أعتقد كثيرون أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ساذج، إن لم نقل جاهل وأرعن، في مجال السياسة الخارجية. ففي الأشهر الأخيرة من ولايته الأولى قام الرئيس ترامب بعدة خطوات، وصفها البعض بأنها تراجيدية وكارثية لم يسبق لها مثيل في تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية والتي تحدت العرف العام والممارسات المألوفة في هذا المجال سواء بين المراقبين والمحللين السياسيين والاستراتيجيين الدوليين، أو بين مستشاري الرئيس ترامب أنفسهم والتي بدت في نظر الرئيس الأمريكي بمثابة إنجازات كبرى وانتصارات كبيرة مثل اعترافه بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل ومن ثم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس متجاهلاً تبعات وانعكاسات وتداعيات مثل هذا الموقف على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، وإنه قد يتحول إلى حرب دينية تأكل الأخضر واليابس. وبعدها قرر منفرداً الخروج من الاتفاق النووي مع إيران والذي تفاوضت عليه سنوات طويلة أطراف دولية فاعلة ومؤثرة كالاتحاد الأوروبي ولجنة الطاقة الدولية ومجلس الأمن. وكذلك قراره في إشهار الحرب الإقتصادية على الصين والاتحاد الأوروبي وفرض تعرفة جمركية على الصادرات الصينية والأوروبية إلى أمريكا متجاوزاً قوانين منظمة التجارة العالمية. وبالطبع لا ننسى، بعد تهديدات جوفاء لكوريا الشمالية، قراره بمقابلة رئيس كوريا الشمالية كيم يونغ سن.

وفي طريقه لفرض سياسته هذه تخلص من ابرز مساعديه ومستشاريه ووزرائه، حتى الأكثر أرثوذوكسية مثل مستشار الأمن القومي ماك ماستر& والمستشار الاقتصادي غاري كوهين ووزير الخارجية ريكس تيلرسون وتحييد وزير الدفاع جيمس ماتي فهو لا يعتقد بأنه ملزم للاستماع لهؤلاء الأشخاص فهم ليسوا أجدر وافهم منه في قضايا السياسة الخارجية والاقتصادية والاستراتيجية والعسكرية، فقرر الاستغناء عن مشورتهم وإن كل شيء جرى على مايرام كما أراد هو أن يتم وفق رؤيته وتصوره الشخصي. فلقد حدثت الأمور بطريقة جعلته يعتقد أنه كان على حق ومنحته ثقة زائدة بالنفس وخاصة طريقته بالاعتماد على حدسه الشخصي، كما رد ذلك في مقال في صحيفة الواشنطن بوست في عددها لشهر آيار الماضي. وهذا رهان عبثي إن لم نقل خاسر سلفاً.&

من المؤكد أن ترامب يحب التصرفات والأفعال الدراماتيكية المثيرة ليثير إعجاب ناخبيه ومؤيديه لذلك فهو مستعد لتحدي الانتقادات أياً كان مصدرها ويقوم بإهانة سابقيه من الرؤساء الأمريكيين. فالدخول في تفاصيل& أو تقويم مسبق لتصرفاته وقراراته ومناقشة تداعياتها أمر لا يرغب فيه على الإطلاق وبالتالي بات يواجه معضلات قانونية وديبلوماسية كثيرة. ودخل في مهاترات كلامية عبر التويتر مع رجل الأعمال &هارلي دافيدسون &الذي أعلن أنه سوف ينقل جزء من إنتاجه إلى خارج الولايات المتحدة الأمريكية بسبب الضرائب التي يريد ترامب فرضها على الاتحاد الأوروبي، وكذلك خلافه مع منظمة الأوبك لأن قوانين إقتصاد السوق& لا تذعن لرغباته وإرادته، ولرفض المنظمة رفع سقف إنتاجها من أجل خفض أسعار النفط، وهناك أسباب لارتفاع أسعار النفط عالمياً بسبب تردي الأوضاع في ليبيا والعقوبات ضد فنزويلا وإيران وتهديد ترامب لكل من يشتري النفط الإيراني ويتعامل مع إيران حيث تمثل صادرات إيران للنفط 2%&من مجمل الإنتاج العالمي للنفط وهو يحاول بالقوة والترهيب& والابتزاز أن تهبط هذه النسبة إلى الصفر مما سيؤثر على السوق النفطية العالمية ويجبر أعضاء في أوبك على رفع سقف إنتاجهم وخاصة العربية السعودية والعراق لتعويض النقص الناجم عن نسبة الإنتاج النفطي الإيراني ويبدو أنه راهن على علاقاته الشخصية المتميزة مع العربية السعودية ونفوذ بلده الكبير في العراق لتحقيق هذه المعادلة الغبية.