ربما لا يهم الإيرانيين امتلاك سلاح نووي في الوقت الحالي، حيث السلاح الأقوى منه هو التمدد السريع في المنطقة العربية. وهذا ما حدث بعد الاتفاق النووي حيث تم الإسراع في هذا التمدد الذي يفوق أثره امتلاك قنبلة نووية.

ثلاث سنوات مرت على اتفاق لوزان النووي كان من نتائجهاالإفراج عن بعض الأصول المجمدة لإيران والتي تفوق 50مليار دولار بحسب تقدير وزارة الخزانة الأمريكية مطلع عام 2016. كما حُقق بعض الإفراج في العقوبات الاقتصاديةحيث سمح لإيران برفع العائدات في قطاع التجارة فقط لأكثر من 15 مليار دولار سنويا بحسب تصريح النائب الأول للرئيس الإيراني إسحق جاهنجيري عام 2016.

الأمر كله الذي عزز لإيران فرصة التمدد السريع في المنطقة من خلال زيادة الدعم السخي للمليشيات التابعة لها التي تعتمد على التغيير الديموغرافي وتغيير الأنظمة لتصبح موالية وإشاعة الفوضى العابثة بالسلاح، أي خلق جماعات إرهابية.

اليوم ينتشر 200 ألف مقاتل إيراني في كل من سوريا وأفغانستان وباكستان واليمن والعراق، بحسب التصريح الرسمي لقائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري عام 2016.

هذا الجيش الإيراني المتواجد خارج البلاد يحتاج لمليارات الدولارات كل شهر ليتمكن من تنفيذ خططه في دعم الإرهاب والسيطرة بالقوة على مقومات الدول وهي الأنظمة والأرض والشعوب, وبالتالي فإن استمرار وجود السيولة الملياريةسيكون لها نتائج مدمرة.

ولعل النتائج الإيجابية الوحيدة من الاتفاق النووي أن قامت الدول المتضررة من إيران بتقييم تحركات إيران بعد الانفتاح المالي إثر الاتفاق. وخلال ذلك كانت الأعين موجهة إلى مدى جدية إيران في تحويل هذه الأموال إلى التنمية الداخلية،لكن ما حدث تماما كان العكس، حيث وجهت تلك الأموال الضحمة نتيجة الاتفاق النووي إلى دعم الجماعات المسلحة. وخلال هذا التقييم ثبت تماما أن النظام الإيراني لا يريد أن يتغير إلى الأفضل، وأن نشاطه أصبح يشكل خطرا أكثر من قبل، حيث كان هذا التقييم لا يشمل فقط بنود الاتفاق النووي، بل على سلوك إيران بشكل عام.

اليوم جاء من الأفضل لكل الدول المتضررة أن توقف السيولة المالية الإيرانية عبر دعم إلغاء الاتفاق، وهو ما حدث بعد إعلان الرئيس الأمريكي، حيث وقع عريضة تعود بإيران إلى أقصى العقوبات المفروضة منذ عقود.

اليوم نحن لسنا أمام مرحلة جديدة، بل سنعود إلى إطار مرحلة قديمة عُرفت فيها إيران بانهيار اقتصادي شامل، وكانت النية تتجه من إسرائيل تحديدا لتوجيه ضربة عسكرية ظن الكثير من المحللين أنها على مشارف الأبواب خلال عامي 2007 و2008. ولإن إلغاء الاتفاق النووي هذا ليس له علاقة بالتزام إيران بشروط خفض التخصيب من عدمه، بل جاء لتحجيم عاجل لنفوذ إيران، فإن احتمال القيام بضربةعسكرية توجه للمفاعلات الإيرانية هو احتمال غير وارد في الوقت الحالي، بل ما يمكن التنبؤ به هو التركيز على إخراج المشروع الإيراني من سوريا بشكل ممنهج وأكثر فاعلية.ولربما فاز المشروع الإيراني في انتخابات لبنان قبل يومين،لكن إلغاء الاتفاق النووي هو خسارة إيرانية أكبر بكثير من أي كسب آخر.

وأخيرا: فإن الوقت لإلغاء الاتفاق جاء ضروريا لتحجيم الميزانية الإيرانية حيث يعيش السوق النفطي العالمي الآن بداية ارتفاع مستقر، وكان من آثار الاتفاق النووي أن سمح لإيران بزيادة إنتاجها الذي كان عند مستوى مليون برميل يوميا قبل الاتفاق ليصبح في عام 2017 عند معدل 2 مليون ونصف برميل يوميا بسبب الاتفاق النووي كما أورد نائب وزير النفط الإيراني أمير زماني.