بدايةً، علينا ان نعترف بأننا، ككُرد، في كل أجزاء كُردستان، وبغض النظر عن الأسباب، ما زلنا نراوح في مكاننا في مجال &مُخاطبة الآخر. وقد يكون السبب في هذه المراوحة، سبب آيديولوجي وحزبي، أي طغيان نزعة التحزب على حساب الإنتماء للقومية أو &الوطن، وهذا، بطبيعة الحال، يؤثر على الدوافع السياسية والإستراتيجية في مُخاطبة الآخر، بل يُفقر الإرادة أصلاً للقيام بمهام من هذا القبيل.

&&وقد يكون السبب، راجع الى غياب الوعي السياسي، أي عدم التفاعل مع تجارب الأمم الأخرى والإفادة منها، بحيث نستوعب معه مقتضيات العمل السياسي المثمر والهادف في هذا المضمار، وتحقيق ما يمكن تحقيقه في تصحيح وتحسين الصورة النمطية، التي أنطبعت في مخيلة الكثير من الدول، بل الشعوب، عن الشعب الكُردي بفعل الآلة الإعلامية الدعائية ضد هذا الأخير.

&وقد يكمن السبب في إنعدام المعرفة العملية أيضاً، أي إدراك &أستراتيجيات العمل على إنتاج المعرفة عن الآخر، فمن البديهي القول: أن الذي لا يعرف الآخر ولا يجدد معرفته عنه بإستمرار، يجهل نقاط ضعفه أو قوته أيضاً، وبالتالي لن يفهم بسهولة: هل &الآخر هو علة إخفاقاته في التاريخ، أم الأخفاق والتقهقر، مرتبطان أصلاً بطريقة تفكيره هو بالذات، وبأساليب عمله وأنماط تعاطيه مع الأمور والوقائع والحقائق والمعطيات!.

&وربما الإخفاق في مُخاطبة الآخر، يعود الى الفشل في التلاحم &القومي، أي مشاريع التنسيق اللازم في المكان والزمان المطلوبين، بين القوى الكُردية في أجزء كُردستان الأربعة، والعمل معاً لفهم &الآخر، لاسيما من خلال مؤسسات بحثية ومراكز للدراسات تكون بمستوى عالٍ من المهنية والعلمية، وخاصة في الدول التي قُسم عليها الكُرد بالأكراه الإستعماري و من دون العودة لإرادة هذا الشعب وتطلعاته.

&ونتيجة لكل ذلك، لا غرابة، من حيث المبدأ، إذن، في أن يغدر الآخر بنا أحيانا، واحيانا أخرى يُعاملنا بناءاً على الماكنات الدعاية السياسية المُغرضة، التي تقوم على تشويه سمعة الكُرد والقضية الكُردية، خصوصاً ان ثمة أطراف وأنظمة سياسية تجيد لغة هذه &الصناعة ببراعة!، أي صناعة تشويه الحقائق وتضليل ومخادعة الرأي العام.

&ومن هنا، تبرز أهمية دور الساسة والإعلاميين الكُرد في مواجهة هذه المشكلة والتحدي الحقيقي والإستراتيجي، لأن مُنجزات الشعب الكُردي في العراق وسوريا اليوم، تتعرض، هي الأُخرى، وبشكل متواصل لحملات الدعاية السياسية والتضليل من خلال الفضائيات والإعلام الجديد والصحف وكافة وسائل الإتصال والتواصل، وكأننا لازلنا نعيش – للأسف- في العصر النازي البروباغندائي، القائم على مقولة مشهورة لـ"غوبلز"، وزير الدعاية النازية: (أعطيني إعلاماً بلا ضمير أعطيك شعباً بلا وعي)..!

&&ومن يتابع خطاب الآخر عن الكُرد، لاسيما عن الحركة التحررية الكُردية، التي تواصل المقاومة من أجل نيل الحقوق السياسية والثقافية للشعب الكُردي، لاسيما في تركيا وإيران وسورية، سيصطدم دون شك بهذه الماكنة الدعاية المشوهة لصورة مناضلي الكُرد وإعتبارهم (أرهابيين) أو(متمردين) و نعوتات وتسميات أخرى تفتقر للضمير والمقاربة الواقعية للحركة الكُردية.

&وفي نظري، تتمثل اليوم الطرق الناجعة للمقاومة والمواجهة الفعلية، أي مواجهة مساعي النيل من القضية الكُردية ومشروعيتها وموضوعيتها، في مستويين:

&المستوى الأول هو: ضرورة القيام بمراجعة الذات وممارسة النقد الذاتي، كشرط أساسي لتجاوز وجوه القصور فينا في التسويق السياسي المثمر للقضية الكُردية في منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره.

والمستوى الثاني هو: وضع أستراتيجيات إعلامية فاعلة لمُخاطبة الآخر، ومن خلال الإستعانة بلغات الآخر ذاتها، أي من خلال إستخدام اللغة الفارسية والتركية والعربية والأنجليزية والفرنسية والروسية في عمليات المُخاطبة أولاً، و من ثم أستثمار كافة التقنيات الإعلامية المتطورة، ثانياً، للتأثير على الآخر وإقناع الشعوب والدول بالإنفتاح على القضية الكُردية والتوصل الى حلول ديمقراطية تُكَفل حقوق الكُرد في كافة أجزاء كُردستان و تُنهي العنف نهائياً ويبقى الشعوب متآخية ومتصالحة مع بعضها البعض. &

  • كاتب وأكاديمي – من كُردستان العراق..