عندما يجد اليأس طريقه للعقول والنفوس في التغلب أو التصدي لمشکلة ما&يمکن أساسا حلها، فإن العزم يتلاشى والمعنوية تنهار ويصبح الانسان مستسلما لقدر&صنعه بنفسه لنفسه! وقصة الانظمة الاستبدادية على مر التأريخ، هي قصة مکررة، عندما تخضع إرادة الاکثرية لإرادة أقلية لاتفکر إلا بنفسها.

المعادلة السلبية بخضوع إرادة الاکثرية لإرادة الاقلية،&عندما تحين اللحظة المناسبة ويعود الوعي الجمعي الى مکانه، فإن هذه المعادلة تصبح بمثابة قشة في مهب الريح وإن&ثورة العبيد التي قادها سبارتاکوس والثورة الفرنسية والثورة الروسية والثورة الايرانية، نماذج تثبت مانرمي إليه ونقصده.

في إيران، التي ثار الشعب في عام 1979، ضد الديکتاتورية الملکية وأطاح بها، لم يتصور بأن الامور ستٶول الى نظام جديد يفوق النظام الملکي في ظلمه وإستبداده وقهره&ومصادرته للحريات، وعندما کان في العهد الملکي الجهاز الامني المسمى السافاك والشرطة والجيش، فإنه وفي عهد النظام الاسلامي الذي خلفه صار هناك بالاضافة للجهاز الامني والشرطة والجيش، جهاز الحرس الثوري وقوات الباسيج واللذان هما خاصان بالدفاع عن النظام، وقد نجح هذا النظام"کام فعل النظام الملکي"، في إلقاء اليأس في العقول والنفوس بإستحالة التغيير والثورة وإسقاط النظام خصوصا بعدما سنوا قانونا غريبا من نوعه يدعى"قانون المحاربة"، أي محاربة الله حيث إن کل من يقف بوجه النظام يعتبر محاربا ضد الله ولذلك يجب أن يقتل!

الغريب في الامر بل وأکثر نقطة تلفت النظر إليها، هي إنه ليس الشعب الايراني قد دب اليأس في عقله ونفسه بإستحالة تغيير هذا النظام وانما حتى شعوب المنطقة والعالم، بأن تصوروا إسقاط هذا النظام ضرب من المستحيل منخدعين ومنبهرين بالاجهزة القمعية التي تحيط، في هذا الخضم، لم يکن هناك من يدعو للنضال من أجل إسقاط النظام ويصر على ذلك إصرارا سوى منظمة مجاهدي خلق،&التي کانت&العدو رقم واحد&للنظام الملکي مثلما هي نفس الشئ بالنسبة للنظام الاسلامي الحالي، وقطعا فقد کان الجميع ينظرون إليها إنها تسير وراء وهم لايمکن تحقيقه، وعندما کانت المنظمة تصر على إن&الشعب الايراني يغلي وإن لحظة الانفجار والغضب قادمة لامحالة، کان الجميع أيضا يتصورون إن المنظمة تفکر وتبني قصورا في الخيال، حتى جاءيوم 28 .12.2017، وهو&اليوم الذي أيقظ العالم من غفوته&عندما إستيقظ العالم على وقع إنتفاضة الشعب الايراني التي بدأت في مدينة مشهد ثم إنتشرت کالنار في الهشيم في سائر أرجاء إيران، وقد کانت المفاجأة الاکبر للعالم، ماصرح به الولي الفقيه، آية الله خامنئي بعد 13 يوما من الصمت المطبق&حيث أعلن بأن الانتفاضة من تخطيط وقيادة منظمة مجاهدي خلق!

لا الاجهزة الامنية ولا الشرطة ولا الجيش الايراني ولا الحرس الثوري قوات الباسيج بإمکانها أن تقف رادعا أمام غضبة الشعب الايراني ورغبته العارمة في تغيير الاوضاع من الجذور وإسقاط"جمهورية الملالي"،&الغارقة في الفساد وإن المعلومات المختلفة التي باتت تنشر&بخصوص تورط قادة النظام ومن ضمنهم قادة الحرس الثوري أنفسهم في عمليات الفساد واسعة النطاق ونهب وسرقة أموال الشعب الايراني، صغرت من حجم النظام&کثيرا&وسلبته بريق السطوة ورداء الهيبة الذي کان يتغطى به، والاهم من ذلك کله، إنه وعلى الرغم من کل الزعيق والصراخ من جانب الاوساط السياسية والاعلامية الرسمية في إيران، فإن الشعب ينأى بنفسه عن"أم حروب" روحاني وخامنئي، ويهتف بدلا من ذلك بشعار"عدونا هنا وليس في أمريکا"، ودعونا من شعار"الموت لخامنئي"و"الوت للديکتاتور"، والذي يثير السخرية کثيرا هنا، إن رجال الدين يتحدثون دائما عن الحياء والخجل وحتى يستخدمونه کسلاح نفسي ضد الناس، فأين خجلهم من هذه الشعارات؟&أم إن&الخجل&غير جائز أو حتى&محرم على رجال الدين؟