ولا يعرف كيف بغطي على فشل مبادرته الديبلوماسية في اللقاء مع الرئيس الكوري الشمالي الذي توقع منه أنه سيقبل الشروط الأمريكية بلا نقاش لنزع سلاح كوريا الشمالية النووي وهذه سذاجة دبلوماسية حيث خرج الرئيس الكوري الشمالي منتصراً مزهواً دون أن يقدم شيئاً بالمقابل جراء اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية به وبزعامته ودوره الإقليمي فوعود التطبيع والانتعاش الاقتصادي لكوريا التي قدمتها أمريكا لم يتحقق منها شيء لحد الآن وهذا ما كان يتوقعه الكوريون الشماليون. فلقد بدا ذلك واضحاً عندما زار وزير الخارجية& الأمريكي الجديد، وهو من الصقور المتشددين، مايك بومبيو، كوريا الشمالية من أجل وضع الخطوات العملية وآلية تجريد كوريا من سلاحها النووي، أن الكوريين غير مستعدين للمضي فوراً وبدون ضمانات، شبه تعجيزية، للبدء بتقليل الترسانة النووية الكورية الشمالية. ولم ينفجر ترامب غاضباً بعد ضد كيم يونغ سن لكن رباطة جأشه لن تدوم طويلاً إذا ما توفرت لديه الأدلة على عدم التعاون الجدي من جانب كوريا الشمالية مع دعوته لتجريد شبه الجزيرة الكوبية برمتها من الأسلحة النووية. بومبيو ليس الوحيد من كبار المسؤولين في إدارة ترامب الذي يحاول التقليل من الأضرار الناجمة عن الحماقة الديبلوماسية للرئيس ترامب، فصهره جاريد كوشنر أختاره ترامب كمبعوث خاص للشرق الأوسط& ومعه جاسون غرين بلات حيث &قاما بزيارة لإسرائيل ولمصر وللعربية السعودية لجس نبض هذه الدول الثلاثة بخصوص ردود الفعل حيال خطة السلام التي صاغها ترامب بإشراف صهره للشرق الأوسط والتي لا تمتلك أدنى الحظوظ للتطبيق& أو القبول بها من قبل الفلسطينيين والعرب والمسلمين إلى درجة أن الزعماء الفلسطينيين رفضوا استقبال جاريت كوشنر عند زيارته لإسرائيل، لا هو لا غيره من مسؤولي الإدارة الأمريكية. فمنذ قراره المتسرع في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس فقد كل الفرص الممكنة لتسويق خطة للسلام في الشرق الأوسط فهو يفضل تحقيق النصر السياسي القصير الأمد على التقدم الديبلوماسي البطيء& الطويل الأمد.&

اجتمعت دول البريكس، روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل، وربما بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، لمواجهة تداعيات الحرب التجارية التي يشنها ترامب على الجميع. ولقد لوحظ التوتر في كافة اللقاءات والقمم الدولية التي شارك فيها ترامب مؤخراً واستياء الجميع المكتوم من تصرفاته وتصريحاته الاستفزازية وتقلبات قراراته ومواقفه المزاجية بين ليلة وضحاها. سواء مع الزعماء الصينيين أو مع فلاديمير بوتين خلال شهري حزيران وتموز المنصرمين. ترامب يبحث عن الأضواء& والتغطية الإعلامية الدولية كما تقول وكالة الآسوشيتيدبرس ولقد بذل ماك ماستر وتيلرسون جهوداً مضنية لإقناع ترامب بعدم غزو فنزيلا، ولكن من الذي سيمنعه في التورط في مواجهة عسكرية مع إيران؟ فهو يجهل كلياً آليات وأسرار وقوانين السياسة الخارجية والديبلوماسية العالمية والقوانين الدولية التي تحكم لعبة الأمم ولقد تجلى ذلك بوضوح في تعاطيه مع الملف السوري والتعامل مع الحليف التركي العضو في منظمة حلف شمال الأطلسي الناتو بعنجهية واستعلاء وتهديد مبطن، بل ومع الحلف الأطلسي نفسه الذي وصفه بأنه مكلف جداً للولايات المتحدة الأمريكية ولافائدة منه وعلى الأوروبيين أن يؤمنوا بأنفسهم حمايتهم وقوتهم الاستراتيجية الرادعة. منذ حملته الانتخابية عام 2016 وهو يردد أن الصين تنتهك وتغتصب الاقتصاد الأمريكي وتسرق موارده وفي نفس الوقت يصف الرئيس الصيني بالعبقري والذكي& المليء بالحكمة الجيوسياسية. ويبدو أن ترامب لايقدر& أهمية