فوز الرئيس الأميركي مدعم بالزخم المناسب للمطالبة بحقوقهم
بعد أوباما.. العراقيون السود يخوضون الإنتخابات

البصرة (العراق): كان لإنتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة أثر في العراق ألهم بعض العراقيين السود وشجعهم على خوض الإنتخابات القادمة أملا في إنهاء ما يصفونه بقرون من التمييز. وقال جلال ذياب ثجيل أمين سر حركة العراقيين الحرة quot; فوز أوباما عزز الروح المعنوية لدينا quot;. وأضاف أن جماعته ستكون أول من تتقدم بمرشحين سود في أي انتخابات عراقية حين تخوض انتخابات المحافظات المقرر إجراؤها في 31 يناير كانون الثاني. وتزامن فوز الرئيس المنتخب أوباما في الولايات المتحدة مع تزايد الدعم الجماهيري لقضيتهم وقال ثجيل quot; عندما رشح أوباما نفسه نحن أيضا رشحنا quot;.

وأضاف أن العراقيين من أصول افريقية غير ممثلين في المناصب العليا ويعانون الفقر والأمية وتكثر الإشارة اليهم بتعبيرات ساخرة.

ولا يشعر العراقيون الآخرون بأي تمييز ضد العراقيين من أصول افريقية وعددهم غير واضح إلى الاحصائيات. وقال ثجيل ان هناك نحو 300 الف في مدينة البصرة جنوب العراق وحدها.

أمل بالإنتخابات

وانتخابات المحافظات التي تجري في يناير ستكون الاولى التي ينظمها العراق بموجب القوانين العراقية منذ أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 بصدام حسين وستعقبها انتخابات عامة في وقت لاحق من عام 2009 . ومن الممكن أن تكون هذه خطوة مهمة للمصالحة بين الجماعات العرقية والطائفية في البلاد بعد سنوات من إراقة الدماء.

ويقول ثجيل ان السود يعانون التمييز في العراق بسبب لون بشرتهم وأيضا بسبب عدم انتمائهم الى قبائل. وللتقسيمات القبلية والأصول أهمية في العراق وفي معظم أنحاء الشرق الأوسط.

وقد يتعرض مرشحو حركة العراقيين الحرة الثمانية لرد فعل عنيف من جانب مواطنيهم من أصحاب البشرة الفاتحة الذين يردون بسخط على الاتهامات بالعنصرية ويقولونإن السود يعاملون باحترام. ويرون أن محاولة استقطاب الناخبين بناء على العرق مثيرة للشقاق. حتى أقرانهم السود في حي الزبير الذي يغلب على سكانه السود في البصرة فقد عبروا عن تحفظاتهم. وقال محمد نزال وهو عامل أسود في أحد المتاجر quot;ليس هناك تمييزquot; وهي وجهة النظر التي شاركه فيها رجال أكبر سنا. وأضاف quot; هناك الكثير من السود الذين أبلوا بلاء حسنا في العراق. هناك احترامquot;.

لكن ثيجل يرى أن السود في العراق يوضعون في مرتبة أدنى ويرجع هذا جزئيا الى تاريخ من العبودية. وقال quot;لغاية اليوم لم يعط الاسود حقه. لا نرى في مجالس المحافظات أو في البرلمان مدراء أو سفراء...لدينا كفاءات عديدة ولدينا شهادات الدكتوراة لكن للاسف الشديد لم نجد أي اهتمامquot;.

في حي الزبير الفقير المترب مثل معظم أحياء البصرة وقف سالم حسين يتبادل الحديث مع أصدقائه في الشارع وقال quot;الناس هنا لا يعاملوننا بأي طريقة مختلفة. لكن انظر بعينيك. هل ترى شخصا أسود واحدا في وظيفة مرموقةquot;. وخلال زيارة للبصرة استغرقت خمسة أيام رأت رويترز أن غالبية السود تعمل في الخدمة بالمنازل وتنظيف السيارات.

ومرشحو حركة العراقيين الحرة للانتخابات القادمة هم مدرسون ومهندسون وموظفون بوظائف مكتبية. ويصرون أنهم ليسوا جماعة تمثل مصالح خاصة وانهم يريدون معالجة المشاكل التي يواجهها الجميع مثل البطالة.

quot;عبدquot;

ومنذ زمن بعيد سيطر السود يوما ولفترة قصيرة على جنوب العراق حين اندلع تمرد سنة 869 ميلادية قام به أشخاص من شرق افريقيا جلبهم أصحاب الاراضي في البصرة ليكونوا عبيدا ويعملوا في تجفيف الاهوار في جنوب العراق الحار الرطب. وفي نهاية المطاف سيطر المتمردون على البصرة بل وأجزاء من ايران لكن بحلول عام 883 سحق التمرد وسلم رأس زعيمه للخليفة العباسي في بغداد.

