يعبر لاسرائيل يوميا نحو 150 متسللا عبر الحدود المصرية ويعاني هؤلاء رحلة من العذاب قد تصل إلى قطع أحد الأطراف وربما القتل من قبل المهربين. الزميل فتحي الشيح تابع طرق التهريب وأساليبها وخرج بالتحقيق التالي:


فتحي الشيخ من القاهرة: عندما قرر تسفالي برهان46 عام الفرار من بلده اريتيريا ومن الاوضاع القمعية فيها، لم يخطر بباله انه سوف ياتي الى مستشفي مدينة العريش في محافظة شمال سيناء بمصر بين الحياة والموت بعد ان فقد قدمه بعد ان بترها احد المهربين بالسيف.

تسفالي متاكد انه كان قريبا جدا من الموت وان حلمه بالذهاب الى اسرئيل كان عبارة عن رحلة من العذاب خاصة بعد ان وصل الى سيناء و وجد المهربين يطالبوه بخمسمائه دولار في حين لم يكن معه سوي 200 دولار فقط.

ولكنه طلب من افراد العصابة التي سوف تقوم بتهريبه أن يدفع عندما يقترب من الحدود على امل المماطلة وامكانية الفرار منهم عندما يقترب من الحدود خاصة بعد ان وجدهم يعذبون من ليس معه نقود من الحالمين بالذهاب الى اسرائيل امثاله. بل تم كي جلد احدهم لانه لايعرف أحداً يحضر له مالاً مقابل تهريبه. وشاهدهم يقربوا سيخ حديد كان موضوعا في النار من قدمه وشم رائحة جلده المحترق.

هذا غير الضرب والاهانة والتحرشات الجنسية بالنساء اللواتي كن معهم. لهذا طلب منهم أن يدفع عندما يقترب من الحدود. ولكن عندما اكتشفوا انه لا يملك سوى 200 دولار وانه كان يماطلهم بغرض الهروب أخرج احدهم سيفا وقطع قدمه من عند الكاحل.

الاف الشباب القادمين من دول افريقيا مثل اريتيريا والصومال والسودان يتسللون عبر الحدود المصرية الاسرائيلية، لاسباب مختلفة؛ البعض بسبب الفقر الضارب في مناطقهم او بسبب العنف العشوائي او القمع الامني، عبر حدود تصل الي 230 كيلو لا تغطيها حراسة كافية. وتسكنها بعض القبائل. ولا توجد اي تنمية في هذه المنطقة.

البشر هم البضاعة المطلوبة في تلك المنطقة، سابقا كان يتم تهريب فتيات من روسيا للعمل بالبغاء في اسرائيل. وكانت هذه الصفقات تتم لحساب اشخاص داخل اسرائيل عن طريق بعض المهربيين من سكان تلك المنطقة. اما الان حدث بعض التغيير في هذه الصفقات حيث اصبحت البضاعة رجالا ونساء واطفالا من دول افريقيا والدفع يتم بواسطة الاشخاص المتسلليين انفسهم.

اما طرق التهريب فهي متعددة.

احد شهود العيان رفض ذكر اسمه يتحدث عن طرق التهريب قائلا إن هناك ثلاث طرق للتهريب تكون الاولى عن طريق الترويج بين صفوف لاجئي تلك الدول الموجودين في العاصمة المصرية القاهرة وذلك عن طريق بعض الاشخاص من طرف المهربين وبعد انتقال هؤلاء الاشخاص الى سيناء بشكل طبيعي حيث انه مسموح لهم بالاقامة في مصر يتسلمهم المهربين بعد عبورهم القناة ويسلكون بهم طرقا فرعية حتى يصلوا قرب الحدود. وهناك يقيمون في عشة او في منطقة جبلية حتى تحين لحظة اختراق الحدود.

اما الطريقة الثانية فتبدأ من داخل حدود السودان ويتم الاتفاق مع بعض المهربين الذين يسلموهم الى افراد عصابة من قبيلة معينة تسكن المنطقة الجنوبية الشرقية في محافظة اسوان بمصر. ويقوم افراد العصابة بالسفر بالاشخاص الذين يتم تهريبهم ليلا فقط وتتم الاقامة في الصباح في اماكن خاصة بعيدة عن الاعين. وفي الغالب تكون في منطقة جبلية حتي تكون بعيدة عن الاعين. و يتم الوصول الي القنطرة وركوب العبارة للوصول الى سيناء. و يتم دفع رشوة الى بعض افراد الشرطة اصحاب الرتب الصغيرة جدا حتى يمر هؤلاء الاشخاص وتكمل الرحلة داخل سيناء. بعد ذلك كما يجري ماجرى في الطريقة الاولى.

