يحبون مشاهدتها فقط
المجتمع الفلسطيني لن يتقبل الكاميرا الخفية

نجلاء عبد ربه من غزة: من الصعب، بل من المستحيل أن أقبل بهذا الأمر. ماذا سيكون موقفي أمام أصدقائي والجميع يضحك عليّ مما يشاهدونه. كلمات تخرج من أفواه الكثيرين من الشباب والفتيات الفلسطينيات تحمل في مضمونها أزمة مجتمع يعيشه الفلسطينيون هذه المرحلة.

ولم تخلو سنوات ما قبل إنتفاضة الأقصى عام 2000 من برنامج كاميرا خفية في المدن الفلسطينية المختلفة، إلا أن الفكرة أخذت في الإضمحلال شيئاً فشيئاً حتى اُعدمت تماماً هذا العام.

ويعترف الشاب لؤي خالد (22عاماً) أن الفكرة جميلة جداًَ، لكنها ممنوعة التطبيق في الأراضي الفلسطينية. ويقول لإيلاف 'الجميع متعود في شهر رمضان أن يشاهد الكاميرا الخفية التي لا تخلو من إبتسامات تريح النفس ولو لبعض الوقت، لكن البرنامج لو تم تصويره هنا ستكون عاقبته وخيمة'.

ويرى لؤي أن التوتر الفلسطيني الداخلي والفلسطيني الإسرائيلي على مدار أكثر من 8 سنوات من عمر الإنتفاضة، أثرت بشكل أساسي على عقول الشباب والفتيات، وبات برنامج كهذا في المدن الفلسطينية، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، أمر منهي تماماً ويمنع العمل به.

وتقول شيرين أحمد (24 عاماً) لإيلاف 'بالتأكيد لن أقبل أن يتم تصويري في مقلب معين يتبع للبرنامج، ذلك لأن أهلي لن يقبلوا بأن يشاهدوني على الفضائيات'. وتذهب شيرين بالقول 'ربما يبحثون عن المصور والمخرج ويتشاجرون معهم'.

الفكرة جيدة في نظر هبه عادل، باحثة إجتماعية، لكنها صعبة التطبيق في وجود توتر فلسطيني داخلي في غزة، وإحتلال إسرائيلي في الضفة الغربية. وتقول 'النفوس هنا متشاحنة، فالكل في حالة تأهب لكل شيء، ففي الضفة الغربية، لا يمر يوم حتى تجد القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة وتعتقل شباب أو تقتل أحدهم، بينما في غزة، الناس تبحث عن إسطوانة غاز أو لتر بنزين، لذلك لا أحد يعيش في أمن أو إستقرار نفسي'.

وتؤكد الباحثة الإجتماعية أن 'الشعب الفلسطيني، إضافة لما سبق، يعيش وضعا قبليا عشائريا يجعله يعد بعض الأمور التي قد تحدثها برامج الكاميرا الخفية إساءة شخصية له بالرغم من أنه بحاجة للترفيه عن نفسه في ظل الأوضاع التي تعصف به يومياً'.

وبحسب صحيفة فلسطين التي تصدر في غزة، فإن أحد الفضائيات العربية حاولت خلال شهر رمضان إنتاج برامج كاميرا خفية من خلال الاحتكاك بالجمهور الفلسطيني، إلا أن الأخير لم يتقبل هذه البرامج، الأمر الذي أدى إلى إلغاء هذا البرنامج الترفيهي.

ويؤكد نصر فؤاد، موظف حكومي، انه يتابع معظم برامج الكاميرات الخفية سواء المصرية أو الخليجية أو السورية، لكنه يستبعد في غضون 10 سنوات مقبلة تصوير هذا البرنامج من الأراضي الفلسطينية. ويقول لإيلاف 'حتى يمكننا تصوير هكذا برامج، يجب تغيير نفوس جيل بأكمله، وتهيئته نحو حياة امن وإستقرار داخل بيته ومدينته. فالأمر ليس سهلا أن يرى الشاب الفلسطيني أخته وهي تتحدث مع شاب آخر (كمقدم البرنامج أو المخرج مثلا)، وهم يقومون بالتمثيل عليها في موقف ما'.

ويشير نصر إلى أن المجتمعات العربية تتقبل الفكرة بسعادة تامة، بل وتجد الشاب أو الفتاة تبتسم من أعماق قلبها حينما يخبروها أنها وقعت تحت عيون الكاميرا الخفية، لكن الوضع في الأراضي الفلسطينية مغاير تماماً.

ودأبت الفضائيات العربية والأجنبية على عرض برنامج الكاميرا الخفية في شهر رمضان تحديداً، وتتنافس تلك الفضائيات في عرض أفضل البرامج لترفيه الناس لبعض الوقت.

ويبقى الفلسطينيون يعيشون تحت ضغط نفسي أكبر من برنامج كالكاميرا الخفية التي من الممكن إسعادهم ولو لدقائق، لكن هموم الناس ومشاكلها تأبى إلا أن تشكل هاجساً لهم حتى في إبتساماتهم.