الرباط: وسط اللوحات النابضة بالسخرية، انطلق مساء الثلاثاء، في المكتبة الوطنية بمدينة الرباط، معرض فني للكاريكاتير، موجه للشباب من اجل التعبير عن انشغالاته، برعاية منظمة اليونيسكو، ودعم من الاتحاد الأوروبي، تحت شعار "تصوّر معايا"، أو بالعربي الفصيح "تخيل معي".

يشارك في المعرض الذي ينظمه المعهد الفرنسي بالعاصمة السياسية للمملكة المغربية،كضيف رئيسي، الفنان بلانتي، الرسام الشهير في يومية"لوموند" الباريسية، ورئيس جمعية "الرسم من أجل السلام".

وإلى جانب لوحات بلانتي المنتصبة في بهو المكتبة الوطنية، عرضت أيضا أعمال فنية لرسامي كاريكاتير مغاربة، طالما ظهرت رسوماتهم في الصحافة اليومية المكتوبة والالكترونية،إضافة إلى بعض القنوات الفضائية العربية، وهم عبد الغني الدهدوه(المساء)،وعلى غامر( الجزيرة)، وسعد جلال (المشعل)، وخالد الشرادي (الأخبار)،وريك (ليكونوميست)،وريهام الهور (رسالة الأمة)،الناطقة بلسان حزب الاتحاد الدستوري.

وبرؤية تعتمد على السخرية من الأعطاب السياسية والاجتماعية، والأوضاع المقلوبة،والمفارقات الغريبة التي تزخر بها مختلف مناحي الحياة العامة، في كل تمظهراتها،سواء داخل المغرب أو خارجها،عكف الرسامون على بسط انتقاداتهم لبعض السلوكات،وفق تصوراتهم،بريشات مغموسة في حبر الواقع،فجاءت خطوطهم وأساليبهم الفنية،معبرة عن بؤس الحال.

ولامست الأعمال الفنية الكاريكاتيرية المعروضة مجموعة من المواضيع،التي تأخذ أبعادا متعددة الدلالات والمعاني، بين ماهو محلي وما هو دولي :الشباب والسياسة،الإرهاب والبيئة، الحدود والمنافي،هجرة اللاجئين،حقوق الإنسان، المساواة بين الجنسين، المدرسة العمومية وسؤال الجودة،الشباب والشغل،الحق في الحصول على المعلومات.

و ضمن خانة حرية التعبير، لم يفت المعرض أن يوجه تحية خاصة للرسام السوري علي فرزات من خلال لوحة تستعرض معاناته، بعد تعرضه منذ سنوات للاعتداء من طرف سلطات بلده سوريا،وصلت حد محاولة تكسير أصابعه، كوسيلة للانتقام منه على جرأته.

وباعتباره من دعاة السلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وله عدة محاولات في هذا المجال،عن طريق الرسم،عرض بلانتي بعض لوحاته التي يرى أنها تصب في هذا المنحى.

ويذكر الكثيرون أن هذا الرسام سبق له أن أقدم على عدة مبادرات في هذا السياق، من خلال استعمال الفن واللون،كوسيلة للتقارب والتفاهم بين الشعوب،من أجل نشر السلام، ومنها لقاؤه الشهير في هذا السياق مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

وعلى خلفية فنية يظهر فيه الفأر &الصغير، رمزه الفني، ملوحا بالعلمين المغربي والفرنسي،على شاشة في قاعة الندوات بالمكتبة الوطنية،انطلق بلانتي، متحدثا عن مساره الفني، وعن رؤيته للسياسة والناس والمجتمع والعالم، ولصانعي القرار السياسي في بلده فرنسا، من خلال استعراضه لمجموعة من أعماله الكاريكاتيرية، التي تنشرها يومية "لوموند"،أو تظهر ضمن سلسلة مجموعات كتبه ومؤلفاته الفنية.

واستقطب المعرض حضور فنانين ورسامي كاريكاتير،بعضهم مثير للجدل،مثل خالد كدار،ولحسن بختي، ومحمد السعداني، ومحمد الخو، ورسام من تونس اسمه نضال غارياني،حرصوا على دعم هذه المبادرة التي تروم تشجيع الشباب على استعمال الرسوم الصحافية كأداة لتجسيد أفكارهم،لحثهم &على ممارسة حقهم في التعبير عن أرائهم بكل حرية.

&ويتضمن البرنامج تنظيم أوراش &فنية تكوينية، في المعهد الفرنسي،سوف يستفيد منها الرسامون والشباب لتحسين قدراتهم وصقل مهاراتهم الفنية في تحويل أفكارهم إلى صور &معبرة عما يعتري دواخلهم من أفكار وملاحظات وانتقادات إزاء ما تفرزه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية من ظواهر وتفاعلات مختلفة.

وابتداء من اليوم الأربعاء، انتقل هذا المعرض الفني إلى الخزانة الوسائطية التابعة للمعهد الفرنسي،في مدينة الرباط،ليظل هناك إلى غاية يوم الخامس والعشرين من شهر ابريل الجاري.ويأمل منظموه أن تتاح لهم الفرصة قريبا لعرضه في أماكن أخرى لفسح المجال أمام عدد اكبر من الجمهور للاطلاع عليه.