يُثار جدل كبير بين مستخدمي الهواتف الذكية يجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، بمنصاتها المختلفة، عقب انتهاء كل مؤتمر او حدث تقني يتم من خلاله الاعلان عن هاتف جديد لإحدى الشركات العالمية الكبرى التي تتنافس فيما بينها للسيطرة على سوق الهواتف الذكيّة في العالم.

 النقاش تفجر هذه الايام بعد اعلان شركة ابل، في الثاني عشر من هذا الشهر، عن اطلاق منتجات جديدة تضمنت ٣ هواتف وساعة وتلفازا، وذلك بعد بضعة ايام من اطلاق منافسها الاكبر شركة سامسونج جالاكسي نوت 8 بعد الفشل المفاجئ الذي تعرض له نوت 7 العام الماضي، ومن المؤكد ان هذين الحدثين كفيلان بفتح نقاشات وجدالات قد تستمر بضعة اشهر ولا تتوقف بعد فترة وجيزة . 

اغلب الجدل المحتدم الدائر بين مستخدمي كلا النوعين من الاجهزة لايُدرك بعض الحقائق التي يجب ان توضع في الحساب اثناء محاولة اجراء مقارنة بين الايفون والنوت او بين الاجهزة الهاتفية لابل والسامسونج ، وهي الحقائق التي ستلقي للمستخدم مزيدا من الضوء حول مجمل الصفات المتعلقة بهذه الاجهزة، وستساعد، بلا شك، على الاجابة عن السؤال التقليدي القديم الحديث القائل: ايهما افضل السامسونج ام الايفون؟

هذه الحقائق عبارة عن اضاءات تُعبّد الطريق لكي تعرف اي الهاتفين مناسب للمستخدم، وليس ايهما افضل من الآخر! ، فالقضية، وسأقولها قبل الدخول في التفاصيل، هي مدى مناسبة الجهاز للمستخدم وتعوده عليه وليس افضل !، وبذلك سوف أقوم بقراءة هذا الصراع، ان صح التعبير، على نحو مختلف لما هو عليه الان، وذلك طبقا للآتي :

اولا: بعض المستخدمين يتعامل، مع الاجهزة او عندما يقوم بالمقارنة بينهما، بطريقة حسابية رياضية بحتة اعتمادا على المواصفات المكتوبة التي تعلن عنها الشركة مع الجهاز... فيتحدثون عن ارقام تتعلق بحجم الشاشة، وضوحها، كثافة الالوان، حجم الذاكرة العشوائية ، سرعة المعالج ، الوزن ، نوع الكاميرا ودقتها ، وجود ذاكرة خارجية وحجمها، البرمجيات المستخدمة فيها ( النوت / نوغا Nougat من أندرويد ) والايفون ( نظام تشغيل آبل للأجهزة المحمولة iOS ، ساعات عمل البطارية ، طريقة فتح الشاشة سواء كانت Face ID او بطريقة قزحية العين . 

وفي هذا خطأ كبير وتضليل واضح وابتعاد عن الدقة ... فحسابات الحقل غير حسابات البندر ! وسمات الجهاز الحقيقية، من وجهة نظري ، تتأتى بعد عدة أسابيع من استعماله حينما يدخل معترك التجربة والظروف الخاصة بكل مستخدم، وليس حينما تعرضه الشركة في يوم الاعلان عنه وهو بين يدي المدير التنفيذي لها ، فمثلا تقول السامسونج ان النوت8 يبقى لمدة 30 دقيقة في عمق متر ونصف ! والايفون Xيبقى نفس المدة لعمق متر ، بينما تشير التجارب الواقعية الى بقاء الاجهزة تعمل لعمق اكثر من 40 متر، وهذا يعني ان الأرقام النظرية المتعلقة بالجهاز شيء والواقع التجريبي شيء آخر.

ثانيا : احتياجات المستخدم للجهاز والغرض من اقتنائه تؤثر بشكل كبير ، ان لم اقل بشكل حاسم ، في تقييم الجهاز ومعرفة خصائصه الحقيقية، ومدى مناسبتها لحاجاته ام لا، ومن الطبيعي ان الاغراض التي من اجلها يقتني الناس الهواتف الذكية مختلفة وتتنوع بحسب عدة عوامل اهمها ثلاثة :-

  1.  طبيعة عمل الشخص ومدى ارتباط الهاتف به.
  2. طبيعة اهتمامات الانسان وهواياته ورغباته.
  3.  عمر الشخص المستخدم للجهاز.

 

فطبيعة الحكم على الهاتف الذي تستخدمه ربة البيت تختلف عن الهاتف الذي يستخدمه صحفي يتعامل مع مجموعات تطبيقات التراسل الفوري من اجل استقبال الاخبار، والهاتف الذي يستخدمه طالب الجامعة لا يمكن ان يشبه في اغراضه الهاتف الذي يمتلكه رجل متقاعد.

ومن الممكن ان ترى بوضوح عبث الجدل بين شخصين حول ايهما يمتلك هاتفا افضل، مع ان الاول صحفي يعتمد على تطبيقات التراسل الفوري من واتساب وتيلغرام وفايبر ، ومواقع التواصل الاجتماعي من فيسبوك وتويتر وانستغرام ، بينما الثاني طالب مراهق كل همه اخر الاغاني في تطبيق اليوتيوب والمزرعة السعيدة وبرامج الالعاب من النوع الذي يرغب فيه ! وبذلك تصبح المقارنة غير صحيحة لانها ليست مبنية على اساس صحيح.

ثالثا:

النظام التشغيلي للجهاز يعد عاملا ضروريا، احيانا ، في تقييم الهاتف ومنحه الافضلية على غيره، ومن الطبيعي ان الحكم على الايفون لايمكن ان يكون منعزلا عن نظامه التشغيليiOS ، وكذلك الحال بالنسبة لأجهزة سامسونج التي تعمل بنظام الاندرويد بنسخه واصداراته المختلفة، واعتقد انه لايوجد شخص ممكن ان يجازف ويقول ان نظام الاندرويد الذي تعمل به هواتف السامسونج هو افضل من نظام iOSالذي تعمل عليه اجهزة ابل ... فالنظام الاخير متفوق على الاندويد من ناحية الامان والاتزان والتماسك وعدم الاختراق الامني، ولكن هذه الافضلية ايضا ليست مطلقة ! وحاكمة في حقيقتها على الجميع، فالامكانيات التي يمنحها الاندرويد لمستخدمي الاجهزة العاملة به تُعد سببا اساسيا لتفضيله من قبل الآلاف من المستخدمين الذين يرون في هذا النظام التشغيلي مايُشبع رغباتهم وما يريدونه.

ووفقا لما جاء أعلاه ...نستطيع ان نعتبر ان سمات الهاتف الواقعية اثناء الاستخدام، والغرض من استعمال الجهاز ، بالاضافة الى النظام التشغيلي له، عوامل مهمة تحدد مدى مناسبة كل جهاز لمستخدم ما وليس ايهما الأفضل ! ... وعند هذه الحقيقة البسيطة ممكن ان ينتهي الجدل بين المستخدمين حول هذا الموضوع الشائك.

باحث في مجال السوشل ميديا