&
عن فيكتور هوغو كتب الشاعر الفرنسي ليون-بول فارغ يقول:”هوغو هو الجرس الكبير للكتدرائيّة الرومانسيّة. وهو الناقوس. وقد ابتكر، وخلق، وحطّم بعض الجدران، وفتح ثقوبا في بعض السّقوف. وبقوّته الشعريّة الهائلة تمكّن فرسان الفنّ المرعب، والغامض من أن يتقدّموا خطوات الى الأمام في هذا المجال الذي لا تزال الأعمال الفنيّة العظيمة التي تنتمي اليه، مؤثّرة إلى حدّ هذه الساعة. حوله، وبعده لم يعش الشعراء من مختلف المستويات، ومن مختلف الايقاعات، إلاّ شظيّات النغم الصادر من هذا البوق.إنّ هوغو هو اللوحة الكهربائيّة للشعر الحديث بكلّ ما فيه من إيقعات وأنواع". وبالفعل لا يزال فيكتور هوغو رمزا شعريّا كبيرا لا في فرنسا وحدها، بل في جميع أنحاء العالم. ولا يزال الشعراء من مختلف اللغات والثقافات ينحنون أمامه إجلالا وإكبارا لعبقريته الشعريّة. وهو الذي اخترق القرن التاسع عشر من أوله الى آخره، كان قد جسّد طموحات هذا القرن، وآماله، عاكسا في أعماله عثراته، وتقلباته، وأزماته، وفواجعه، ممجّدا التقدمّ الصناعي، مُدافعا عن الجمهوريّة، وعن قوانينها، مساندا المرأة في نضالها من أجل التحرّر، داعيا إلى ضرورة تجديد برامج التعليم، ومناهجه، منتقدا يشدة قوانين الإدام والشنق، محرّضا على انتهاج سياسة عادلة وإنسانيّة تجاه المقهورين والمظلومين والمعذّبين في الأرض. إلى جانب كلّ هذا، كان فيكتور هوغو متعدّد المواهب. فهو شاعر من طراز رفيع، وروائيّ واسع الخيال، وبديع الأسلوب واللغة. وهو كاتب مسرحيّ مرموق، وسياسيّ متسنير، ومجادل صعب المراس. باختصار هو "الرجل -المحيط" كما لُقّب ذات يوم. وهو أيضا "الرجل الذي نتعرّف من خلاله على القيم التي قامت عليها الجمهورية الفرنسيّة ذلك أن المعارك، والنضالات السياسيّة والإجتماعية التي خاضها خلال القرن التاسع عشر، وأيضا التحديّات الجماليّة والفنيّة التي كان أحد صانعيها، تعكس يالضرورة مغامرات عصرناوتساؤلاته".
ولعلّ فيكتور هوغو أحسن وصف نفسه عندما كتب في إحدى قصائده يقول:
ذات يوم، واقفا، رأيت على ضفاف الأمواج المضطربة،
سفينة سريعة تمرّ نافخة أشرعتها، تلفّها الرياح
والأمواج والنجوم
ثمّ سمعت، وأنا منحن على هوّة السماوات
التي تلمسها الهوّة الأخرى،
صوتا لم تتمكّن عيناي من النظر الى فمه
يهمس لي:
“أيّا الشاعر لقد أفلحت !
أيّها الشاعر ذو الجبين الحزين ،
أنت تحلم بالقرب من اليمّ،
وتجذب من البحار أشياء كثيرة ثمينة
مخفيّة تحت الأمواج!
البحر هو الربّ الذي يسمّيه ويظهره
كلّ مصير، في وقت الشقاء والسّعادة
الرّيح هو الربّ، الكوكب هو الربّ،
والسّفينة هي الإنسان
&
وقد يكون فيكتور هوغو يلمّح إلى نفسه أيضا عندما كتب واصفا شكسبير:
بنظرته الثابتة هو يتأمّل الجموع،
وكلّ الغابة ترتجّ أمامه.
شاحبا يمشي، وداخل نفسه هو منبهر ومفتون
يمشي جفولا، متوحّشا، ومثل لُبَدة
يهزّ فوق رأسه كمامة من الضّوء.
