رغم الصعوبات التي تكتنف المسار، نتيجة مفاهيم غاية في التخلف في المنطقة، الا ان الامير الشاب محمد بن سلمان، يظهر تصميمه على المسار الذي اتخذه.

فرغم المصاعب والقنابل التي يمكن ان تنفجر، الا انه يظهر ان هناك قرارا متخذا لانقاذ المنطقة من الدرك الذي وصلت اليه، وهذا القرار كان بحاجة لشخصية كارزمية وتتحمل المسؤولية في بلد بحجم المملكة العربية السعودية. لما للسعودية من دور المنطقة.

اولى الخطوات باعتقادي لنجاح تحرك ولي عهد المملكة العربية السعودية، هي الاهتمام والإقرار بان الحياة هي المساحة المشتركة للجميع، وكل الأطراف يجب ان تعيش وان يظهر وجودها وحسب قدرتها، أي ان العالم ليس مجال الصراع مع الأطراف الأخرى بنتيجة منتصر او خاسر. بهذه الخطوة تكون فكرة الامير، قد تحركت مسافة شاسعة وبعيدة عن كل ما كان ينشر ويبشر به ويتم دعمه سابقا. 

وهذا ليس اجتهادا شخصيا من قبلي، بل هو ما نلاحظه من ما يصرح به او ما تقوم به المملكة من خطوات قد يراها البعض خجولة ولا تزال غير كافية، الا انها في الظروف القائمة ونتيجة هيمنة الافكار التي تم شحنها خلال اكثر من خمسين سنة. تعتبر خطوات جريئة، ويؤمل منها ان تؤدي إلى نتائج مهمة.

لو قارنا اسلوب الامير مع من سبقه من قادة في المنطقة ادعوا انهم يقودون تغييرا لصالح الاكثرية ولصالح دولهم وبعضهم توسع وقال لصالح العرب او الاسلام، سنجد فارقا مهما وهو ان الامير يقود التغيير بهدوء وروية ولا يستعمل الاعلام الذي يطغى عليه الصراخ والتخوين، في ما عدا الموقف من ايران، وباعتقادنا ان هذا الأمر يتطلب التواصل بين ايران والمملكة لتوسيع مساحة التفاهمات والثقة والذي يجب ان لا ينبني على العداء لطرف ما وخصوصا العداء لإسرائيل او الصهيونية وغيرها من اللافتات التي تم اشغال شعوب المنطقة بها. لا بل يمكن القول تدمير شعوب المنطقة ودولها بهذه الشعارات، التي لم تخاطب الا الغرائز وليس العقل الناقد.

منذ ظهور تيار الإسلام السياسي، الذي كان همه الاساس السيطرة على العالم واسلمته، ولانه لم يكن يملك التكنولوجيا والموارد لذلك، فانه ركز في الاساس على الزيادة السكانية والتي كان يتفاخر بها بالأساس. الا ان ما ساعد هذه التيار كان بروز دور النفط على المسرح السياسي، بعد حرب تشرين الاول1973. فاعقتد الكثيرون انهم باتوا يتحكمون في العالم وفي شريانه الاهم، وبالتالي يمكنهم ذلك من تسييره حسب مشيئتهم. وباعتقادي ان الكثير من الكتاب شجعوا هذا المسار وخصوصا بحجة ان النصر قاب قوسين او ادنى للاسلام.

فمن كان يقوم بنشر البحوث ومن كان يركز على عناوين الاخبار المثيرة. وكان مما ساهم في دعم ذلك اكثر واكثر، انتصار ثورة في ايران عام 1979.

بعد التجارب المريرة التي مرت بالمنطقة، وخصوصا تجربة الانغلاق عن التفاعل مع العالم، الا كمصدر للمنتوجات (العالم الذي اشاع البعض انه مسخر لهم).وبعد الحروب الداخلية والتي كانوا يعتقدون انهم سيشنوها ضد أميركا واوربا واسرائيل. ولكنهم شنوا الحروب على شعوبهم واشعلوا الحروب في دولهم، جراء عدم امكانية اجراء حوار داخلي. صار من الواضح ان المنطقة كانت تسير في الطريق الخاطئ او الطريق المغلق، او يمكن القول انه كان قد تم اختطاف المنطقة من قبل تيار انعزالي شوفيني لا يقبل أي اخر.

من هنا نرى ان خطوات الامير محمد بن سلمان، هي الثورة الأخرى التي تحتاجها المنطقة، ليعم السلام الداخلي ولتستقر الدول. ومن ثمة يمكن ان يشيع الأمر ليعم المنطقة. ولكن بالتأكيد ان هذه الثورة المطلوبة يجب ان لا تكون منطلقا لتكرار اخطاء الماضي. ومنها اعتبار زعيم تيار ما او قائد يطرح رؤية، انه قائد للمنطقة وعليها الانصياع له.

 هذه الرؤية التي لم تلاحظ كيان الدول وطبيعة العلاقات الدولية المبني على المصالح.

من هنا نحن نتأمل ان تكون الخطوات التالية. ل محمد بن سلمان، اشاعة روح التعاون بين الدول واحترام خياراتها ومصالحها، وان كل دولة هي القادرة ولها الحق في تحديد هذه الخيارات الخاصة بها. ولا يحق لاي احد ان يحدد لها ذلك من خارج الحدود.