ودور الصين في رسم سياسة كوريا الشمالية وحمايتها فهي الوحيدة التي تستطيع التأثير على الرئيس الكوري الشمالي النزق وحكومته ونظامه لكنها لم ولن تفعل ذلك للولايات المتحدة الأمريكية المديونة للصين بمليارات الدولارات على شكل سندات الخزينة السيادية الأمريكية التي تمتلكها الصين وبإمكانها التسبب فوراً في إفلاس الخزينة الأمريكية لو أردات ذلك. لكن الصين تعرف خطورة وتداعيات إطاحة النظام الكوري الشمالي الموالي لها والمعتمد عليها لأن من شأن ذلك خلق فراغ داخلي وفوضى عارمة وطوفان من اللاجئين الكوريين على حدودها الشرقية وخلق أزمة إنسانية وهي بغنى عن مثل هذه المشاكل إلى جانب ماسيؤدي إليه ذلك من تعزيز لقوة كوريا الجنوبية وربما تواجد القوات العسكرية الأمريكية بالقرب من أراضيها. ولقد تمكن الرئيس الصيني في بضعة دقائق من إقناع ترامب الساذج بوضع كوريا الشمالية وخصوصيتها وتعقيد وضعها. فالقادة الكوريين الشماليين، من الأب المؤسس كيم إيل سونغ& مروراُ بإبنه كيم يونغ إيل وانتهاءاً بحفيده كيم يونغ سن، على رأس& الدولة ويعون أهمية كوريا الشمالية للصين وفائدة هذه الأخيرة ببقاء النظام الكوري الشمالي ودولة كوريا الشمالية، فهذه العائلة الحاكمة عرفت كيف تلعب على التناقضات بين القوى الاستراتيجية الكبرى دون أن تتنازل عن شيء لصالحها. فترامب& لم يستسغ سياسة سلفه أوباما تجاه كوريا الشمالية وهي سياسة وصفها بالصبر الاستراتيجي الطويل والمنهك بعد فشل سياسة الإحتواء& التي سنها واتبعها الرؤساء السابقون للولايات المتحدة الأمريكية. ولقد صرح ترامب في مقابلة له مع جريد فاينانشيال تايمز أنه يعلم بأن الصين حاولت بطريقتها حل المشكلة الكورية الشمالية لكنها لم تنجح وبالتالي بات على الولايات المتحدة الأمريكية التكفل بنفسها بهذا الملف وهدد بأنه إذا لم تحل الصين هذه المشكلة فسوف يحلها هو بنفسه و بطريقته الخاصة، وكانت طريقته الخاصة تقديم النازلات والقبول بلقاء الرئيس الكوري الشمالي دون أن يحقق شيئاً يذكر مقابل ذلك. هناك معلومات سرية تشير إلى أن ترامب طلب من وزير دفاعه جيمس ماتيس إعدادا خيارات عسكرية لحل القضية الكورية الشمالية والحال أن وزير الدفاع أوضح لرئيسه أن أياً من تلك الخيارات غير مجدي وغير مؤهل أن ينتهي نهاية جيدة. وترامب ليس أول رئيس يواجه هذه المعضلة الكورية الشمالية ويضع نصب عينيه الخيار العسكري الحاسم، فقبله ريتشارد نيكسون الذي أسقط طائرة تجسس كورية من طراز&EC-121، وليندون جونسون الذي هدد وأربد بعد أسر كوريا الشمالية لسفينة أمريكية&Pueblo، وبيل كلينتون، وجورج بوش الإبن الذي وصف كوريا الشمالية بأنها إحدى دول محور الشر وراودته فكرة تكرار السيناريو العراقي بعد إطاحته نظام صدام حسين عسكرياً بواسطة الغزو العسكري حيث صرح نائب الرئيس الأمريكي آنذاك ديك شيني" نحن لا نتفاوض مع الشر بل ندحره" لكن لم يتجرأ أحد على المضي إلى ابعد من ذلك لما توقعوه من نتائج كارثية تزعزع السلم العالمي، وقد تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة. فقبل نجاح كوريا الشمالية في صنع ترسانة نووية مثيرة للقلق، كانت تمتلك منظومة صواريخ معبئة بالمواد الكيميائية والبيولوجية والجرثومية صفت على الحدود الكورية الجنوبية وقادرة على إصابة اليابان الحليفة للولايات المتحدة بل وإصابة الآلاف من الجنود الأمريكيين وبالتالي يمكن أن تكون الخسائر بالملايين من عسكريين ومدنيين، من هنا لم يكن هناك أمام ترامب من خيار سوى الخيار الديبلوماسي لإقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن سلاحها النووي وهي لن تفعل ذلك قطعاً لأنها قوة الردع الوحيدة التي تمتلكها وأمامها المثال الليبي والعراقي شاخصاً.