وقال ثجيل quot;منذ ذلك الوقت ولغاية الوقت الحالي لم يجد الاسود مكانة مرموقة في المجتمع. كانوا يعانون كخدم وعبيد وأقسى من ذلك فكان الانسان الاسود يعمل بالاعمال الحقيرةquot;. وكما هو الحال في العادة كانت اللغة لب المشكلة. وعلى الرغم من إلغاء الرق في العراق عام 1924 استمر استخدام كلمة quot;عبدquot; لسنوات عديدة ولا يزال الكثير من الناس يستخدمون هذه الكلمة لوصف شخص أسود. ويقول من يستخدمون هذه الكلمة انهم لا يقصدون الاهانة ولا يستخدمونها الا كتعبير وصفي.

وفاقم من الجدل حقيقة أن بعض العراقيين لهم لون البشرة الداكن نفسه الذي يتسم به العراقيون من أصول افريقية. لكن بالنسبة إلى بعض الذين لا يعنيهم لون البشرة في شيء فان الاصل والقبيلة هما الأهم كما أن النسب المجهول او الانتساب لجد من العبيد كلها مسائل غير مقبولة. وقال عراقي بشرته داكنة طلب عدم نشر اسمه quot;لا يمكن ابدا أن أسمح لبناتي بالزواج من عبد...ما هي قبيلته.. هل يعلمون من هم أجدادهمquot;.

وتريد حركة العراقيين الحرة حظر استخدام كلمة quot;عبدquot;. كما تريد ايضا أن يعتبر السود أقلية وهي الوضعية التي تمنح بعض المزايا للمسيحيين والتركمان واليزيديين والشبك في العراق والذين يتشابهون في ملامحهم الجسدية مع أغلبية العراقيين بينما يبدو اختلاف السود عن أغلبية العراقيين واضحا.

وقال ثجيل ان مطالبهم الرئيسة هي أن يعتبروا أقلية لكي يكون لهم مادة في الدستور تحمي السود وتعاقب من يستخدم كلمة quot; عبدquot; بوصفها قذفا وتابع أنهم يريدون اعتذارا عن جرائم الماضي. ومن المستبعد أن تتحقق هذه المطالب على المستوى المحلي لكن فوز حركة العراقيين الحرة في انتخابات المحافظات في يناير يمكن أن يعطي زخما للانتخابات البرلمانية التي تجري في وقت لاحق.

تأييد ورفض

وعبر عراقيون شبان في حي الزبير عن تأييدهم للحركة واستشهد البعض بنجاح أوباما. وقال مهند عمران quot;العنصرية ليست واضحة لكنك تشعر بها. لدي مؤهلات وصديقي العربي لديه المؤهلات نفسها. هو يحصل على الوظيفة وانا لاquot;.

ويرى عراقيون من اصحاب البشرة الفاتحة أن حركة العراقيين الحرة ومطالبها تطرح فكرة التمييز في مجتمع لا تمثل فيه قضية اللون مشكلة.

وقال فرحان الحجاج وهو مهندس كان يتسوق quot;السود أصدقاؤنا وهم عراقيون. ليس هناك اختلاف بيننا. هذه الحركة عنصرية في الواقعquot;.

ويقول حامد حمدان استاذ التاريخ في جامعة البصرة ان الزواج المختلط شائع وان هناك سودا حصلوا على تعليم رفيع المستوى وشغلوا مناصب عليا. وأضاف أن حركة العراقيين الحرة تركب موجة الشقاق الطائفي والعرقي التي نتجت من سنوات من الحرب.

وأضاف quot;هذا استغلال للظرف...طالما أن القضية صارت طائفية وعرقية ودينيةquot; يعتقد بعض الناس أنهم يستطيعون استغلال هذا لتحقيق هدف معين مضيفا أن معظم العراقيين يستخدمون كلمة quot;عبدquot; للاشارة الى شخص اسود ببساطة.

ورد ثجيل قائلا انه يجب أن يكون المرء أسود كي يفهم هذا. وأضاف quot;أذل كلمة يوصف بها الانسان هي كلمة العبد. العبد الذي ليس له قرار العبد الذي ليس له كرامة العبد الذي ليس له انسانية. هذه الكلمة مؤذية جدا. السود يحسون بذلك لكن البعض لاquot;.