الدوحة: أكد أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أن الإنسان لم يمتلك مفاتيح التقدم إلا عندما بدأ في تنمية موارده وقدراته، وأن الشعوب لم تعرف الأمن إلا عندما واصلت تنمية اقتصادها وثقافتها.

وكان الأمير القطري ترأس الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المتابعة الدولي لتمويل التنمية التي عقدت في فندق شيراتون الدوحة صباح اليوم بمشاركة عدد من رؤساء دول وحكومات العالم والامين العام للامم المتحدة بان كي مون، وحضور الشيخة موزة بنت ناصر المسند ، ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر ال ثاني، إضافة إلى عدد من الوزراء وكبار المسؤولين ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى الدولة.

وأعرب الشيخ حمد بن في كلمة ألقاها عن تقديره للجمعية العامة للامم المتحدة بعقد المؤتمر في قطر مؤكدا على الدور الحيوي الذي يؤديه هذا المؤتمر في الميدانين الاقتصادي والاجتماعي والميادين المتصلة بهما في تشكيل رؤية انمائية واسعة النطاق.

وربط بين استقرار الافراد والمجتمعات وكفاءة التنمية وليس مجرد زيادة الاستثمارات وتعظيم الارباح. وكشف أن تأخر التنمية يعرّض التوازن الاجتماعي إلى الخطر، وان السبب وراء الكثير من أزمات العالم هو القصور في التنمية والتردد في مقاربتها.

كما أوضح أن الآثار الناجمة من الازمة العالمية الراهنة تؤكد ان ليس هناك امتياز خاص او استثناء لاحد من معاناة الازمات لاننا في عالم واحد.

وفسّر التنمية الشاملة بالعمل على ترقية الافراد والمجتمعات والاوطان في كل المجالات منوها بأنها ليست بعدا واحدا وانما ابعاد متعددة تصل بحركة المجتمعات، وقدراتها، ومواردها .

ونبّه الى ان الكثيرين ظلوا ينظرون الى التنمية من بعد واحد هو البعد المالي، ولكن دروس التاريخ، والسياسة، والازمات، بيّنت ان التنمية كل شامل لا يقبل التجزئة لكونها الساحة الاوسع لفرص التقدم الانساني الشامل. ولفت إلى ان كثيرا من الاوطان والشعوب لا تنقصها الآمال والتطلعات، وانما الوسائل والادوات، معتبراً التمويل واحد من أهم هذه الوسائل.

وركز أمير قطر على نقطتين مهمتين، الاولى، ان هناك من يحاول القاء عبء التنمية كله على الدول المنتجة للنفط، ورأى في هذا المنطق بعض التنصل والتحامل، وفي اعتقاده ان قطر قامت وتقوم وسوف تقوم بواجبها دائما في اطار مسؤوليتها وفي نطاق قدرتها.

أما النقطة الثانية فهي ان الدول المتقدمة لا تملك الحق فى ان تملي على غيرها ما يفعله وتلقي اليه بتوجيهات النصح والارشاد، ثم تعفي نفسها مما يناسب قدراتها من المساهمة الواجبة لقضية التنمية.

وكان الامين العام للامم المتحدة دعا في بداية الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الى الوقوف حدادا على ضحايا الاعمال الارهابية التي استهدفت عددا من المناطق في مدينة مومباي الهندية أخيراً.

ثم اعلن في كلمة امام الجلسة انتخاب الشيخ حمد بن خليفة رئيساً لمؤتمر المتابعة الدولي لتمويل التنمية.

وكان مسؤولون وخبراء ورجال أعمال لبنانيون أكدوا، قبيل اففتاحه، أهمية انعقاد مؤتمر المتابعة الدولي لتمويل التنمية الذي انطلق اليوم في الدوحة.

