&
اعتبارا من الثالث عشر من تشرين أول/أكتوبر 2016، يدخل الكاتب الأميركي جاك لندن في موسوعة البلياد الفرنسية.&
أمضى لندن أربعين عاما تقريبا في عالمنا (توفي قبل قرن تقريبا في الثاني والعشرين من تشرين ثاني/نوفمبر 1916) ولكنه كان غزير الإنتاج فترك وراءه أكثر من خمسين رواية ومسرحية ومجموعة قصص قصيرة. وكان أيضا صحفيا نشر آلاف المقالات. أما على صعيد الحياة فقضى حياته متسكعا في أرجاء العالم حتى وصفه البعض بكونه "أديبا من البدو الرحل" ووصل في تطوافه إلى أستراليا واليابان وكوريا. &
بدأ لندن حياته الأدبية في عام 1897 برواية اوديسا الشمال ولكن أهم رواياته هي "الناب الأبيض" (1906، وتدور أحداثها في منطقة نهر يوكون في كندا وبطلها كائن ثلاثة أرباعه ذئب وربعه كلب يواجه قسوة الحياة هناك حيث يحاول البشر ترويضه ويشرح الحياة من وجهة نظره ولكنه أيضا يشرح قسوة البشر). ثم رواية "مارتن ايدن" (1908-1909، وهي أقرب ما تكون إلى سيرة حياة الكاتب نفسه حيث يطوف مارتن في أنحاء العالم ويعبر المحيط ويذهب للبحث عن الذهب في ألاسكا ويتسكع في طرق العالم ومدنه ويحمل فكرا مناضلا وثوريا ضد الظلم والطغيان واستغلال البشر في ظل النظام الرأسمالي). ويقول أستاذ الأدب الأميركي في جامعة باريس-ديدرو فيليب ياورسكي: "غضب لندن من استغلال البشر على يد الرأسمالية الأميركية يتفجر في كل كتبه".
أشرف ياورسكي على الجزءين الضخمين اللذين خصصتهما البلياد لأكثر الكتاب الأميركيين شعبية ويقول: "أفضل رواية كتبها جاك لندن على الإطلاق هي قصة حياته نفسها" وهي جملة اقتبسها من الناقد الأدبي المعروف ألفريد كازان في وصفه للندن. فيما قال عنه هويل هاوزر، وهو أحد كتاب سيرته، مذهولا برحلة حياته الشهابية الزاخرة بالنشاط والحركة الدؤوبة والترحال وعدم الاستقرار "هذا كاتب أميركي غريب الأطوار لا يشبه أي كاتب آخر". &
ولأن إنتاج لندن متعدد وهائل فلا يمكن لجزءي البلياد تغطيته بأكمله ولكنهما سيضمان عددا من أفضل رواياته التي تعطي فكرة واضحة عن فكره الانتقائي وموهبته الفذة، ومنها "العقب الحديدية" (نشرت في عام 1908 وتروي قصة بروز طبقة ذات نفوذ واسع في الولايات المتحدة وهي تعبر عن أفكار لندن الاشتراكية ورفضه طغيان الرأسمالية). .
هناك أيضا روايته الشهيرة "نداء البرية" (1903، بطل الرواية كلب يُختطف من مزرعته الهادئة ويُرسل إلى آلاسكا حيث يواجه قسوة الطبيعة والبشر، وهو ما يدفعه إلى العودة إلى أصوله البرية ليتحول إلى قائد لقطيع من الذئاب" ثم "ذئب البحار" أو البحر (1904، عن ناقد أدبي ينجو من تحطم سفينته فينقذه قبطان سفينة عديم الأخلاق يبدأ بممارسة سلطته الاستبدادية عليه)، و"مارتن ايدن" (1909 وهي عن شاب كادح وعصامي يناضل ليصبح كاتبا) و "أهل الهاوية" (1903، عن تجربته في العيش لمدة ستة أشهر في عام 1902 في إحدى ضواحي لندن الفقيرة و المعدمة وصور فيها معاناة الفقراء في هذا العالم).&
عدد الروايات في جزءي بلياد 8 وجاءت بترتيب تاريخ نشرها بين 1905 و 1913 ترافقها الصور والرسومات التي ظهرت في الطبعات الأولى لكتبه. ويقع الجزء الأول في 1536 صفحة والجزء الثاني في 1616 صفحة. أما عدد الصور والرسوم التوضيحية المرافقة فهو 184. يضم الجزءان أيضا 47 قصة قصيرة أي ما يعادل ربع إنتاجه من هذا النمط الأدبي ويغطي الفترة ما بين 1899 و 1916. &&
ولد لندن في سان فرانسيسكو في عام 1876 وعاش مع أمه بعد أن هجرهما والده وكانت والدته مدرسة موسيقى ووالده بالتبني جون لندن. وكان الطفل جاك مغرما بالقراءة منذ طفولته حيث أمضي جل وقته في المكتبات العامة ثم تقدم في الدراسة حتى دخل الجامعة لكنه ما لبث أن تخلى عنها لاحقا ثم اضطر إلى ممارسة مهن عديدة لكسب القوت منها كتابة المقالات. عمل أيضا كمراسل صحفي واشتغل عاملا ودخل سلك الشرطة البحرية وعمل في المناجم وحتى في البحث عن الذهب في آلاسكا. أما وفاته فيحوم بشأنها نوع من الغموض حيث يعتقد البعض أنه مات بسبب صعوبة الحياة وتوقف قدرته على التحمل فيما رجح آخرون انتحاره. وقد دفن في مزرعته في كاليفورنيا.&
تحول أكثر من 40 من أعمال لندن إلى أفلام سينمائية وعُرف بأنه صاحب "الألف كلمة يوميا" وهو القائل "لا يمكن انتظار الإلهام بل يجب الركض وراءه بهراوة". ويقول الخبير ياورسكي في المقدمة التي كتبها في البلياد: "عملية الإبداع الأدبي لدى لندن مثل دفق متواصل ومنتظم" ثم يلاحظ أن مسودات رواياته وقصصه التي كان يستخدم الآلة الطابعة في كتابتها "كانت بلا أخطاء ولا تحتاج إلى أي تصحيح" ويضيف "كان الدفق الأول الذي يخرج من الكاتب صالحا للنشر في الحال وعلى الدوام تقريبا". &