بغداد: أثارت غضب العراقيين ونددت بها الجماعات المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان لكن في العام القادم ستفتح السجون التي تحتجز فيها القوات الاميركية الاف العراقيين بموجب اتفاقية أمنية أبرمت بين الولايات المتحدة والعراق..
ويثير هذا قلق الجيش الاميركي الذي يخشي أن يجوب المسلحون الذين ازدادوا قسوة الشوارع مجددا ونشطاء حقوق الانسان الذين يخشون العكس وهو أن تنقل السلطات العراقية المعتقلين الى سجون عراقية وربما يتعرضوا لتعذيب أو يعدموا.
وقال الميجر نيل فيشر المتحدث باسم عمليات الولايات المتحدة المتعلقة بالسجناء quot;يساورنا القلق من أننا في الغالب سنطلق سراح سجناء خطرين ليعودوا الى جماعات في العراق لم تسهم بشكل مباشر في مقتل أفراد من القوات العراقية وقوات التحالف فحسب بل ايضا في (قتل) أعداد لا تحصى من المدنيين.quot;
وأضاف quot;كل سجين محتجز لدينا جاءنا لانه يمثل تهديدا ملحا لامن واستقرار العراق.quot;
وتمنح الاتفاقية الامنية القوات الاميركية أساسا قانونيا للبقاء في البلاد لثلاث سنوات أخرى وتحل محل تفويض الامم المتحدة الذي غطى وجود القوات الاجنبية في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 .
وللمرة الاولى سيكون للعراق سلطة على القوات الاميركية في البلاد التي يزيد قوامها عن نحو 150 الف فرد.
وأقر مجلس الرئاسة العراقي الاتفاقية يوم الخميس وبهذا تصبح سارية رسميا لحين طرحها في استفتاء في يوليو تموز.
ومن بين السلطات التي يفقدها الجيش الاميركي بموجب الاتفاقية الجديدة الحق في القبض على عراقيين لاجل غير مسمى ودون توجيه اتهامات.
وهذا يعني أنه سيكون عليه تسليم السجناء الذين يحتجزهم حاليا وعددهم بين 16 الف و17 الف للسلطات العراقية بأسلوب نظامي. وبموجب القانون العراقي ستجرى محاكمتهم أو اطلاق سراحهم.
وبالنسبة للمسؤولين الاميركيين يمثل هذا مصدر ازعاج. وسيعود الاف السجناء وبعضهم مقاتلون سابقون من العرب السنة او أفراد ميليشيات شيعية الى الشوارع. ولا توجد أدلة كافية تسمح باستمرار احتجاز معظمهم.
ولم يتسن الوصول الى القائد الاميركي المسؤول عن برنامج المحتجزين البريجادير جنرال ديفيد كوانتوك لاجراء مقابلة معه لكنه صرح لصحيفة (يو اس ايه توداي) بأن المسؤولين يعملون جاهدين لوضع تكييف قانوني ضد السجناء الخطرين.
وأضاف quot;سوف... نتأكد من بقائهم وراء القضبان.quot;
وأطلق الجيش الاميركي سراح نحو 15 الف سجين خلال العام المنصرم. وقال فيشر ان الجيش يعتزم الافراج عن 1500 اخرين كل شهر.
وترى الجماعات المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان مفارقة قاتمة في المخاوف الاميركية من الاضطرار الى الافراج عن العراقيين الذين لا يملكون أدلة ضدهم.
وتساءل مالكولم سمارت مدير برنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا بمنظمة العفو الدولية quot;لماذا هم محتجزون اذا كانوا لا يملكون أدلة كافية ضدهم..quot;
وأضاف quot;تشير أعداد الذين تم الافراج عنهم الى أنه ربما لم تكن هناك أسباب جيدة لاحتجاز الكثير من هؤلاء الناس في المقام الاول... نحتاج الى عملية مضبوطة من القانون والنظام وهذا لا يعني احتجاز الناس دون محاكمة.quot;
ويقول مواطن عراقي يدعى ياسر المشهداني انه قضى ثلاثة اشهر في سجن أميركي. ولم يتسن التحقق من صحة روايته من مصدر مستقل.
وأضاف أن ثمانية جنود أميركيين اقتحموا منزله عند منتصف الليل تقريبا في 21 يناير كانون الثاني عام 2006 وألقوا القبض عليه وغطوا وجهه وعزلوه لنحو أسبوعين استجوبوه خلالهما.
وقال quot;كانوا يقولون لي (لا أحد يعلم أين انت. اذا قتلناك الان لن يعرف أحد ماذا حدث لك.quot;)
وبعد هذا أرسل الى سجن ابو غريب الى الغرب من بغداد والذي سبب كشف ارتكاب الحراس الاميركيين انتهاكات خطيرة به صدمة في أنحاء العالم عام 2004 .
وتابع قائلا quot;لم يسمحوا لي ابدا بالاتصال بأي أحد الا قبل بضعة ايام من اطلاق سراحي. حتى الان لا أدري لماذا احتجزوني.quot;
وسلط الضوء على سجن ابو غريب حين تصدرت صور تظهر سجناء يتعرضون لانتهاكات على يد جنود أميركيين عناوين الصحف العالمية. ويقول المشهداني انه لم تتم اساءة معاملته هناك.
لكن جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الانسان تخشى الان من أن يجرى تعذيب سجناء عراقيين على يد حراس عراقيين بعد أن تنتقل السيطرة اليهم.
وقال سمارت quot;التقارير عن التعذيب وسوء معاملة الناس (في العراق) مستمرة وبالتالي من الواضح أن هناك مجازفة.quot;
وأضاف أن النظام القانوني لا ينظم محاكمات عادلة حتى في القضايا المهمة التي يحاكم فيها أعضاء سابقون بحكومة الرئيس العراقي الراحل صدام حسن.
ويرى جوست هيلترمان الخبير العراقي بالمجموعة الدولية لمعالجة الازمات أن اساءة المعاملة المحتملة للسجناء ومعظمهم من العرب السنة في ظل وجود حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي يقودها الشيعة يمكن أن تذكي التوترات الطائفية.
ويقول ساسة من العرب السنة انه ليس بالضرورة أن تسير الامور على هذا النحو ما داموا لن يحتجزوا الا من يملكون أدلة ضدهم.
وقال عبد الكريم السامرائي العضو البارز بالحزب الاسلامي انه لا يؤيد اطلاق سراح quot;الارهابيينquot; ولكنه استطرد أن معظم المحتجزين في السجون الاميركية أبرياء