:" وإذا ما تم تخيير المواطنين بين (مجاهدي خلق) والملالي، فإن الاحتمال الأكبر أنهم سيختارون الملالي"، هذا ماصرح به رضا بهلوي لوکالة بلومبيرغ قبل عدة أسابيع، وهو ي اليوم(20.07.2018)، من خلال مقابلة أجريت معه في إيلاف بأن کل ماتقوم به منظمة مجاهدي خلق"يساعد على ترسيخ أقدام النظام الحالي."، أتساءل وأنا في بداية هذا المقال؛ مالذي يربط ويجمع بين هذين الموقفين، ومن الذي يمکنه أن يستفيد منهما الى أقصى حد؟ هل هو الشعب الايراني؟ هل هو رضا بهلوي؟ أم الجمهورية الاسلامية الايرانية؟ 

ليس المهم مايقوله ويدعيه أي إنسان بشأن الآخرين وبشأن أحداث وتطورات تأريخية، لکن الاهم هو أن يثبت ذلك بالادلة والقرائن، ولذلك فقد قيل المتهم برئ حتى تثبت إدانته، لکن يبدو إن رضا بهلوي في عجلة کبيرة جدا من أمره عندما حاول ليس إقصاء وإنما شطب أقوى معارضة إيرانية ضد النظام الديني الحاکم منذ تأسيسه ولحد يومنا هذا من خلال خمسة أسطر، من دون أن يجشم نفسه عناء ذکر العلل والاسباب، ويبدو أن سليل رضاشاه قد بات لعابه يسيل للعرش الايراني"المضمحل" الى الحد الذي يتجاهل فيه الحقائق والوقائع و يطلق الکلام على عواهنه.

في عام 2009، وفي أعقاب الانتفاضة المليونية التي کان يمکن أن تجعل الجمهورية الاسلامية الايرانية في خبر کان لولا الموقف المخزي لإدارة أوباما، قدم السيد مسعود رجوي، زعيم المقاومةالايرانية، سلسلة محاضرات تمت إذاعتها من قناة الحرية، وجه خلالها الخطاب الى رضا بهلوي شخصيا قائلا:"نحن لاندرج جرائم إرتکبها والدك في سجلك وننظر إليك کأي مواطن إيراني من حيث حقوقه وواجباته"، کما أکد في هذه المحاضرات أيضا بأن"الملکية صفحة قد طويت الى الابد في التأريخ الايراني"، ولعل القارئ يتسائل عن سبب تناولي لموقف السيد رجوي هذا فأقول، أن النظام الملکي کان قد أعدم قيادة منظمة مجاهدي خلق من دون أن يرمش له جفن، لکن مسعود رجوي لم يأخذ هذا الموضوع مع أهميته وحساسيته بنظر الاعتبار بإعتبار إن رضا بهلوي کان وقتها صغيرا ولم يکن له من أي دور في إقدام والده على إرتکاب تلك الجريمة.

جدية منظمة مجاهدي خلق في معارضة الجمهورية الاسلامية الايرانية والسعي لإسقاطها تجلت في إن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية والذي کانت طرفا رئيسيا فيه، قد حدد ثلاثة شروط للتحالف مع أية قوى معارضة إيرانية خارج المجلس منذ عام 2002، وهذه الشروط کانت:

ـ إسقاط ـ بقاء النظام الجمهوري في إيران.

ـ فصل الدين عن الدولة.

أي إن الباب کان مفتوحا لرضا بهلوي لو أراد خوض النضال ضد النظام السياسي القائم في طهران، ولکن وفق الشروط الثلاثة أعلاه والذي أوله شرط آخره نور کما يقول الاخوة المصريون.

هٶلاء يرفضهم الشعب الايراني کليا. بهذه الجملة المقتضبة، أجاب بهلوي على سٶال"کيف ترى منظمة مجاهدي خلق؟ هل لديهم تأثير في الشعب الايراني؟"، ولم يبادر السائل کأي صحفي متمرس لإقتناص هذه الفرصة وإستقصاء سبب هکذا موقف متزمت يغلب عليه التجهم، وإنما إکتفى بإجابة هي ناقصة من کل النواحي ولم يوضح ولو سبب معقول واحد في وقت شهد العالم فيه سعي المخابرات الايرانية للإقدام على إرتکاب عملية إرهابية دامية ضد التجمع السنوي العام للمقاومة الايرانية، ونسأل رضا بهلوي: لماذا تقوم الجمهورية الاسلامية الايرانية بتوريط نفسها بمثل هذه العملية وفي هذه الفترة الحساسة؟

عندما يتحدث رضا بهلوي عن الحرب العراقية ـ الايرانية والتي لابد من التأکيد هنا على إن الخميني کان سببا أساسيا ورئيسيا في إندلاعها عندما ظل يرکز على بلد آواه وأطعمه وإحتضنه بعد أن رفضه العالم کله، هذا الرجل لم يکن سيتجرع کأس السم أبدا لو لم يکن جيش التحرير الوطني الايراني"الذي معظم مقاتليه أعضاء في منظمة مجاهدي خلق" المشارکة في تدمير ماکنة الحرب الخمينية وتمکنه من تحرير مدينة مهران وأسره 1500 من أفراد الجيش والحرس الثوري الايراني وإستيلائه على

غنائم ومعدات قدرت بأکثر من ملياري دولار وهي:

ـ 54بابة جلها من طراز شيفتن. 

