رسميا تم الغاء الحظر الجوي على أجواء كوردستان وفق شروطتعبر مرة أخرى عن عقلية مراكز القرار العراقية في الهيمنة المطلقة المتعارضة مع بنود الدستور الاتحادي العراقي والنظام الديموقراطي واللامركزية في الادارة وتعكس توجهات رئيس مجلس الوزراء السيد العبادي التي تدور في فلك واحد هو كيفية الغاء إقليم كوردستان والتعامل معه على أساس قانون المحافظات مثلا.

أيا كانت الأسباب التي دفعت بالسيد العبادي لإلغاء الحظر الجوي، سواء كانت ضغوط امريكية كما يقال او أوامر إيرانية على الأرجح، فالهدف الأساسي منه ومن الموافقة على صرف رواتب بعض الوزارات هو تحجيم المسألة الوطنية الكوردستانية ومحاولة لاختزالحقوق الشعب الكوردي المنصوص عليها في الدستور الاتحادي ولعبة خبيثة يفرض فيها عقوبات جماعية ضد الكورد ثم يعود وبشكل انتقائي يلغي هذه او تلك بدلا من الغائها جملة وتفصيلا لو كان فعلا يرغب في مصالحة وطنية شاملة تؤسس لمستقبل أفضل للعلاقات بين أربيل وبغداد.

الحقوق الوطنية الثابتة لشعب كوردستان ثاني قومية رئيسة في البلاد تكمن في احترام ارادته الحرة وحقوقه القومية الديموقراطية المشروعة على كامل ترابه الوطني والشراكة الحقيقية في صياغة القرار المركزي وفي توزيع عادل للثروات الوطنية اذ ليس سرا ان الاجتياح العراقي كان من اجل السيطرة على الثروات الكوردستانية من نفط وغاز يقدران بمليارات البراميل والأمتار المكعبة لنهبها كما فعلت الدولة العراقية منذ تأسيسها الفاشل وحتى اليوم ومن المؤكد ان هذا الاستحواذ بالقوة لن يستمر طويلا مع تدخل لاعبين جدد في الموضوع وخروج البعض الاخر من المولد بلا حمص.

قرار رفع الحظر الجوي فقط لا يبشر باي امل حقيقي في العيش المشترك على أساس المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات والقاء نظرة سريعة على الإجراءات القمعية التي قام بها النظام عقب احتلال كركوك وطوزخورماتو مثلا خير دليل على توجهات السيد العبادي وحكومته واغلب الظن ان الخلافات بين أربيل وبغداد لن تنتهي كما يتوقع البعض بعد اجراء الانتخابات البرلمانية في أيارالقادم فالسلطة الجديدة لن تكون بأفضل مما هي عليه الان بسبب الخلل الموجود أصلا في العملية السياسية ولذا فان التقسيم قادم لا محالة خاصة وان السيد العبادي لم يدخر جهدا في سبيل نسف كل الجسور التي تربط كوردستان بالعراق وخلق حالة من العداء بين الشعبين لم تكن موجودة أصلا رغم كل المحن التي عاشها الشعب الكوردي طيلة تأسيس الدولة العراقية.

جدير بالذكر ان تصويت 92,76% من الشعب الكوردي لصالح الاستقلال لم يأتي من فراغ وانما كان وسيبقى نتيجة للسياسات العنصرية والطائفية الفاشلة التي مارستها ولاتزال تمارسها الدولة العراقية.