يقصده سنويًا ما بين 50 الى 60 الف زائر
متحف جبران منحوتة فنية في صخور شمال لبنان

ريما زهار من بيروت: من الصعب ذكر بلدة بشري في شمال لبنان من دون جبران خليل جبران لان العلاقة متداخلة بين هذا الفيلسوف والأديب والفنان اللبناني العالمي ومسقط رأسه وقد اشتدت اواصر هذه العلاقة مع متحف جبران الذي كان ديرًا للاباء الكرمليين قبل ان يشتريه عام 1926عندما كان يعيش في نيويورك بهدف قضاء آخر ايامه فيه، وخصوصية المتحف تكمن في جمال الطبيعة في بشري لذا لا تكتمل الزيارة الى هذه البلدة من دون دخول المتحف الذي يتميز بموقعه الاثري المحفور في باطن الجبل والعابق بروائح السنديان والصنوبر والوزال والعشب البري، ومن يطل من هذا الموقع على بشري ووادي قاديشالوح امامه قباب الكنائس وسطوح القرميد وصوامع النساك والكهوف الصخرية من هذا الموقع الذي امضى فيه جبران طفولته الاولى وعندما ينظر الزائر الى المتحف يشعر بأنه في العالم الحقيقي لجبران الذي تخيل انه سيدفن فيه، طالبًا في احدى مقالاته (جمال الموت) ان ينثروا فوق ضريحه بذور السنديان والشربين والحور لتتغذى من عناصر جسده عله يتنفس برؤوس الاشجار.


يتميز المتحف الموغل في القدم بممرات صخرية تحولت الى معرض دائم لرسومه ولوحاته الزيتية وكتبه الخاصة واشيائه الحميمة. وترافق الزائر روائح البخور على انغام الناي التي عزفها احد ابناء بشري (فريد فخري)، خصيصًا للمتحف ووفاء لجبران، المولع بأنين الناي واللوحات الزيتية والاكواريل، تعكس طبيعة بشري ووادي قاديشا، بعذريتها وبدائيتها الماثلة في خلفية كل لوحة من خلال المقاربة بين اللوحة والفضاء الازرق والسواقي والجداول والفجر والصخور والشفق. ومع رسوم جبران نقرأ من الابيض الناصع والشفاف الى الاسود الفاحم والترابي الثنائية بين عالم المادة الترابي المظلم وعالم الروح الاثيرية الحاضرة في اللوحات وفوق سرير جبران وبين اشيائه الحميمة.

تمثال كبير لجبران قبل دخول المتحف

ومن حجرة الى اخرى وممر وآخر، حيث ممنوع التقاط الصور الفوتوغرافية ، تحضر صور المشاهير الذين عاصرهم جبران وتأثر بهم من النحات الفرنسي رودان الى طاغور الى ماري هاسكل الى امين الريحاني الى مي زيادة الى امه واخته سلطانة الى يونغ الذي رسمه هو بريشته الى لوحات كتاب النبي (تحفة جبران التي ترجمت الى لغات عدة وكانت قد حملت رسالة الى العالم)
اضافة الى بعض قطع الاثاث الشخصية التي كانت في مقر سكنه في نيويورك.
زيارة واحدة الى المتحف لا تكفي، ذلك ان اللوحات بحاجة الى زيارات عدة وكل زيارة تبدو وكأنها الاولى فالافكار والاحاسيس والرؤى التي تختزنها تدفعك للعودة مجددًا وعند نهاية الممرات تنحدر في درج محفور داخل الصخر لتصل الى مغارة محفورة ايضًا داخل صخرة كبيرة حيث يرقد جثمان جبران في قبر محفور داخل الصخر ومضاء طوال الوقت اضاءة خفيفة وفي المغارة سريره الخاص وجدارية قديمة.

من اقواله

وبحسب القائمين على متحف جبران فان المتحف يزوره سنويا ما بين 50 الى 60 الف زائر بين لبنانيين وعرب واجانبو يضم 440 لوحة بين زيتي ومائي ورصاصي وطبشوري و500 غرض شخصي لجبران بالاضافة الى مكتبة جبران الخاصة.
ويضيفونان متحف جبران يعتبر واحدًا من المتاحف القليلة في العالم الموجودة في الجبال والمحفورة بالصخر.

لكم لبنانكم ولي لبناني

ويتابعون انه عام 1932 تم نقل الاثاث، المخطوطات، المكتبة الخاصة، الاغراض الشخصية بالاضافة الى 440 لوحة اصلية من نتاج جبران الفني من محترفه في نيويورك الى بلدته بشري، وهذه الفنيات والاثريات تشكل اليوم محتوى متحف جبران، ومحبسة دير مار سركيس التي تحولت مدفنًا لجبران هي مغارة قديمة تعاقب فيها الحبساء منذ القرن السابع للميلاد، قد بنى في جوارها رهبان كرمليون منذ 1701 ديرًا انتهى اعماره سنة 1862، وقد عبر جبران وهو في نيويورك عن رغبته منذ العام 1926 بشراء هذا الدير ليجعل منه quot;صومعةquot; ومن المحبسة مثواه الاخير، في 22 آب 1931 وصل جثمان جبران الى بشري فابتاعت اخته مريانا الدير وملحقاته منفذة جزءًا من وصية شقيقها بان يدفن في المحبسة، اما تحويل الدير الى متحف فلم يتحقق الا سنة 1975 مما اقتضى انشاء جناح في الجهة الشرقية يوصل طابقي الدير ببعضهما، وتحقق انشاء طابق ثالث سنة 1995، وزود المتحف بالاجهزة الملائمة.


[email protected]

* تصوير ريما زهار