ــ 48 مدرعة 13 منها خاصة للقيادة.

ـ 33 مدفع عيار 130 مليمتر و 155 مليمتر.

ـ ثلاثة سيارات مدرعة مجهزة بمدافع شليکا الموجهة بالرادار.

ـ مئات من الاسلحة المختلفة من ضمنها مدافع 106 مليمتر و راجمة مدافع ميني کاتيوشا، مالوتکه‌، تاو، دراغون و السيارات الحاملة لها.

ـ مئات السيارات العسکرية الخاصة بالاتصالات و النقل و ناقلة العتاد و الماء و سيارات الاسعاف و الشاحنات و سيارات الجيب العسکرية.

والنقطة الاهم التي يجب أن نذکرها هنا ونوجه إنتباه البهلوي وغيره إليها، هي إن ظاهرة الانتحاريين الذين کانوا يتقدمون الجيش الايراني قد إنتهت الى غير رجعة بعد ما قام جيش التحرير الوطني الايراني في الحرب بتنفيذ عملياته ضد النظام الايراني حيث إن الايرانيون عندما وجدوا إيرانيون أمامهم فإنهم إمتنعوا عن ذلك الاندفاع الجنوني، بل وإن عملية"الضياء الخالد" بعد أن وضعت الحرب أوزارها وتجرع الخميني کأس السم رغما عنه، هذه العملية التي سماها النظام من جانبه ب"المرصاد"، دفعت الخميني لکي يعلن النفير العام بعد أن وصل جيش التحرير الى مشارف مدينة کرمانشاه، وإن کاتب هذه السطور کان شاهدا عيانا على ذلك، ونسأل رضا بهلوي؛ لماذا أقدم هذا الجيش على هکذا عملية کبيرة وقد إنتهت الحرب؟

وعندما يتهم رضا بهلوي ضمنا منظمة مجاهدي خلق من إنها ليس لديها من أهداف سوى الاستيلاء على السلطة، فإننا نود تذکيره بأن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية أکدت في برنامجها العام بأن الحرية ستترك للشعب لإختيار ممثليه، بل وإن التجمع الاخير الذي زرع الرعب في طهران ودفعها للتخطيط لعملية إرهابية بقيادة السکرتير الثالث للسفارة الايرانية في النمسا، کان تجمعا تحت عنوان"الانتفاضة والبديل الديمقراطي"، وهنا نود التنويه من إنه لم يجرٶ أي طرف في المعارضة الايرانية ولن يجرٶ على طرح نفسه کبديل للنظام سوى المجلس الوطني للمقاومة الايرانية والتي تشکل منظمة مجاهدي خلق عموده الفقري، والسبب واضح وضوح الشمس لان ذلك الطرف يجب ان يقدم انجازا ملموسا على ارض الواقع طيلة اربعة عقود لاثبات مداعاه قبل اي اعتبار آخر ....فهل بمقدور بهلوي هذا أن يتجرأ ويطرح نفسه بديلا للنظام؟!

وأعود لبداية المقال، وللموقفين الملفتين للإنتباه لبهلوي، ولاسيما عندما يقول: بأن کل ماتقوم به منظمة مجاهدي خلق"يساعد على ترسيخ أقدام النظام الحالي."، ونسأله ونتحداه أن يجيبنا على أسئلتنا:

کيف ولماذا إن کشف الجانب العسکري من البرنامج النووي، وفضح التدخلات المشبوهة في بلدان المنطقة و القضايا المرتبطة بإنتهاکات حقوق الانسان في داخل إيران وبالاخص في مايتعلق بحقوق المرأة، وأمور أخرى بنفس السياق، تساعد على ترسيخ أقدام النظام الحالي؟

وقبل العبارة الأخيرة يجب ان لا ننسى باننا الآن نعيش في عصر الاتصالات والوعي الجماعي المنتشر الذي لا يسمح ان تتكرر ظاهرة الدجل الخمينية ان كانت ”معمعة” ام ”متوجة” بكل الأحوال!

 

ولنا کلام طويل سوف نعود إليه إذا ماعاد رضا بهلوي الى التعرض و التصدي لأمور و قضايا أکبر منه ومن حجمه بکثير!