رأسه الشفّاف مليء بالأرواح وبالأجساد،
وبالأحلام التي نرى نورها في الخارج
العالم كلّه يمرّ من خلال غرباله
وبقبضته الرهيبة هو يمسك بكلّ الحياة
ومن الإنسان هو يستخرج زفيرا فوق طاقة البشر
&
**
في سنوات مراهقته، كتب فيكتور هوغو المولود في مدينة "بزنسون" عام 1802 يقول:”أريدأن أكون شاتوبريان أو لاشيء!”. في ما بعد سيقتدي به راميو ويكتب هو أيضا:”اريد أن أكون هوغو أو لاشيء". وإذا ما كان الأوّل قد حقّق ما كان يطمح إليه وأزيد من ذلك، فإن الثاني انصرف مبكرا عن كتابة الشعر، مفضّلا تجارة التوابل والقهوة في اثيوبيا واليمن!
مطلع عام 1809، استقرّت صوفي، والدة فيكتور هوغو بعد انفصالها عن زوجها، في باريس برفقة أبنائها. وكان أهمّ حدث عاشه الصبي فيكتور هو الرحلة التي قامت بها عائلته إلى إسبانيا عام 1811، والتي تركت في نفسه خواطر وذكريات لم ينسها أبدا. ولفترة طويلة سوف تظلّ تلك الرحلة التي بدت له "عجائبيّة" ماثلة قي ذهنه وهو يتأمل جبال "البيريني" المغطاة بالثّلوج، ولوحات متحف "البرادو"، والجنود "الذين يلعبون الدومينو في قاعات قصر "ماسيرانو" الفسيحة". عند عودة العائلة إلى باريس، عاش الطفل فيكتور هوغو حدثا مأساويّا هذه المرّة. فقد تمّ إعدام "لاهوري" عشيق والدته بسبب ضلوعه في تدبير محاولة إنقلابيّة ضدّ نابليون بوناربرت.
وعندما استفحلت الخلافات بين والده ووالدته، وُضع الفتى فيكتور هوغو في مبيت داخليّ في باريس فتعلّم اللغة اللاتينيّة بسرعة ليصيح قادرا على أن يترجم الى لغته الأم شعراء كبارا من أمثال هوراس، وفيرجيل، وتاسيتوس، وشيشرون. كما أنه درَسَ الرياضيّات، والهندسة، والرسم. ومُشَجّعا من قبل البعض من أساتذته، كتب فيكتور هوغو أولى نصوصه متمثّلة في مسرحيّتين هما:”جهنّم على الأرض"، و"قصر الشيطان". ورغم أنه التحق بكلية الحقوق بعد حصوله على شهادة الباكلوريا، فإنه ظلّ متعلّقا بالأدب تعلّقا كبيرا. وقد أحرز نصّه الشعري المستوحى من اغتيال الدوق بيري أمام قصر الأوبرا يوم 13 فبراير -شباط 1820 ، على جائزة مَلَكيّة قيمتها 500 فرنكا. ويقال أن شاتوبريان وصفه عند قراءته للنصّ المذكور ب"الفتى العظيم".
بين عام 1819 و1821 ، أشرف فيكتور هوغو على رئاسة تحرير مجلّة أدبيّة اختار لها إسم:”الحافظ الأدبي"، وفيها نشر نصوصا تعكس أفكاره السياسيّة المحافظة والموالية للنظام الملكي. كما نشر نصوصا نقديّة عن شعراء عصره من أمثال أندريه شينييه، ولامرتين. وفي هذه الفترة أحبّ فتاة جميلة تدعى "أدال". وفي أوّل ربيع عام 1820 كتب لها بقول:”علينا أن نتزوّج غدا، وسأقتل نفسي بعد غد، وسوف تكونين أنت أرملتي. إنّ يوما واحدا من السعادة لأفضل من حياة مأساويّة طويلة".
