&
&
يواجه بعض الموسيقيين ظروفا عصيبة وصعبة للغاية للتعريف بأنفسهم، غير أن هذا الواقع لا ينطبق تماما على المؤلف الروسي تشايكوفسكي الذي واجه ويواجه حالة معاكسة تماما إذ انتشرت موسيقاه في كل مكان في العالم بسهولة وسرعة مذهلتين وهناك الملايين من المغرمين بأعماله التي تستخدم في كل مكان تقريبا لا سيما في الأفلام الرومانسية ومنها على سبيل المثال لا الحصر كسارة البندق وسمفونية مانفريد والسمفونية الحزينة.&
واليوم يقود قائد الاوركسترا الروسي الأميركي سيميون بيتشكوف مشروعا ضخما لإعادة تسجيل أعمال هذا الموسيقار خاصة السمفونية السادسة التي تسمى أيضا السمفونية الحزينة.&
وبيتشكوف شخصية مهمة في عالم الموسيقى إذ كان قائدا لاوركسترا باريس ثم عمل في نهاية التسعينات في دار الاوبرا في درزدن في المانيا وكان يقود اوركسترا إذاعة ألمانيا الغربية قبل سقوط جدار برلين كما كان ضيفا في الأوبرا الملكية. ومؤخرا دعته اوركسترا نيويورك ليشرف على سلسلة أعمال تشايكوفسكي وبعدها طُرح مشروع تسجيل الأعمال كاملة ومنها سمفونية مانفريد ثم بدأ في تشرين أول/أكتوبر الماضي قام بسلسلة تسجيلات لصالح بي بي سي وقدم كونسرت تضمن سمفونية مانفريد أيضا. & &&
ويصف بيتشكوف مشروع تشايكوفسكي بكونه ضخما ومعقدا بعض الشيء لأن الموسيقار الروسي صاحب الشهرة العالمية كان شخصية معقدة وغامضة في الواقع كما يقول إن انتشار موسيقى تشايكوفسكي الواسع قد يعطي انطباعا أن التعامل معه ومع أعماله أمر سهل للغاية، ولكن الواقع عكس ذلك تماما إذ اضطر بيتشكوف، حسب قوله، إلى قراءة كل الرسائل التي كتبها تشايكوفسكي خلال حياته وتحليل مذكراته وكل أقواله في محاولة لكشف شخصيته الحقيقية ومعرفة طريقة تفكيره وفهمه. ويقول بيتشكوف "كان تشايكوفسكي مفكرا حقيقيا إذ كان يقيم كل شيء حوله ويقيم نفسه ويعنفها عند اكتشافه نقطة ضعف فيها".&
ويقول بيتشكوف أيضا إن تشايكوفسكي كان يكره الجمع بين المهن وهو ما كان الكل يفعله في روسيا في ذلك الوقت فبوردوين مثلا كان كيمائيا وريمسكي كورساكوف كان ضابط بحرية. وكان لا يحب المؤلفين الموسيقيين الشباب أيضا في سانت بيترسبورغ رغم أنه كان يعتبرهم موهوبين ولكنه كان ينظر إليهم على أنهم مجرد هواة. أما هو فكان موسيقارا محترفا جدا. ويعتبر بيتشكوف أن الانغمار بأعمال تشايكوفسكي له نكهة خاصة ترقى إلى مستوى اللذة إذ تمكن من الكشف عن عدد من الطبقات الخفية في موسيقاه ليشبه بذلك موزارت الذي كان إلهه الموسيقي ويقول "يجب أن يكون كل شيء شفافا بحيث يكون الاستماع إلى قطعة ألفها تشايكوفسكي أشبه ما يكون بالنظر إلى بحيرة غير ملوثة. فعندما يكون الماء ملوثا لا يرى المرء غير السطح أما عندما يكون نقيا تتوغل العين داخله وترى الأسماك الصغيرة في قعره".
ولد تشايكوفسكي في عام 1840 وتوفي في عام 1893 بعد إنجازه السمفونية السادسة وبعد مرور تسعة أيام على قيادته الاوركسترا التي عزفتها. وظل سبب موته لغزا غامضا حتى يومنا هذا. وتذكر السجلات الرسمية أنه مات بسبب إصابته بمرض الكوليرا لكن الفكرة الشائعة عنه أنه مات منتحرا بعد انكشاف علاقته بموسيقي شاب. ولكن ليس هناك أي أدلة مقنعة عن ذلك ولذا ظل هذا اللغز قائما وسيظل كذلك ربما إلى الأبد.&
ويرى بيتشكوف أن السمفونية الحزينة عبرت عن مشاعر غضب واحتجاج على الموت ثم عن رفض له قبل الاستسلام لإرادته ثم يذكر بما قاله تشايكوفسكي عن الموت "كم الحياة قصيرة! كم يود المرء أن يعمل وأن يفكر وأن يقول … لكن الموت يجلس متربصا عند المنعطف".
مشروع تشايكوفسكي يأتي تحت عنوان "صديق عزيز" لصالح دار تسجيلات ديكا وبمشاركة الاوركسترا التشيكية ذات الشهرة العالمية.&

&

&