في ختام مقالتي السابقة (العراق والمأساة المستمرة / ايلاف الغراء7/7/2018) كتبت: (اغلب الظن ان هذه الدولة بمواصفاتها المعروفة تتجه بسرعة نحو نهايتها المحتومة وهي مسألة وقت لا اكثر) ويبدو من التظاهرات التي تجتاح مدن الجنوب ووصلت الى مدينة النجف هي بداية هذه النهاية المحتومة والانهيار غير المأسوف عليه للسلطة الثيوقراطية الفاسدة خاصة وان الأغلبية الساحقة للمتظاهرين هم من العرب الشيعة والمفروض انهم على الأقل ينعمون بالحدود الدنيا من الأمان والاستقرار وتوفر الخدمات الأساسية ولكن كما هو واضح فان الأحزاب الطائفية المتاجرة باسم الشيعة والتشيع والتي اقحمتهم في حروب طائفية وعنصرية عبثية ضد العرب السنة وضد شعب كوردستان واستغلتهم ابشع استغلال لتنفيذ اجندات إقليمية متعارضة تماما مع مصالح الشعوب العراقية لم تحقق للمكون العربي الشيعي أي مصلحة او حق من حقوقهم الأساسية كتوفير مياه الشرب مثلا وكان حالهم ولا يزال كحال بقية العراقيين الذين ابتلوا بهذا النظام التعس ويعيشون في ظل دولة الفساد والفشل العام

تظاهرات الجنوب العراقي المحروم من الماء والكهرباء والخدمات الأساسية ويعاني من البطالة والفقر المدقع هي البداية فقط فما يجري في العراق من ماسي وكوارث وحرمان ومعاناة هي خارج نطاق أي مقياس من مقاييس إدارة الدول والمجتمعات وبقدر ما هو متوقع ان تتوسع هذه التظاهرات وتشمل مدن وبلدات جديدة فمن المتوقع كذلك ان تقوم السلطة الفاشلة باللجوء الى العنف وقمع التظاهرات بالقوة خاصة وقد سبق لها ذلك عندما اجتاحت قواتهاكوردستان واحتلت 51% من أراضي الإقليم هذا بالإضافة الى ان عدد من المسؤولين بدأ بترديد الأسطوانة المشروخة عن ان هناك مؤامرة كبيرة ضد العراق وان اطراف خارجية وراء هذه التظاهرات بدلا من الاعتراف بالفشل والتقصير والاعتذار الى الشعب ومحاولة إيجاد الحلول الواقعية للمشاكل التي تعصف بحياة العراقيين

من المؤكد ان السلطة الفاسدة لن تتورع عن افتعال أي حادث لاستخدامه كذريعة لمهاجمة المتظاهرين ولذا من الضروري ان لا تنزلق التظاهرات السلمية الى المطب الذي تحاول دولة الفساد العام ان تسحبها اليه كما من المفروض والضروري ان تقف القوى الوطنية العراقية الى جانب هذا الحراك الشعبي العادل والحق واجبار هذه السلطة الفاسدة العائشة على السحت الحرام والتبعية للقوى الإقليمية والدولية غير المهتمة أصلا لا بالعراقيين ولا بمصالحهم ومستقبلهم على الرحيل ففي رحيلها فقط يتجدد الامل بالمستقبل وبإمكانية بناء عراق جديد

ان من مصلحة كل العراقيين ان لا يتركوا أبناء البصرة والسماوة والعمارة وبابل والنجف وحدهم في مواجهة هذه السلطة الفاسدة التي لن تتورع عن اتخاذ أي اجراء لإسكات صوتهم صوت الحق والعدالة والمطالبة بالحقوق الأساسية للإنسان كتوفير ماء الشرب مثلا