عند بلوغه سنّ الثانية والعشرين، كان فيكتور هوغو فتى أنيقا، وسيما، يتمتّع بالصحّة والعافية. وكان يبدو سعيدا بزوجته الجميلة، وبعبقريّة بدأت ملامحها تتضح شيئا قشيئا. وها هو يكتب إلى لامرتين بتاريخ 18 يونيو-حزيران 1823 يقول:”آكتبْ ولكن غنّ خصوصا! حين نكون قد تغذّينا برحيق الشعر، فإن خبز النثر الرخيص لن يكون كافيا للفكر". بعد كتابته لهذه الرسالة بأيّام قليلة، كتب لامرتين نصّا نقديّا عن الكتاب الأول لفيكتور هوغو "هان من ايزلندا". وفيه يقول:”أجد هذا الكتاب رائعا جدّا. لكن عليك أن تلطّف ريشتك فالخيال مثل القيثارة لا بدّ أن يداعب بهدوء. أما أنت فتضرب بقوّة. وأنا أقول لك بإنّ هذا ليس صالحا للمستقبل". وكانت المعركة على أشدّها بين الكلاسيكيين والرومنطيقيين عندما أصدر فيكتور هوغو في شهر مارس-آذار 1824 مجموعة شعريّة حملت عنوان:”الأناشيد الجديدة". وفي مقدمتها كتب يقول:”في الأدب كما هو الحال في كلّ شيء، ليس هناك غير الجيّد والسّيء، الجميل والقبيح، الحقيقي والمزيّف. على الشاعر أن يسير في مقدمة الشعوب مثل النور لكي يضيء لها الطريق". وفي ربيع عام 1825 حصل فيكتور هوغو على وسام الشرف من الملك شارل الخامس. فكان ذلك حدثا بالغ الأهميّة بالنسبة لشاعر شابّ في الثالثة والعشرين من عمره. وفي صيف العام المذكور قام برحلة بصحبة عائلته الى جبال "الألب". عند عودته من تلك الرحلة، كتب نصّا دافع فيه عن ضرورة حماية الطبيعة، والآثار التاريخيّة. عقب ذلك بعام، أصدر مجموعة شعريّة أخرى حملت عنوان:”أناشيد وموشّحات غنائيّة". وفي الحين أحرزت هذه المجموعة عل إعجاب الناقد الكبير سانت بوف.ك ما نوّه بها الشاعر الفريد دو فينيي. وفي شأنها كتب يقول:”لقد التهمت قصائدك أيّها الصديق العزيز، وأنا الآن أقرؤها، وأغنيها، وأصرخ بها عاليا لكي يسمعها جميع الناس إذ أنها أسعدتني كثيرا". وفي السنوات التالية كتب فيكتور هوغو العديد من المسرحيّات التي نالت إعجاب النقاد والجمهور ممكّنة صاحبها من تحقيق نجاح جعله يحتلّ مكانة بارزة بين أشهر أدباء عصره من أمثال بالزاك، وألكسندر دوما، وجيرار دو نرفال، وتيوفيل غوتييه. أما مع مسرحيّة "هارناني" فقد واجه فيكتور هوغو لأوّل مرّة مقصّ الرقابة حيث طلبت منه وزارة الثقافة حذف بعض المقاطع، وتعديل بعض المواقف، والجمل. فما كان منه إلاّ أن جمع من حوله رموز الحركة الرومنطيقيّة المدافعين عن التقدّم، وعن ألأفكار التحررية لمواجهة السلطة. وعند عرضها، شهدت مسرحيّة "هارناني" إقبالا جماهيريّا كبيرا. إلاّ أن الصحافة المحافظة شنّت عليها هجوما عنيفا الشيء الذي أجبر صاحب البناية على طرد فيكتور هوغو من الشقّة التي كان يسكنها. وكانت الضجّة الهائلة التي أثارتها المسرحيّة المذكورة لا تزال قائمة لمّا اندلعت ثورة تموز -يوليو 1830 لتسقط شارل العاشر، وتنصّب لوي فيليب ملكا على فرنسا. ومنتشيا بهذا الحدث، أنهى فيكتور هوغو في بضعة أشهر رواية ضخمة حملت عنوان"أحدب نوتردام". عند صدورها، أحرزت الرواية على نجاح جماهيريّ ساحق. وفي شأنها كتب لامرتين يقول:”إنّ فيكتور هوغو هو شكسبير الرواية. هذه الرواية التي هي في نظري ملحمة العصورالوسيطة. لقد كبر مؤلفها كثيرا في عيني. إنه أعلى من أبراج كاتدرائيّة نوتردام". وكان فيكتور هوغو يتذوّق حلاوة النجاح الباهر الذي حقّقته روايته المذكورة لمّا آكتشف أن زوجته الجميلة "أدال" ترتبط بعلاقة غرام مع صديقه الناقد المرموق سانت بوف. وتحت وَقْع الصدمة التي ألمّت به، أصدر مجموعة شعرية حملت عنوان:”أوراق الخريف". وفي إحدى قصائد هذه المجموعة كتب يقول متوجّعا:”واأسفاه! آه يا صديقتي! واأسفاه! ها العتمة تغمر سماءنا، والحياة تصبح مظلمة. وها الشؤم يسيل ببطء على قبّة سمائنا المتألقة!”.
