المهاجرون الكرد الاوائل وصلوا السويد في سبعينات القرن الماضي وكان معظمهم لاجؤون سياسيون .

بعد استلام رجال الدين على الحكم في ايران 1979 و انقلاب كنعان افرين 1980 في تركيا وكارثة حلبجة في العراق والحزام العربي في سوريا تدفقت اعداد كبيرة من الكرد الى السويد . 

عند وصولي الى السويد عام 1989 كان هناك تنظيم كردي باسم اتحاد الجمعيات الكردستانية وكانت تسمى اختصارا الفيدراسيون والتي كانت تضم الكرد المقيمين في السويد .

المبادئ التي تمت بموجبها بناء الفيدراسيون كانت حسب المعايير والاسس السويدية والاوروبية المتطورة من حرية وديمقراطية وحقوق واحترام الانسان .

التظيم كان على الشكل التالي 

ــ يتم تشكيل جمعية في كل مدينة او كومون يقيم فيها الكرد وينتخبون من بينهم رئيسا للجمعية ومجلس لادارتها واعضاء للاشتراك في المؤتمر العام ويدفع كل عضو اشتراكا ماليا رمزيا في كل شهر .

الدولة كانت الداعم الاكبر في تقديم الدعم المالي والثقافي واقامة الدورات التعليمية وكل ما يخطر على البال من فعاليات في المجتمع السويدي الراقي بلد الرفاه والنقابات والجمعيات .

لو قامت اية جمعية كردية بتنظيم دورة لتعليم اللغة الكردية او دورة لاحياء الفولكلور الكردي او اية فعالية تفيد المجتممع فان الدولة كانت تقدم الدعم المالي وتفتح ابواب الصالات وغرف التدريس امام القائمين عليها .

الفيدراسيون او اتحاد الجمعيات الكردستانية كانت تتشكل من تلك الجمعيات المذكورة اعلاه والمنتشرة في كل انحاء السويد وذلك من خلال المؤتمرات السنوية في العاصمة ستوكهولم كل سنتين حيث كانت كل جمعية ترسل مندوبيها المنتخبين بمعدل مندوب لكل عشرة اعضاء او اكثر ولا اتذكر العدد الآن .

الفيدراسيون كان ينتخب هيئاته بلسلوب ديمقراطي حر ونزيه وتحت الرقابة التابعة للجهات الرسمية السويدية .

لن اطيل .... وباختصار كان الفيدراسيون ارقى تنظيم كردي ديموقراطي اوروبي وفي دولة من ارقى الدول في العالم تعملحسب قوانين السويد وهي الدولة الشهيرة بالديمقراطية والحرية وحقوق الانسان .

الفيدراسيون الكردي كان يتمتع بدعم وتعاطف سويدي كبير من منطلق ان الكرد هو اكبر شعب بلا دولة على وجه الارض ومحروم من كل حقوقه القومية في الاجزاء الاربعة من كردستان .

الفيدراسيون كانت مرشحة لتصبح مدرسة لتعليم كيفية العمل الجماعي وممارسة الديمقراطية والحرية بحذافيرها .

تحركت دودة التشرذم والحسد والانانية وشرعت الحركات والاحزاب السياسية الكردية التنافس والصراع للاستيلاء على الفدراسيون .

بدأ التنخر والتفسخ يدخل تدريجيا الى جسد الفدراسيون حتىوصل الى الانهيار الكامل منذ بضعة سنين وهو الآن في حالة سبات او الموت السريري في السنوات الاخيرة .

على من تقع المسؤولية في انهيارهذا الصرح الذي قدمته دولة السويد للكرد على طبق من ذهب ؟ 

هل كانت مؤامرة امبريالية صهيونية ؟ 

تحول الفيدراسيون من تنظيم يعمل لاجل قضية قومية و انسانية نبيلة لشعب يبحث عن التحرر والاستقلال الى حلبة للخلافات والصراعات والتناحر بين الحركات السياسية الكردية ومسؤوليها و باستخدم ارذل الطرق والوسائل القذرة لتحقيق المآرب الشخصية المليئة بالحقد والحسد .

بدلا من العمل من خلال الفدراسيون على الارتقاء بكرد السويد الى مستويات افضل قوميا و ثقافيا وتعليميا واقتصاديا اشعلت الاحزاب والحركات السياسية الكردية نار الخلافات والتناحر والبغضاء في الفدراسيون حتى تم القضاء عليه .

لقد حولت الحركة السياسية الكردية باحزابها ومنظماتها وسياسييها الفدراسيون من منظمة معترف بها في دولة اوربية لها دور في السياسة العالمية الى حطام ورماد .

ونتساءل عن السبب ؟

السبب هو التخلف والحسد والانانية والتبارز والمصالح المادية ومناصب هيلامية وهمية ووو.....

قد يفكر البعض ويسأل ...لماذا تتحدث وتكتب عن شيء مات وتوفى ؟

السبب هنا هو انه ليست فقط الظروف والاعداء هم وراء فشلنا المستمر بل الانسان الكردي بالدرجة الاولى .

ففي حالة الفدراسيون كانت الحرية موجودة .

الدعم المالي والرسمي والحقوقي كان موجودا .

هذا ماحث للفدراسيون المكتمل البناء ... اذن كيف يمكن ان نصدق نفس التنظيمات والاحزاب الكردية التي قضت على الفدراسيون بانها ستوحد الصف الكردي وهو في وضع مشتت ومهلهل ومتشرذم ؟

المهزلة هنا هو ان الحركات السياسية الكردية لاتزال تعلن وتكررعن وجوب تحقيق وحدة الصف الكردي وكأنها تعيش في كوكب آخر !!

الفدراسيون كان افضل تجمع لوحدة الصف والذي بددته الاحزاب السياسية .

الحركة السياسية الكردية الحالية من احزاب وتكتلات وتنظيمات باتت خارج العصر وهي تعود الى ايام الحرب الباردة والشيوعية والراسمالية و لا تزال بنفس التركيبة ... الخ

نحن بحاجة ماسة الى طرق ووسائل وتنظيمات عصرية تناسبعصر الانترنت والموبيل والفضائيات بينما لا تزال الاحزاب الكردية تردد نفس الكلام ونفس الافعال ونفس الاساليب ....

بدأ الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت على ارواح الشهداء .....

ثم نشيد اي رقيب ...

وبحث المؤتمر الاحداث العالمية والاقليمية والمحلية .....وغضب لان احدا لم يخبرهم بالاجتماع المرتقب بين ترمب ورئيس كوريا الشمالية ....

الوضع الكردي الحالي مأساوي و منهار والمسؤولية تقع على عاتقنا جميعا للبحث في ايجاد سبل للخروج من هذه الازمة القاتلة .