في آخر تطور للأزمة السياسية العراقية، أعلن حزب المالكي التخلي&عنه ودعمه لترشيح غريمه العبادي لتشكيل حكومة البلاد الجديدة.. فيما أعلنت الأمم المتحدة حال الطوارىء في العراق ودعت إلى التزام الهدوء واحترام العملية السياسية التي يحكمها الدستور.

لندن: قال حزب الدعوة الاسلامية بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي إن العراق يواجه ظروفًا عصيبة وتحديات خطيرة داخلية وخارجية ضمن محيط اقليمي مضطرب.. "ولما لهذه التداعيات من آثار خطيرة على مستقبل العراق ووحدة أراضيه، وما تقوم به العصابات الاجرامية لداعش والجماعات الإرهابية المتحالفة معها، والتي تريد تدمير حضارة بلاد الرافدين وإعادة العراق إلى الوراء، فإن المسؤولية الوطنية تقع على عاتق أبنائه وقواه السياسية المخلصة للتكاتف في اطار الوحدة الوطنية لمواجهة هذه المخاطر والسير بالبلاد نحو الامن والاستقرار والازدهار، كما قال في بيان صحافي ارسلت نسخة منه إلى إيلاف" الخميس. وأشار إلى أنّ الانتخابات النيابية الأخيرة في نيسان (أبريل) الماضي قد جرت في أجواء ديمقراطية ومشاركة جماهيرية واسعة والتي افرزت كتلاً سياسية بأحجام متفاوتة.

لكنه استدرك بالقول "غير أنه برزت عقبات كبيرة امام ترشيح الأخ السيد نوري المالكي وعوامل داخلية وخارجية منعت إمكانية تشكيله الحكومة، فضلاً عن إصرار بعض الكتل السياسية على عدم اعتماد النتائج الانتخابية وحدها كأساس لتشكيل الحكومة، بل لابد من استمرار سياسة التوافق بين الكتل السياسية لتحديد المرشحين للمناصب العليا في الدولة ما أدى إلى تلكؤ في الخطوات والتوقيتات الدستورية في وقت نحن احوج فيه إلى الإسراع في هذه الاجراءات لمواجهة الإرهاب الذي يهددنا جميعًا".

وأشار الحزب إلى أنّه نتيجة للأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد والانعكاسات الخطيرة للخلافات السياسية على الوضع الامني والحياتي للمواطنين، وعلى وحدة العراق ووجوده، "فقد خاطبت قيادة حزب الدعوة الاسلامية سماحة المرجع الاعلى السيد علي السيستاني دام ظله طالبة رؤية المرجعية للاسترشاد بها. وقد اجاب سماحته قيادة الحزب برسالة كريمة ترى فيها المرجعية العليا (ضرورة الاسراع في اختيار رئيس جديد للوزراء يحظى بقبول وطني واسع)... وعند استلام الرسالة الجوابية، قررت قيادة الدعوة فوراً الالتزام برأي المرجعية المباركة انطلاقاً من متبنياتنا الشرعية والسياسية وخط سير حزب الدعوة الاسلامية وطرحت مرشحًا جديدًا لرئاسة الوزراء، حسب رأي المرجعية العليا".

وقال الحزب إنه بعد استكمال انتخاب رئاسة مجلس النواب ورئيس الجمهورية وبدء التوقيت الدستوري لتكليف رئيس لمجلس الوزراء، فقد رشح حزب الدعوة الاسلامية الدكتور حيدر العبادي والذي تم تكليفه باعتباره من ائتلاف دولة القانون ومرشحًا عن التحالف الوطني العراقي.

وشدد حزب الدعوة على أنه في ضوء هذه التطورات، فإنه لا بد من تكاتف القوى والكتل السياسية ونبذ الخلافات لمواجهة التحديات الخطيرة والحفاظ على وحدة العراق وحماية المواطنين.. ودعوة الكتل السياسية إلى التعاون مع رئيس الوزراء المكلف دستوريًا السيد العبادي والإسراع في تشكيل الحكومة ضمن المدة الزمنية المحددة واختيار وزراء اكفاء ينهضون بالبرنامج الحكومي في البناء والاعمار والخدمات ومحاربة الفساد.

وأضاف حزب الدعوة إلى أنّه قد تم استلام تأكيدات من قبل الكتل المنضوية في التحالف الوطني (الشيعي) ومن الكتل الاخرى، بأن يحظى المكلف لرئاسة الوزراء بالدعم والإسناد الكاملين لتشكيل الحكومة ضمن المدة الدستورية "ونحن نشيد بتأييد ودعم التحالف الوطني العراقي والكتل السياسية لدعمها مرشح الدعوة لرئاسة الوزراء، كما نثمن اجماع الموقف الاقليمي والدولي على دعم تكليفه لتشكيل الحكومة القادمة". وثمن الحزب "الدور الكبير للمرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني في حماية العراق والدفاع عن مقدساته وحفظ اللحمة الوطنية ومحاربة التفرقة الطائفية والعنصرية"، بحسب قوله.