يتصف كلام وسلوك ترامب بالطفولية والسذاجة والنرجسية، فهو تارة يتهم سياسة أوباما بأنها ولدت شعوراً بتخلي الولايات المتحدة عن حلفائها وتركهم عراة أمام القوى الغاشمة والمهددة ‘ وفي نفس الوقت يهدد بالخروج من حلف الناتو والتخلي عن حلفاؤه الآسيويين والأوروبيين إذا لم يرفعوا ميزانياتهم الدفاعية، وإن أولويته هي إلحاق الهزيمة بداعش ولكن ليس مجاناً وعلى الآخرين تقدير وتثمين ما تقدمه الولايات المتحدة لهم :" لأننا إذا كنا طيبين معهم فعليهم أن يكونوا طيبيين معنا". فكل شيء تقوم بهم أمريكا يجب أن يكون له ثمن.. وإذا شنت أمريكا حرباً على إيران فعلى الخليجيين دفع فواتيرها. وهو من جهة لايريد التعاون والتنسيق مع دول عظمى كروسيا في ملفات تخصهما معاً كالملف السوري& الشائك، وفي نفس الوقت يدعو إلى الإنفراج وإزالة الوتر في العلاقات. وهو لايتوقف عن ترديد جملة أن إيران خرقت الاتفاق النووي وإنه أسوء اتفاق أبرمته المجموعة الدولية مع هذه الدولة المارقة لكنه لا يقدم أي دليل على كلامه و لا يذكر كيف خرقت إيران التزاماتها الدولية. وإن تقاعس أو إهمال سلفه أوباما جعل من إيران قوة إقليمية قوية ومهددة، وبالتالي يقول أنه لن يسمح لإيران بتطوير سلاح نووي وسلاح الصواريخ البعيدة المدى القادرة على حمل قنابل نووية والاستمرار في لعب دول الجندرمة والتدخل في قوس الأزمات في سوريا والعراق واليمن والبحرين ولبنان وفي الشأن الخليجي الداخلي وتهديد دول الجوار، وبالأخص تهديدها لأمن وسلامة إسرائيل. فهو يعترف مزهواً إنه لم يفتح أبداً في حياته كتاباً في التاريخ ومع ذلك يصرح قائلاً أن العالم بات اليوم أخطر بكثير مما كان عليه في الأمس أو في أي وقت مضى. وهذا تصريح عبثي وغبي، مثل عبثية تصريحه أثناء حملته الانتخابية : لو تم إنتخابي فسوف أزيل داعش من الوجود بسرعة كبيرة جداً " ويدعي أنه سوف ينهي الديون الأمريكية لكنه لم يقل كيف سيحقق ذلك. ورفع شعار " أمريكا أولاً" وهو شعار أطلقه عام 1940 شارل ليندبيرغ ضد الرئيس فرانكلين روزفلت وأعلن حينها أنه يريد أن يبقى بلده محايداً وإنعزالياً إبان الحرب العالمية الثانية بالضد من سياسة روزفلت التدخلية. ويبدو أن ترامب& لا يملك مستشارين كفوئين في المسائل الدفاعية والاستراتيجية &لذلك يبدو جاهلاً و لا يعرف شيئاً عن السياسة الخارجية وكواليسها.

