الأستاذ الجامعي هو العنصر الأهم في تطوير التعليم....فلا جدوى من توفير جامعة عصرية من ناحية المباني والمناهج والمعامل وتحقيق معايير الجودة في غياب أستاذ قادر على تعظيم الاستفادة من هذه الإمكانيات في تنشئة جيل من الخريجين يمتلك ملكات الإبداع في مجالات تخصصه وليس فقط الفهم الجيد للتخصص نظريا وعمليا.

لتحقيق هذا الاستحقاق الهام جدا نحتاج إلى تصنيف الأساتذة إلى ثلاثة: أستاذ محاضر باحث، أستاذ محاضر فقط، أستاذ باحث فقط، بحيث يتولى عمليات التدريس النوع الأول ويمكن إشراك النوع الثاني تحت إشراف النوع الأول، أما النوع الثالث فلا يسمح له بالتدريس بل تكون مشاركته بحثية بالتعاون مع النوع الأول.

وفي جميع الأحوال يجب أن يخضع اختيار الأساتذة للمعاير الدولية من حيث الكفاءة العلمية، والأكاديمية، والتربوية. بمعنى أن يتم التعيين عن طريق مسابقات تنشر في الجرائد الرسمية المحلية والدولية ومن خلال نشرات وزارة الخارجية من خلال السفارات في الخارج. ومن تنطبق عليه الشروط هو الذي يتم تعينه حتى ولو كان من موزمبيقأو بنجلاديش!!! ويجب على الدولة أن توفر الميزانية اللازمة لمرتبات أعضاء هيئات التدريس الأجانب بالعملة الصعبة باعتبار أن هذا الدعم بالعملة الصعبة لا يقل أهمية عن توفير رغيف الخبز بل يزيد في الأهمية لأن إصلاح التعليم سوف يؤدي في النهاية إلى إصلاح كل المجالات الأخرىويوفر ليس فقط رغيف الخبز بل العملة الصعبة أيضاً.

وحتى تكون الأولوية للأساتذة المحليين يجب أن يدعم نظام البعثات العلمية للخارج بميزانية تسمح بإرسال المزيد من الطلاب... على أن تكون البعثات بدءً من معيد أي بعد التخرج مباشرة ولا توجد ضرورة للانتظار حتى يحصل على درجة الماجستير من الجامعات المصرية فتتناقص عنده الفترة الزمنية التي من الممكن أن يقضيها في الجامعات الأجنبية لزيادة الخبرات العلمية. ويجب أن تختار الجامعات الأجنبية التي نرسل إليها أبنائنا من ذوات السمعة والمكانة وليس مجرد جامعة وخلاص.. لأن هناك أيضا توجد جامعات ليست على المستوى حتى المصري....

عند عودة المبتعث إلى أرض الوطن حاصلا على شهادة الدكتوراه يجب أن يخضع لاختبار أمام لجنة استماع من ثلاثة أعضاء: الأول أستاذ في التخصص والثاني أستاذ في طرق التدريس والثالث أستاذ علم نفس. فإذا اجتاز الاختبار بنجاح وكان فاهما واعيا بمفردات التخصص ومستوعبا نظرياته وبراهينه، وتبين سلامة قواه النفسية من ناحية التواصل الاجتماعي، ويستطيع التعامل مع الطلاب بطريقة تحببهم في المادة وقادرا على توصيل المعلومة ليس نقلا من بعض الورقات (وهي مهمة ممكن أن يؤديها الفراش او العامل) وإنما عن طريق الشرح والتوضيح والنقاش والأسئلة والأجوبة والتفاعل التعليمي والعلمي المتعارف عليه عالميا. 

عندئذ يسمح له بتدريس المحاضرات. وإلا فأمامه لآ يقل عن ثلاثة سنوات تحت التدريب والملاحظة يقوم أثناهابتدريس التمارين العملي فقط تحت اشراف أستاذ متخصص. فإذا فشل يمنع من التدريس الجامعي ويشارك في فريق عمل بحثي في الكلية فإذا نجح في البحث العلمي يصنف ضمن المجموعة البحثية فقط وإذا فشل يطرد من العمل الجامعي ويتحول إلى عمل مناسب تحدده له الجهات المختصة.

وللاستفادة من نتائج البحث العلمي الذي تفرزه الجامعة يجب ربط الجامعة بالصناعة من خلال خطة مدروسة بحيث لا يسمح لأي مصنع أو مؤسسة صناعية حكومية أو خاصة أن تمارس نشاطها إلا بعد توقيع عقود شراكة مع إحدى الجامعات وتوضع لذلك اللوائح المالية المنظمة.

على أن يقوم فريق الباحثين بالجامعة بالعمل على تطوير الصناعات القائمة في المؤسسة الصناعية الوطنية المبرم معها عقد الشراكة والتعاون العلمي والتكنولوجي وكذلك يسهم في حل المشاكل التنافسية التي تواجهها في السوق العالمي. هذا، ويمكن إشراك الطلاب في هذه المشاريع في مقابل مادي يساعدهم على إكمال تعليمهم علاوة على إكسابهم الخبرات التدريبية الضرورية.