وكشف النقاب اليوم عن رسالة كان وجهها المرجع السيستاني إلى قيادة حزب الدعوة، قال فيها "تعقيبًا على ما ورد في رسالتكم المؤرخة في 26 شعبان 1435 هـ في ما يخص المواقع والمناصب أود أن أبلغكم بأنه بالنظر للظروف الحرجة التي يمر بها العراق العزيز وضرورة التعاطي مع أزماته المستعصية برؤية مختلفة عمّا جرى العمل بها، فإنني أرى ضرورة الإسراع في اختيار رئيس جديد للوزراء يحظى بقبول وطني واسع، ويتمكن من العمل سوية مع القيادات السياسية لبقية المكونات لإنقاذ البلد من مخاطر الإرهاب والحرب الطائفية والتقسيم". وختم السيستاني رسالته المؤرخة في 11 رمضان 1435 إلى حزب الدعوة قائلاً "سدد الله خطاكم ووفقكم لما يحب ويرضى".

وبالتزامن مع ذلك، فقد علمت "إيلاف" أن الساعات الاخيرة قد شهدت اجتماعًا بين العبادي والمالكي طلب فيه الاخير أن يقدما استقالتيهما في وقت واحد وأن يقوم هو بترشيح شخصية ثالثة تتولى تشكيل الحكومة لكن العبادي رفض ذلك، مشددًا على أن تكليفه امر دستوري لا يمكن أن يتخلى عنه، وأنه قد باشر اتصالاته مع القوى السياسية لانجاز مهمته الرسمية.&
&
الامم المتحدة تعلن الطوارئ في العراق

وقد أعلنت الأمم المتحدة حالة الطوارىء في العراق بالمستوى الثالث لحالات الطوارئ، نظرًا لحجم وتعقيد الكارثة الإنسانية الحالية، بينما دعا مجلس الامن الأطراف السياسية في العراق وأنصارها إلى التزام الهدوء واحترام العملية السياسية التي يحكمها الدستور.

وقال نيكولاي ملادينوف، الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة في العراق، إن الأزمة في العراق وصلت إلى حالة المستوى الثالث من حالات الطوارئ الذي يمثل أعلى مستوى من الازمات الإنسانية وسوف يساعد هذا المستوى على تحريك المزيد من الموارد وتسريع الإجراءات الإدارية للاستجابة. موضحًا أن هناك حاليًا ثلاث أزمات أخرى في العالم حيث يتقاسم حالة الطوارئ ذاتها سوريا وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى. وأضاف أن وضع النازحين في جبل سنجار شمال العراق يبقى يشكل قلقًا بالغًا، حيث أن عشرات الآلاف من الناس ما زالوا محاصرين وظروفهم الصحية تتدهور بسرعة.

ومن جهته، أكد ممثل اليونيسف في العراق مارزيو بابيل أن منظمته والجهات الفاعلة الإنسانية الأخرى كثفت جهودها لتلبية الاحتياجات المتزايدة لاولئك الذين يتم نقلهم من جبال سنجار، بالإضافة إلى المساعدة في تلبية احتياجات اكثر من 12 الفًا من المسيحيين النازحين الذين يحتمون الآن في العاصمة الكردية أربيل.. مؤكدًا أن الوضع في دهوك هو أيضا مصدر قلق بالغ للجميع.

ومن جهته، حث مجلس الامن الدولي جميع الأطراف السياسية في العراق وأنصارهم إلى التزام الهدوء واحترام العملية السياسية التي يحكمها الدستور. وأكد المجلس في بيان الليلة الماضية أن أعضاءه يشجعون قرار الرئيس العراقي فؤاد معصوم بترشيح رئيس الوزراء الجديد المكلف الذي وصفه بأنه "خطوة مهمة نحو تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع شرائح الشعب العراقي وتسهم في إيجاد حل ناجع ومستدام للتحديات الراهنة في البلاد ".

ودعا رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي العمل بسرعة لتشكيل مثل هذه الحكومة في أسرع وقت ممكن وضمن الإطار الزمني الدستوري. كما طالب مجلس الأمن جميع الأطراف السياسية وأنصارهم إلى التزام الهدوء واحترام العملية السياسية التي يحكمها الدستور.. مشدداً على دعمه للعملية الديمقراطية في العراق ولشعب العراق في حربه ضد الإرهاب ولا سيما ضد تنظيم الدولة الاسلامية "داعش".