تقول الکاتبة المصرية الراحلة المثيرة للجدل نوال السعداوي: "لا يموت الانسان في السجن من الجوع أو من الحر او البرد أو الضرب أو الامراض أو الحشرات. لكنه قد يموت من الانتظار.. الانتظار يحول الزمن الى اللازمن، والشئ الى اللاشئ، والمعنى الى اللامعنى"، هذا الکلام، دقيق و معبر جدا إذا ماسحبناه على السياسة التي تتبعها الجمهورية الاسلامية الايرانية مع المجتمع الدولي فيما يتعلق بالملفات الحساسة نظير البرنامج النووي و تدخلاتها في المنطقة و برنامج الصواريخ الباليستية، فقد کانت دائما تمني الآخرين بإنتظار"کودو"ها الذي لن يأتي أبدا!
مالذي تمخض عنه الاتفاق النووي الذي أبرمته دول مجموعة 5+1 مع إيران، وهل کان حقا لصالح السلام و الامن و الاستقرار في المنطقة و العالم؟ هل کان في صالح الشعب الايراني خصوصا بعد الافراج عن المليارات الايرانية المجمدة؟ إدا ماإنبرى البعض و أجاب بالايجاب عن السٶالين، فإننا نعتقد بأن الاجابة في الکثير من التجني على الحقيقة و الواقع، خصوصا إذا وجدنا إن التصرفات"العنترية" للجمهورية الاسلامية الاسلامية الايرانية قد إزدادت و بشکل مضطرد على الصعيدين الاقليمي و الدولي، بحيث تغير الحديث من إنتظار"الفرج النووي" الى إنتظار"الفرج الباليستي" ولاسيما بعد أن طفقت بين کل فترة و أخرى تتفاخر بإطلاق صاروخ باليستي لها حتى إختلط الکلام ببعضه وحول و کما تقول السعداوي(الزمن الى اللازمن، والشئ الى اللاشئ، والمعنى الى اللامعنى).
المليارات التي أفرجت عنها إدارة الرئيس أوباما، لم تذهب الى المائدة الايرانية الخالية و لم تشبع البطون الخاوية التي کانت تحلم بالاتفاق کي ينهي محنتها مع الفقر و الجوع و المعاناة، بل ذهبت کما قد عرفت ال(CIA) و أبلغت أوباما بذلك الى دعم التدخلات الايرانية السافرة في بلدان المنطقة ولم يحرك ساکنا، بل وإن الاکثر إثارة للسخرية إن الاوضاع المعيشية للشعب الايراني قد ساءت بعد الاتفاق أکثر مما کانت عليه قبل الاتفاق، وهو مايفسر سبب رفض الشعب الايراني القاطع للتدخلات في المنطقة و المطالبة بإنهاءها.
إتفاق تموز 2015، بدلا من أن يروض الجمهورية الاسلامية الايرانية و يجعلها أليفة و وديعة فإنها إستأسدتها أکثر فيما صارت إدارة أوباما هي الوديعة و الاليفة بما تشبه الحمل الوديع، خصوصا إذا ماأعدنا للذاکرة تصريحات لقادة و مسٶولين إيرانيين أکدوا فيها بأن حدود إيران وصلت للبحر المتوسط، وإن الايرانيون يقاتلون أعدائهم في شوارع بغداد و دمشق و صنعاء بدلا من أن يقاتلونهم في شوارع طهران و إصفهان، بل وصل الامر الى حد التفاخر بأن أربعة عواصم عربية تخضع لهم وإن نموذج الحرس الثوري صار يطبق في هذه البلدان، کل هذا وکان أوباما و تابعه کيري يتحدثان عن المکاسب التي حققها الاتفاق النووي للمنطقة و العالم.
الجمهورية الاسلامية الايرانية، جمهورية دينية تحترف تصدير التطرف الديني بمختلف أنواعه و نماذجه و الارهاب بصيغه و أساليبه المختلفة، وهي جمهورية قامت و تقوم على أساس تنفيذ مشروع الخميني القاضي ببسط النفوذ على بلدان المنطقة و العالم الاسلامي، وبدون ذلك فإن هذه الجمهورية تتلاشى و تضمحل و تفنى، ولذلك فإنها کانت و ستبقى بحاجة ماسة للقوة المفرطة و للأيادي الطويلة، وهي لا و لم و لن تفهم غير لغة القوة للتعامل معها، وإن المواجهة أمر لامناص منه معها ولذلك فإن إلغاء الرئيس الامريکي لذلك الاتفاق البائس الذي خدعت فيه طهران المجتمع الدولي و حتى عواصم کبرى بصفقات إقتصادية، إجراء موضوعي جاء في محله و في وقته المناسب لکي يعيد رجال الدين الحاکمين في طهران الى حجومهم الطبيعية و يذکرهم بمکانهم الطبيعي في المساجد و الحسينيات و ليس في الاوساط السياسية.
روحاني الذي توعد قبل أيام برد مٶلم يجعل أمريکا تشعر بالندم فيما لو ألغت الاتفاق النووي، سوف نرى و سيرى العالم کله مدى الکذب و التمويه و"النفخ" و"التهويل"الزائد عن الحد الطبيعي لهذه الجمهورية و قادتها و و سنرى من الذي سيواجهه شعبه بالويل و الثبور، ترامب أم خامنئي؟ بل و سنرى ومن المٶکد إننا سنرى في نهاية المطاف من الذي سيضحك أخيرا ترامب أم خامنئي؟