كامل الشيرازي من الجزائر: في أول خرجة له منذ استسلامه، دعا حسن حطاب المكنّى (أبو حمزة) (40 عامًا) مؤسس quot;الجماعة السلفية للدعوة والقتالquot; في الجزائر ناشطي المجموعات المسلحة إلى التوبة والاندماج في المجتمع مجددًا، وأتى النداء بعد أحد عشرًا شهرًا على تسليم نفسه إلى السلطات في 23 سبتمبر/أيلول الماضي، رفقة مجموعة من أتباعه.

وجاء في رسالة بعث بها حطاب إلى المسلحين ndash; تلقت quot;إيلافquot; نسخة منها- نداء quot;إلى كل الذين لا يزالون في الجبالquot; في إشارة إلى المسلحين، كما خص النداء أيضا فئة quot;المجندينquot; وهم عموم الشباب الذين يجري استدراجهم إلى معاقل المجموعات المسلحة، وأطلق حطاب مسمى quot;النصيحةquot; على مبادرته، حيث حرص على إبراز لا مشروعية القتال ضدّ السلطات، بقوله أنّه شخصيًا كان سباقًا في ذلك منذ تسعينات القرن الماضي، وانتهى بعد quot;تقييم مسيرتهquot; إلى كون العنف المسلح quot;طريق مسدود ولا مخرج فيهquot;، لذا كان قراره بعدم المواصلة ووضع السلاح، فيما بدا أنّ كلام الرجل هو تبرير لما قام به قبل أقل من سنة.

وخاطب حطاب المسلحين بلهجة العارف بما هو كائن، بقوله (ولا ينبئكم مثل خبير)، مضيفا:quot;الواقع ليس كما تشاهدونquot; واستدلّ بقول النبي الأعظم (ليس الخبر كالمعاينة)، كما نصح أبو حمزة أعضاء المجموعات المسلحة بمراجعة أنفسهم والكف والعدول على ما هم عليه، حاثا على نزولهم إلى أحضان مجتمعهم وعوائلهم، ولفت إلى أنّ ذلك سيكون خيرا لهم في دينهم ودنياهم و لا يخفى عنكم أن الكل اجمعوا على عدم مشروعية القتال في هذا البلد، مجددا تشجيع نحو 380 مسلحًا ndash; بحسب إحصائيات رسمية- على الاقتداء بإخوانهم والاستجابة لعلماء الأمة، في إشارة منه إلى التوبة الجماعية لمقاتلي quot;الجيش الإسلامي للإنقاذ المنحلّquot; وكذا ثلاثمائة مسلح استفادوا من تدابير العفو العام منذ ربيع 2006.
وحاول حطاب إرسال تطمينات إلى المسلحين المترددين، وإبعادهم عن المخاوف بشأن احتمال تصفيتهم من طرف الغلاة، وقال الأمير الأسبق للسلفية:quot;الخير كل الخير في إتباع السلف والشر كل الشر في إتباع من خالفquot;، وخلص حطاب إلى أنّ حملة السلاح ممن هم مقتنعون بعدم مشروعية مواصلة القتال، عليهم العودة إلى جادة الصواب، لأنّ أسباب الاستمرار في العنف باتت quot;غير متوفرةquot; .

رسالة quot;حسن حطابquot; لم تحمل تاريخًا محددًا كما لم تحمل أي توقيع، ولم يتسنَّ التأكد من صحتها من مصدر رسمي، جاء فيها أنّ حطاب تخلى أو (تنازل) عن العمل المسلح منذ شهر سبتمبر/أيلول 2003 حتى لا يكون حجة لبعض من يريد مواصلة القتال أو لمن يريد الصعود إلى الجبال، وهو ما يناقض مصادر تحدثت عن توبته أواخر العام 2004 وأخرى أشارت إلى توقفه العام 2006.

وانتهى حطاب إلى حث جمهور التائبين أو الشباب المغرر بهم على الابتعاد عن مواقع الإنترنت المشبوهة وتفادي استخدام الأقراص التي تسوّق للعنف، وصرف الجهود في خدمة الدين و المجتمع والإسهام في إنهاء المأساة الجزائرية المزمنة.

يٌشار إلى أنّ مبادرة مؤسس quot;الجماعة السلفيةquot; سبقتها خطوات قام بها مختلف أمراء الجماعات المسلحة في السابق، مثل quot;مدني مزراقquot;، quot;أحمد بن عائشةquot;، quot;محمد كرطاليquot;، ناهيك عن قيادات في جبهة الإنقاذ المحظورة، مثل عباسي مدني، أنور هدام، رابح كبير وغيرهم.

وثار جدل كبير في الفترة الماضية حول مكان تواجد quot;حسن حطابquot; بعد استمرار القضاء المحلي في محاكمته غيابيا وإصداره أحكامًا تراوحت بين الحبس 20 سنة والسجن المؤبّد، وتأكيد مسؤولين على عدم تواجده في أي من المؤسسات العقابية، بينما يبقى مصير حطاب مجهولاً بين فريق يرى بأنّه لن يكون مشمولا بتدابير المصالحة تبعًا لانقضاء آجالها أواخر أغسطس/آب 2006، وتبعًا لإدانته بالتورط في اعتداءات حصلت خلال الفترة ما بين 1999 و2003، وقطاع من الحقوقيين الذين دعوا إلى الصفح عنه.

بيد أنّ متابعين يرجحون احتمال استفادة مؤسّس quot;الدعوة والقتالquot; من عفو خاص يصدره الرئيس بوتفليقة الذي خاطبه يوما بـquot;السيد حطابquot;، علمًا أنّ الأخير تعهّد غداة تطليقه العمل المسلح، بإقناع المتمردين بالتوبة والانخراط في مسار المصالحة الوطنية.