حان الوقت لتختاروا بين (الفيدرالية اوإنفصال كردستان)، على الاقل للحفاظ على مصداقيتكم وسمعتكم و أمانتكم الشخصية والاخلاقية والوطنية تجاه شعبكم وناخبيكم الذي أولاكم ثقته من جهة، وصدقكم مع انفسكم ومع( قسم الولاء للدولة العراقية ) الذي اديتموه والذي لايقبل الاجتهاد والتفسير، فهو (عقد وعهد). 

اخيرا، أسمحوا لي ان اوجه كلامي أولأ إلى الرئيس العراقي السيد ( معصوم ) لموقعه الدستوري وصلاحياته القانونية وإلى كل المسوؤلين والنواب الكُرد في بغداد ومن باب مسؤوليتهم السياسية والاخلاقية والوطنية العامة نقول: لقد ولّى وقتُ اللعب على الحبلين، احرصوا على مصداقيتكم والتزامكم ولاتحنثوا باليمين الدستوري الذي اقسمتم عليه، ولا تكيلون بمكيالين، فإما ان تلتزمون بالدستور والوعود التي قطعتموها للعراقيين بدون استثناء وتقومون بالواجب الذي أملاه عليكم القسم الذي أقسمتم على الحفاظ على استقلال ووحدة وسيادة العراق، أو تعلقون فورا عضويتكم وتتركون مناصبكم الحكومية وتنسحبون من المشاركة الفعلية في قيادة العراق وتفكون الارتباط رسميا وعلنيأ مع بغداد وتحافظون على مصداقيتكم امام الشعب والوطن، وذالك للمضي بمشروع الإنفصال وتحقيق الحلم الكُردي بإقامة دولة كُردستان.