الدعوة الملكية السامية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لقمة ثلاثية في مكة المكرمة هدفها دعم الأردن الذي يشهد اضرابات واحتجاجات متواصلة بسبب الضائقة الاقتصادية، ليس موقفا تاريخيا وحسب بل هو تأصيل لهذا التاريخ الذي يربط المملكة مع الشقيقة الأردنية. 

وموقف خادم الحرمين الشريفين بمبادرته الاتصال مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني "الذي يعتبره بمثابة ابنه" وكذلك اتصال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليس غريبا على الإطلاق إذا ما درسنا المسار التاريخي الذي يربط الجارتين منذ ثلاثينيات القرن الماضي في مجالات شتى تبدأ بالأصول العائلية المشتركة والدماء المشتركة وعمق الصحراء العذية الفذّة بتحدياتها التي رسمت بإباء معنى العلاقات وجذورها البعيدة عبر القرون. 

مرة قال لي سمو الأمير سلطان بن سلمان أول رائد فضاء عربي، رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة ورئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة العربية السعودية، خلال لقاء معه في الرياض قبل عشر سنوات: أتعرف يا نصر أن ما يربط السعوديين والأردنيين نحو 95 % من الجينات المشتركة حسب دراسات وأبحاث علمية. 

وإذ لن أبتعد عن مباردة الملك العربي المسلم الأصيل العريق أبا الفهد تجاه ابنائه في الأردن، فإن الدعوة للاجثماع جاءت بمثابة "لطمة" لكل المتربصين والمتقولين والزاعمين في الإقليم الذين ظلوا لشهر يلعبون على وتر علاقات ـ الرياض وعمّان وينسجون من الروايات والخيالات ما شاء لهم دون ضمير أو حياء أو خجل تنفيذا لمخططات إيرن وتركيا وعصابات الإخوان وراعيتهم قطر وحزب الله وقطعان اليسار والقوميين الذين لا تربطهم بالأمة العربية والإسلامية أي رابط سوى التوصيفات الصحفية الساذجة والتصريحات البلهاء والمواقف المتشنجة في المقاومة والممانعة المدعاة. 

منذ هزيمة العرب الأولى في فلسطين العام 1948 إلى اللحظة مرورا بكل التحديات التي واجهها الأردن وحتى في لحظات استقلاله وانهاء المعاهدة البريطانية، كانت وحدها المملكة العربية السعودية من دون الجوار الاتهامي الخطابي الثرثار التي جسدة معنى لعروبة ومقاهيم الإسلام على أرض الواقع في العلاقات مع الأردن قيادة وشعبا. 

وهنا بد من التذكير بان العلاقات السعودية - الأردنية تطورت تحديدا خلال العقدين الماضيين ووصلت إلى مستويات "استراتيجية"، وهي انعكست على مجمل العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية، وفي زيادة مجالات التعاون وحجم التبادل التجاري، وتنامي أعداد الطلبة السعوديين الدراسين في الجامعات الأردنية.

ولا بد من التذكير أيضا بأن اريخ العلاقات بين البلدين إلى الثلاثينيات من القرن الميلادي الماضي، وبدأ التمثيل الديبلوماسي بينهما أواخر الأربعينات. ويملك البلدان حدوداً مشتركة تفوق 740 كيلومتراً، وتربط بينهما ثلاثة معابر تعمل على مدار الساعة، وهي من الجانب السعودي: الحديثة، وحالة عمار، والدرة.

وتعد الروابط الاجتماعية بين الشعبين من أهم مصادر قوة واستمرارية هذه العلاقة وتطورها، إذ يرتبط أبناء البلدين بكثير من علاقات القربى والدم والمصاهرة، يزيد منها التشابه في العادات والتقاليد الاجتماعية بينهما، ما يجعل للعلاقة ميزة أخوية وتاريخية كبيرة.

وتعتبر المملكة الشريك الاستراتيجي الأهم بالنسبة إلى الأردن في المنطقة، إذ تقدر استثماراتها فيه بـ13 مليار دولار، وتحل الرياض في المراتب الأولى بالنسبة إلى حجم التجارة مع عمان، بحجم تبادل تجاري تجاوز خمسة بلايين دولار، في الوقت الذي تستورد فيه الأردن 20 في المئة من وارداتها من السعودية، بينما شكلت صادراتها إليها حوالى 25 في المئة من إجمالي صادراتها إلى العالم. 

وفي الختام، لم تقف المملكة يوما موقفا انتهزيا كما وقفت قطر التي ظلت على الدوام تلوح للأردن بطرد نحو 40 ألفا من العاملين هناك كوسيلة للضغط على المملكة الهاشمية،، السعودية تستضيف نحة 600 ألف أردني أو تزيد، والامارات نجو 400 ألفا والكويت نحو مائة الف، ولم يكن هؤلاء ورقة على الإطلاق بيد الدول الثلاث للضغط على الأردن تحت أي ظرف من الزروف أو أي سبب من الأسباب.