استنادا الى انتمائنا الكوردي والكوردستاني، وانتمائنا الرسمي العراقيالذي تحدد من خلاله مواطتنا القانونية والدستورية، نقول وبكلمة واضحة وصريحة لشعبنا في العراق، حان الوقت لنتكلم بحكم المنطق والعقل، وحانت الفرصة لنوجه مصيرنا ومصالحنا تجاه البوصلة الصحيحة لكي نضمن حاضرنا ومستقبلنا، وحانت الساعة الملائمة لكشف الابواب التي طرقتها الساسة الفاشلون باسم القضية لاجل مصالحهم الشخصية والعائلية والحزبية الخاصة وفي الاخير تبين ان ابواب واشنطن وانقرة وطهران وتل ابيب لا منفعةمنها بل مضرة ولا حاصل منها غير الانهيارات والكوارث، وما حصل بعد عملية الاستفاء من احداث في كركوك وبالمناطق المتنازع عليها كانت ضربة تاريخية موجعة للكورد، حيث تعرض الى خسارة جغرافية وسكانية كبيرة لا تعوض بعشرات السنين بسبب جاهلية العقول التي قادت الاستفتاء باقليم كوردستان.

لهذا فان الحقيقة المرة التي خرج بها كورد العراق من الازمات التي لاحقتهوخاصة في السنوات الأخيرة، هي ان الشعب لايملك قيادة حكيمة ولا رشيدة،ولا يملك قائد ناضج ووطني وانساني واستراتيجي، وما لازمته من قيادات منذ عقود طوال لم يكونوا سوى حكام فاسدين بثوب الفراعنة فكل الطاعة والامر والنهي لهم، وكل النعم والرفاه لهم، وكل الجاه والسلطنة لهم، وكل النهب والسرقات لهم، وكل الملكيات والثروات لهم، وكل السلطات والصلاحيات لهم، وكل القبلية والعصبية الجاهلية لهم، وكل القوى المسلحة لهم، وكل الحاشيات والخدم لهم.. وبمقابل كل هذه الامتيازات المغصتبة والرفعة والمكانة اللااستحقاقية لم تتولد منهم خيرا ولا انجازا استراتيجيا يؤمن المستقبل للشعب الكوردي، والمصيبة لا خاتمة لاحد من القادة المزعومين الا و ورائها كارثة كبرى، مثل ما حصل من انهيار للثورة في عقد السبعينات تحت قيادة مصطفى البرزاني، والانهيار السياسي والعسكري والاقتصادي لاقليم كوردستان الذي حصل تحت رئاسة مسعود البرزاني من جراء الاستفتاء في السنة الماضية.

ومن باب الواقعية فان الاحداث التي رافقت الاستفتاء جاءت في مصلحة الحكومة الاتحادية بالصدفة، ولم تكن متوقعة لدى السلطة العراقية كما جاء في احد لقاءات رئيس الوزراء حيدر العبادي حيث صرح ان "عودة كركوك الى السلطة الاتحادية جاءت بالصدفة"، والصدفة جاءت نتيجة ارتكاب اخطاء استراتيجية قاتلة من قبل رئيس الاقليم المتنحى ومجموعته الحاكمة، اخطاء ارتكبت نتيجة ضآلة التفكير السياسي وخواء العقلية القيادية، والطاممة الكبرى هي قباحة الثقة المطلقة لنسبة كبيرة من افراد الاقليم بقادتهم، واحيانا فان هذه النسبة تدرك تماما وبدرجة شبه كاملة ان زعيمهم يقوده الى الجحيم،مثلما حصل عندما قاد البرزاني الاقليم الى انهيار مريع لم تكن بحسبان العقلاء، والمصيبة الاعظم ان الاصدقاء والاعداء نصحوا بعدم الانجرار والرجوع الى العقل والحكمة، ولكن الجاهلية الحاكمة تباهت بجاهليتها ورمت بالكورد في تهلكة حارقة.

وهنا لابد من الانصاف ولابد من القول الموضوعي ولو كان مرا، وهو على الكرد تحليل مشاهد ما حصل نتيجة الاستفتاء برجاحة العقل والمنطق، وهذه الرجاحة تقول لا حاجة لان يرمي الكورد باللوم على الحكومة الاتحادية العراقية لما حصل ولا على رئيسها حيدر العبادي، وذلك لان ما حصل يتحمل مسؤوليتها السياسية والتاريخية كاملة البرزاني والقيادة التي عملت تحت امرته، وهؤلاء لا يملكون الجرأة للاعتراف بهذه الحقيقة المرة التي يقطر منها السم الزؤام.

ولكن من محاسن الامور ان السيد العبادي بعد قيادته للانتصار على الارهاب والفضاء على تنظيم داعش الارهابي، ابدى رؤية عملية وواقعية لاخراج العراق من ازماته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ويحاول بكل جهد اعمار البلد وجلب الاستثمار وابعاده من المحاور الاقليمية والصراعات القائمة في المنطقة،وكذلك فهو يمارس سياسة عدم التقاطع مع حكومة الاقليم بالرغم من مرارة المرحلة السابقة تحت عنوان الاستقلال الاقتصادي الذي لم يجلب سوى الازمات للكورد وللاقليم وسوى الثراء الفاحش والرفاه للقادة والمسؤولين.

لهذا فان الضرورات الوطنية تلزم على الكورد اعادة النظر بمواقفهم وخاصة على صعيد االافراد لان الساسة والاحزاب الحاكمة اثبتت الفشل الذريع في القيادة، ولهذا حان الوقت لازاحتهم بالانتخابات الحالية والمقبلة، ولهذا لابد من ايجاد علاقة دستورية اتسارتيجية لكي لا يسمح كورد العراق من تكرار الانهيارات السياسية والاقتصادية التي تحصل لهم بين مرحلة واخرى، وهذا يحتم بناء علاقات مصيرية بين العراق والاقليم في اطار صحيح لخدمة المصالح المشتركة بين العراقيين والكورد بالحاضر وفي المستقبل، وهذا العمل يلزمه دعم للعبادي في الانتخابات الجارية، وتعاون وتنسيق في المرحلة القادمة لانه القيادي الافضل الذي يتبنى الرؤية العراقية وفق اطار يخدم الجميع، ولهذا لابد من التعامل السياسي الصادق من قبل الممثلين الجدد للاقليم لارساء اسس العلاقة المصيرية التي تخدم الطرفين معا، ولكن لابد من تحمل المسؤولية بالفترة اللاحقة بوطنية ونزاهة ومصداقية وقيم اخلاقية، واللبيب تكفيه الاشارة، والله من وراء القصد.