وكان فيكتور هوغو في قمّة مجده الأدبي لمّا احترف العمل السياسي. وفي الخطب التي دأب على إلقائها في البرلمان، اهتمّ بالعديد من القضايا السياسية والاجتماعيّة . كما دافع عن عائلة نابليون بونابرت مطالبا بعودتها من المنفى. وقد منعته ثورة 1848 من إلقاء خطابين هامين حول قوانين السجون، وحول عمل الأطفال. وعند قيام النظام الجمهوري في الخامس والعشرين من العام المذكور، أبدى فيكتور هوغو مساندته للنظام الجديد، مُتخلّيا بذلك عن مناصرته للنظام الملكي، مُدَعّما لامرتين الذي رشّح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية. وفي عام 1849 أصبح عضوا في المجلس التشريعي مقتربامن التيّارات الليبيراليّة واليساريّة ليصبح من المتحمسين للنظام الجمهوري، ومن المدافعين عن العدالة الاجتماعية، وعن المباردئ الديمقراطية، وعن التقدّم الصناعي.
ورغم من الهزّات العنيفة التي كانت تتعرّض لها فرنسا، وكلّ البلدان الأوروبيّة، فإنّ فيكتور هوغو ظلّ يدافع باستماتة عن التقدّم في مفهومه الشامل والكامل. فقد كان يرى أن الإنسانيّة ستظلّ تتقدّم إلى الأمام دائما رغم النكسات والإنكسارات التي يمكن أن توحي بأنّ التاريخ يسير الى الوراء:”التراجع على مستوى السطح لا يعني أنه بإمكاننا أن نتقدم إلى الأمام تحت الأرض. الحركة السطحية ليست غالب الأحيان غير تيّار مضادّ". وقد كانت معركة فيكتور هوغو معركة من أجل مستقبل أفضل للحضارة المتجسّدة في القيم التالية: الحرية، القانون،العدالة:”كلّ شكل من أشكال الحضارة له حبله السُّرّيّ. وقطع هذا الحبل هو شأن التقدم. والتقدّم هو المولّد للحركة الكونيّة، وهو الذي يقوم بهذه العمليّة بمهارة فائقة. لذا يمكننا أن نثق فيه". ويتمثّل التقدّم في نظر فيكتورهوغو في الضروريّات التالية: السّيطرة على المادّة، والدفاع عن الأنوار في مواجهة التزمّت والإنغلاق والظلاميّة وإقرار العدالة الاجتماعيّة.
وفي خطاب ملتهب ألقاه في السابع عشر من شهر يوليو -تموز 1851 ، أظهر فيكتور هوغو معارضته لرئيس الجمهوريّة، مطالبا بتحرير الدستور. إثر ذلك تدهورت الأوضاع السياسيّة في فرنسا تدهورا خطيرا، وشرعت القوى المحافظة تعدّ العدّة لسحق المعارضين لها. وقد واجه فيكتور هوغو هذه الأزمة الجديدة بشجاعة كبيرة، محرّضا القوى التقدميّة على المزيد من المقاومة والصمود. غير أن الأوضاع سرعان ما ازدادت تعفّنا وسوءا ليجد فيكتور هوغو نفسه مجبراعلى مغادرة بلاده سرّا وذلك يوم 11 ديسمبر -كانون الأول من العام المذكور ليصل في اليوم التالي إلى بروكسيل ومعه صناديق تتضمّن مخطوطاته. ومن هناك كتب إلى زوجته "أدال" يقول:”أنا الممثل والشاهد والقاضي. أنا المؤرخ بالمفهوم الكامل للكلمة". وفي قصيدة عبّر عن مشاعره في المنفى الإختياري قائلا:
أنا الطائر مثل ذلك الكائن
الذي كان عاموس يحلم به،
وكان القديس مرقص يراه وقد برز من وسادته،
والذي يمزج فوق رأسه المتعالي في الأشعّة،
جناح النّسر ولبدة الأسد الكبيرة.