هل ستكرر أمريكا نفس أخطائها في العراق ولكن هذه المرة في إيران؟ بعد مرور 15 سنة على الغزو الكارثي الأمريكي على العراق وتداعياته المأساوية، يحذر مهندس الدعاية &للحرب على العراق لورنس ويلكرسون ليبررها ويسوقها إعلامياً، من مغبة تكرار نفس الأخطاء الفادحة في إيران والتي ستنعكس ميدانياً على حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة المحيطة. وهذا الشخص كان مساعداً لكولن باول وعمل جاهدا لكي يكون خيار الحرب هو الخيار الوحيد الممكن حيال العراق كما تبين ذلك في المداخلة المثيرة للسخرية التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي آنذاك في الأمم المتحدة عام 2003. ولقد اتهم لورنس ويلكيرسون إدارة ترامب بتأجيج الوضع وتصعيده ونشر الخوف لدى المواطن الأمريكي بنفس الطريقة التي فعلها فريق جورج بوش الإبن لكي يضمن تأييد الرأي العام الأمريكي لأي تحرك عسكري أمريكي لإطاحة نظام صدام حسين ولكن هذه المرة ضد إيران. ويفضح مساعي& السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هالي في ترديد أكذوبة أن إيران لا تطبق شروط قرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص &برنامجها& للصواريخ البالستية& وتدخلها السافر في اليمن بمساعدتها الميليشيات الحوثية الإرهابية، من خلال تقديمها صوراً من الأقمار الصناعية وبعض الأدلة التي فبركتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية سي آي أ لدعم اتهاماتها لكنها قرائن وأدلة غير مقنعة وغير دقيقة. وحذر لورنس ويلكيرسون بأن الحرب ضد إيران لن تكون سهلة &، إذا ما اندلعت، فسوف تكون مختلفة تماماً عما كانت عليه في العراق." فلدى إيران أكثر من 80 مليون نسمة ولديها مواقع استراتيجية يصعب خرقها أو الوصول إليها ناهيك عن ضربها وتدميرها ما يجعل التحرك العسكري على الأرض الإيرانية أصعب بــ 15 إلى 20 مرة من زاوية التضحيات والخسائر المادية والبشرية كما جاء في افتتاحية كتبها هذا الخبير العسكري في صحيفة نيويورك تايمز في 5 شباط الماضي. فدول مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية تمثل أخطار أكثر جدية وآنية مما تشكله إيران على الأمن القومي الأمريكي. واتقد ويلكيرسون الإعلام الموالي الذي لايقوم بدوره بدحض وكشف الأكاذيب التي ترددها إدارة ترامب بهذا الصدد من قبيل إن إيران تعمل بالتعاون مع القاعدة ضد الولايات المتحدة الأمريكية مثل أكذوبة تعاطي صدام حسين مع القاعدة وتآمره معها ضد الولايات المتحدة الأمريكية حسب إدعاءات ديك شيني نائب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الإبن. فالبيت البيض يحث المخابرات الأمريكية على إيجاد دلائل على خرق إيران للاتفاق النووي المبرم بينها وبين المجموعة الدولية ما يبرر خروج الولايات المتحدة من ذلك الاتفاق التاريخي. واعتبار التظاهرات الاحتجاجية الأخيرة في طهران بمثابة بداية لتغيير النظام الإسلامي القائم وكل شيء يحدث يمكن أن يستخدم كذريعة لشن الحرب على إيران كخيار وحيد ممكن لا يوجد غيره، وكمثال على ذلك نشر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لوثائق قيل أنها عثرت عليها في منزل أسامة بن لادن تثبت تعاون ودعم إيران للقاعدة في حربها ضد الولايات المتحدة الأمريكية وهذا محض هراء وكذب وتزوير مفضوح، وأيضاً إدعاء سفيرة الولايات أمريكا في الأمم المتحدة نيكي هالي بنشر وثائق لا تقبل الدحض بأن الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون من اليمن على العربية السعودية هو إيراني الصنع، وهو نفس إدعاء الإدارة الأمريكية السابقة في زمن بوش الإبن بأن صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل، وبالتالي فإن إيران هي &الراعية الأساسية للإرهاب الدولي كما تدعي الولايات المتحدة الأمريكية &. وهل فكرت إدارة ترامب بتكاليف الحرب& المادية والمعنوية المالية والبشرية لدى الجانبين؟ يعتقد الإيرانيون أن فرض إحترام إيران هو المفتاح والاستراتيجية الصحيحة لإفهام الولايات المتحدة بأنها تغامر وسوف تخسر لو فكرت بضرب إيران وهي اللغة الوحيدة التي تفهما أمريكا أي الجدية والصرامة والحفاظ على عزة النفس.