فلفت وزير المال السابق جهاد أزعور إلى أهمية انعقاد المؤتمر في هذا الوقت لكون الأزمة المالية العالمية التي ضربت الاقتصادات في كثير من الدول، أثبتت أن الاقتصاد العالمي كٌّل مترابط ومتشابك، ولا بد أن يتأثر العالم كله، بشكل أو بآخر بهذه الأزمة.

واعتبر ان استضافة قطر لهذا المؤتمر هي اعتراف دولي جديد بمكانتها العالمية سياسيا واقتصاديا وماليا.

بدوره، رأى السفير اللبناني السابق فؤاد الترك ان رعاية قطر لهذا المؤتمر هي دليل واعتراف بما تلعبه وتمثّله من دور مهم على الصعيدين الإقليمي والدولي، يضاف إلى ذلك القدرة العالية على تنظيم واحتضان المؤتمرات العالمية الضخمة والرفيعة المستوى، التي تحتاج كفاءة عالية وخبرة كبيرة وإمكانيات متوافرة لديها.

ولفت إلى ان الأمم المتحدة الراعية للمؤتمر لا تستطيع إصدار قرارات إلزامية، بل يقتصر دورها على جمع قادة العالم لإتاحة الفرصة أمامهم بدراسة الأفكار ومناقشتها والتقريب بينها.

أمّا الخبير الاقتصادي غازي وزني فأوضح ان المؤتمر ينعقد في ظروف حساسة بعد الأزمة المالية العالمية التي لم تنته تداعياتها. وعلى الرغم من انعقاده في الأساس لسبب آخر، إلا أن وزني أشار إلى أنه يأتي في وقت مناسب لبحث سبل مواجهة الأزمة المالية.

وقال الخبير الاقتصادي ايلي يشوعي ان أهمية المؤتمر تنبع من الهدف المحدد له، أي تعزيز جهود التنمية على المستوى العالمي، وإيجاد طرق تمويل وتأطير وتنشيط مساعدات الدول الغنية للدول الأقل نمواً بتوفير السيولة او جمع الأموال ووضع آليات محددة لاستخدام هذه المساعدات، مما يسمح بإيجاد حلول لمشكلات التنمية في الدول الفقيرة.

وأشاد باستضافة قطر ورعاية الأمير للمؤتمر، معتبراً ان ذلك انجاز جديد للدولة التي تثبت حضورها على المستوى العالمي، ليس فقط بالإمكانات المالية، بل ومن خلال السياسات الناجحة اقتصاديا.

من جهته، نوّه الخبير الاقتصادي كمال حمدان ان المؤتمر مناسبة لكي تعترف الدول المتقدمة بأن رفاهيتها واستقرار اقتصاداتها مرتبطان بمساعدة الدول النامية على تطوير اقتصادها. لكون التنمية هي القاطرة التي يمكن أن ترفع من مستوى الشعوب عبر تحسين أداء اقتصاداتها، فلا تظل قائمة على الخدمات والاستهلاك.

وأقرّ رئيس اتحاد رجال الأعمال المتوسطيين جاك صراف بأن دولة قطر quot;عوّدتنا على المبادرات والاقتراحات البناءة في المحافل الدولية دفاعاً عن سياسة اقتصادية تراعي حاجات الدول الفقيرة والنامية، وما استضافتها لمؤتمر التنمية إلا دليل إضافي على ذلك، وهي التي سبقت الجميع بمبادرات كريمة من الأمير في دعم تلك الدول، وفي مقدمها لبنانquot;.

وأكد أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية وليد عربيد ان اختيار قطر من قبل الأمم المتحدة لاستضافة المؤتمر يضيف دورا استثنائيا لهذه الدولة التي نجحت برعاية الأمير في حل مشاكل سياسية كثيرة في منطقتنا والعالم، ويأتي الآن الدور الاقتصادي لقطر على الصعيدين الإقليمي والدولي ليساهم في حل مشاكل التنمية، الذي لا يمكن ان ينجح الا بتعاون الشمال والجنوب.