لديّ جناحان. وأنا أطمح إلى الأعالي
وطيراني مؤكّد .
لديّ جناحان للعاصفة وللسماء
وقد صعدتّ المدارج بلا عدد.
أريد أن أعرف
متى يصبح العالم حالكا مثل المساء!
أنتم تعرفون جيّدا أن الروح تواجه
هذه الدرجة السوداء
وأنه، مهما كان علوّها، فإنّي صاعدها!
وأني سوف أمضي حتى أبلغ الأعمدة الزرقاء ،
وأن خطوتي وهي ترتقي السلّم الصّاعد إلى الكواكب
لن ترتعش أبدا!
&
وفي قصيدة أخرى كتب فيكتورهوغو يقول:
انا الشاعر المتوحّش
أنا الرجل الواجب
أنا نَفَس الآلام، وفم البوق الأسود
أنا الحالم الذي يضع على دفاتره الأحياء
والذي يمزج المقاطع الشعريّة الحزينة
بالرياح الأربع!
&
في المنفى تابع فيكتور هوغو عمله ونضاله ضدّ نظام نابليون الثالث الذي أطاح بالنظام الجمهوري ناعتا ايّاه ب"نابليون الصغير"، وب"القناع"، وب"القزم"، متّهما ايّاه بتخريب فرنسا وب"قتل مبادئ الحرية، والتقدّم، والعدالة الاجتماعيّة في المهد”. ولم يكتف هوغو بذلك بل خصّص ديوانا كاملا لذمّ نابليون الثالث، وهجائه بقصائد مقذعة. وفي قصيدة تضمنها ديوانه "أسطورة القرون"، تذكر حياته في باريس فكتب يقول متوجّعا:
قديما، عندما يعود ديسمبر دامعا،
كنت أمضي، وأغادر كلّ من يعرفني،
كنت أهرب، وكانت باريس تختفي. لا شيئ. لا أحد!
كنت أمضي، ولم أكن غير ظلّ يرتجف،
كنت أمرّ هاربا، وحيدا، دون أن أنظر، ودون أن أفكر، ودون أن أتكلّم، عارفا بأنني ذاهب الى حيث
عليّ أن أذهب.
وأسفاه، لم يكن باستطاعتي حتى أن أقول: أنا أتألّم!
&
في المنفى أيضا أنهى فيكتور هوغو أعمالا ادبيّة كبيرة مثل "البؤساء" التي سوف تخلّد ذكره إلى الأبد. وعقب مرور عشرين عاما على مؤتمر السلام الذي ترأسه في باريس، انتظم مؤتمر بنفس الإسم في مدينة لوزان السويسريّة وذلك يوم 18 سبتمبر -أيلول 1869. وفي هذا المؤتمر، دعا فيكتورهوغو من جديد إلى ضرورة قيام اتحاد الدول الأوروبية. وهو ما سيتحقّق في النصف الثاني من القرن العشرين. كما دافع عن آرائه وأطروحاته بشأن المسائل والقضايا الإجتماعية، والسياسيّة، والتربويّة. وعقب سقوط نظام نابليون الثالث إثر الحرب التي شنّتها ألمانيا على فرنسا عام 1870، عاد فيكتور هوغو إلى باريس واضعا حدّا لسنوات المنفى المديدة. وعند وفاته في 22 مايو-أيّار 1885 عقب حياة حافلة بالابداع، والأحداث الكبيرة، والمواقف الشجاعة ، شيّعته إلى "البانطيون"،مقبرة العظماء، جماهير غفيرة تجاوز عددها المليون نسمة. وقد علّق ارنست رينان على ذلك قائلا:”لقد خلق هوغو بقرار خاصّ ليكون أبديّا". وأما اندريه شينييه فقد كتب يقول:”أنت (يقصد هوغو) نسر ما هو غير متوقّع، وطائر كلّ السماوات، ونشيد الليل"...