اما الطريقة الثالثة والاخيرة فهذه خاصة ببعض الاشخاص الذين يقيمون في مصر بشكل قانوني وينتقلون للعمل بالقرب من المنطقة الحدودية و يكون عملهم في مجال البناء. وهؤلاء يتحينون الفرصة لاختراق الحدود بعد ان يقيموا علاقات ودية مع احد ابناء المنطقة الذي يقبل ان يساعدهم.

ربما حتى الان لا تبدو اوجه الخطورة في الرحلة لانها تكمن في التفاصيل والاتفاقات المادية تحديدا وهذا ما يبينه quot;س عquot; احد ابناء المنطقة الحدودية قائلا :بعد ان يصل الافريقي الي سيناء يفاجأ بطلب مقابل لتمريره من الحدود بعد ان كان يعتقد ان ما دفعه في اول الرحلة كان اجر المهربين حتى دخوله اسرائيل وبالطبع اغلبهم تكون اموالهم قد نفذت منهم.

وهنا يطلب منه المهربون ان يتصل باحد معارفه في اسرائيل ويطلب منه تحويل الف دولار لحساب بنكي في مدينة بئر سبع وعندما يصله تاكيد من احد الاشخاص بالتحويل يقوم بتهريبه.
فيضعه على الحدود ويطلب منه وحده المرور.
اما الاشخاص الذين لا يستطيعوا تدبير المال فيتعرضون للتعذيب والكي بالنار. ويمكن ان يصل الامر الى قطع يد او قدم احد للترهيب او حتى قتل احدهم من قبل المهربين.

كت يجري ممارسة الجنس مع النساء برضاهن او بدون رضاهن. وهناك بعض المهربيين يستغلون المتسللين في العملة كالسخرة ليحفروا لهم بئرا او في اي عمل خاص بهم. ويكون هذا تحت حراسة المهربين المسلحين.

ويكمل س ع كلامه قائلا في بعض الاحيان نجد احد الافارقة قد فر من المهرب ويختبيء في عشة الطيور او الاغنام التي تكون بجوار بيت البدوي عادة. فيقوم بعض المهربين عندما يهرب منهم احد الافارقة المتسليين بالبحث عنه في المنطقة. وخاصة ان المنطقة صحرواية وكل سكانها يعرفون بعض، فيكون من السهولة العثور عليه. وهناك بعض المهربين يقومون بترك المتسللين الذين لايملكون شيئا قرب الحدود بعد تعذيبهم فقدان الامل في تحصيل اي اموال منهم لمصيرهم ان يعبروا او ان يقتلوا بواسطة حرس الحدود المصري او الاسرائيلي اثناء العبور او يتم القبض عليهم.

ويبلغ عدد المتسللين يوميا من 150 الى 200 شخص يعبرون يوميا الحدود. هذا الرقم الصادم اورده (س ع) لايلاف قائلا: منذ عدة شهور كان العدد لا يتجاوز 40 شخصا في اليوم الواحد. ولكن العدد يزداد مع الوقت ليصل الان الى متوسط 150 ndash; 200 شخص. وقد زاد عدد المهربين انفسهم وبالتالي اصبح هناك شخص يعبر الحدود مقابل خمسمائة دولار. وبعض الاشخاص يدفع اقل ولكنه يتعرض للتعذيب كوسيلة للضغط عليه حتى يتم تحصيل اكبر قدر للمال منه.
ولافرق بين في عمر من يتعرض للتعذيب أن كانوا رجالا واطفالا ونساء؛ الجميع يتعرض لنفس الظروف في مقابل ان يعبر الى اسرائيل.

وكان وزير الداخلية الإسرائيلي إيلي يشاي أعلن أنه لن يمنح وضعاً قانونياً لحوالي 1،200 طفل من أطفال العمال المهاجرين، مما دفع عدة منظمات غير حكومية إلى شن حملة مناهضة للترحيل، وكان اخير ما اعلن عن مشروع خطة ردع في الحكومة الاسرائيلي تقضي وبموجب الخطة، سيتم توفير السكن الأساسي لطالبي اللجوء في مخيمات في صحراء النقب جنوب اسرائيل ومنطقة وادي عربة، وسيحصلون على الغذاء والمأوى والرعاية الطبية الأساسية، في مقابل العمل غير المأجور، لاسيما في مجال الزراعةوكانها معسكرات للسخرة وترجع بالزمان الي عقود مضت، وهكذا سوف يجد المتسللين نفسهم بين مطرقة عصابات التهريب وسندان الحكومة الاسرائيلية.