في كل خريف تحتفل مقاطعة بافاريا الألمانية بمهرجان الشراب أو البيرة التي يهرع لتناولها آلاف السكان من نساء ورجال وشيوخ، حيث يستمر هذا الإحتفال نحو اسبوعين بعد ان كان انطلق قب قرن من الزمان أثناء عقد قران إحدى الأميرات في بافاريا.


صلاح سليمان من ميونخ: وقد تجولت إيلاف في أكبر مهرجانات ميونيخ وألمانيا، مهرجان عيد اكتوبر2009 في ميونيخ والذي يقام في النصف الثاني من شهر سبتمبر وأوائل شهر اكتوبر من كل عام.
مع نسمات الصباح الاولي في ميونيخ كانت الجماهير تتدفق من كل صوب وحدب لمشاهدة الكرنفال الشعبي المتميز المصاحب ليوم الاحتفال والذي تشارك فيه كل المدن الرئيسية في ولاية بافاريا بلا استثناء، فيه تقدم عروض موسيقية رائعة اضافة الي مسيرات من شباب وشيوخ ونساء واطفال يرتدون جميعهم الزي الشعبي البافاري اضافة الي العربات التي تجرها الخيول والتي تزينت وتجملت بشكل رائع، والجميع يتجهون صوب ساحة تريزا.

الافتتاح الرسمي
في منتصف نهار اليوم الاول للمهرجان يتجه عمدة المدينة !quot; كريستيان اوديquot; بصحبة لفيف من السياسين والفنانين ومجموعة اخري منتقاة من مشاهير المدينة، الي منضدة وضع عليها برميل من البيرة في تقليد لم يتغير منذ بدء الاحتفال بهذا العيد، وعند دقات الثانية عشرة يتناول عمدة المدينة مطرقة خشبية ويطرق الصنبور عدة طرقات محاولا تثبيته في البرميل وسط تصفيق وتهليل الجضور وحال انتهاء عمدة المدينة من تثبت الصنبور تكون تلك اللحظة هي الاشارة الفعلية للبدء الرسمي للاحتفال، الطريف ان الحشود تتابع عمدة المدينة وهو يقوم بالطرق علي الصنبور ليصبح ذلك حدثا يتداوله الناس طيلة ايام المهرجان، لانه كلما كان عدد الطرقات اقل يكون ذلك اشارة الي براعة العمدة وتمكنه.

سوق للتعرف بين الجنسين
ينصرف الناس الي اماكن الاحتفال في الساحة التي تغص بالاف الزوار من كل الجنسيات، الموسيقي البافارية يسمع صداها في كل مكان، السير يبدو بطيئا وصعبا وسط كل هذه الحشود، غير ان فضول العين لايتوقف بالنظر هنا وهناك، الزوار البافاريون انفسهم يسرقون انظار المشاهدين لروعة الملابس الفلكولورية التي يرتدونها، الرجال يرتدون السروال الجلدي والجورب الصوف والقبعة البافارية الشهيرة، والنساء يرتدين الفستان المزركش رائع الالوان الذي يكشف جزء كبيرا من الصدر،لقد تحول عيد اكتوبر الي عيد للحب اذ يتلاشي فيه التحفظ والخجل ويصبح التعارف بين الجنسين امرا سهلا ويسيرا، خاصة وان هذا الاحتفال قد اقيم لاول مرة في عام 1810 بمناسبة عقد قران الملك لودفيج الاول علي الاميرة تيريزا فون زاكس رسميا...

اماكن الالعاب واللهو تنتشر في كل مكان، العاب جديدة مبتكرة وكلاسيكية قديمة.. طوابير من الناس تاخذ دورها للاستمتاع بهذه الالعاب، يبدو من هذا الزحام ان الازمة الاقتصادية تتواري امام حب الناس في الاستمتاع واللهو يقول احد الشباب البافاريين ارمن جيزي 25 عام سوف اواظب علي الحضور هنا يوميا.. فانا استمتع بشراب البيرة في عيد اكتوبرمن كل عام.


داخل الخيمة

لاتكتمل الزيارة الا بدخول احدي الخيام الضخمة المنصوبة في الساحة المعدة لتناول مشروب البيرة الذي يرتيط تناوله ارتباطا وثيقا باعياد اكتوبر، ويبدو ذلك جليا في عدد الخيام المنصوبة والتي تصل الي 14 خيمة كبيرة تتسع الواحدة منها الي 700 فرد اضافة الي 16 خيمة اخري متوسطة الحجم تتسع الواحدة الي 500 فرد ويتم استهلاك قرابة الخمسة ملايين لتر بيرة طيلة ايام المهرجان..اكواب البيرة التي يطلق عليها البافاريون quot;ماصquot; تجدها في كل مكان وللوهلة الاولي يخال للمرء انه عيد للبيرة.. وطيلة ايام الاحتفال يغض البافاريون الطرف عن حالات السكر التي يقعون فيها من جراء شرب كؤس البيرة العديدة، ويداعبون بعضهم البعض بالقول لابأس انه عيد اكتوبر!!

ما ان يدلف الزائر الي الخيمة الا ويفابلة جو محموم وصاخب ملئ بالجنون والاستفراق باستمتاع اللحظة، الموسيقي البافارية تصدح بلا توقف،اناس اعياهم الشراب ولايكلون عن الرقص والغناء والمزيد من الشراب حتي ان البعض قد يفارق الحياة بسبب الافراط في الشراب، صورا عديدة تفوق التوقعات مثل النساء التي تقفن علي المنضدة وترقصن وهن عاريات الصدر.. لقد جذب هذا الجنون السياح من الشباب من مختلف دول العالم.. من كل ارجاء اوروبا جاؤا، بل ايضا من امريكا وكندا واستراليا كلهم شغفون باحتساء كؤس البيرة البافارية ومن ثم الاستمتاع والرقص بلا تحفظ، تشير تقارير المهرجان الي ان قرابة الستة ملايين شخص يزورون عيد اكتوبر كل عام.

بعض العرب الذين يعيشون في المدينة يذهبون مع اطفالهم للاستمتاع بالالعاب المنتشرة في كل مكان ويحاول البعض من الشباب العربي الذبن يدرسون في ميونيخ من محاولة ايجاد فرصة للعمل في اماكن خدمات الزوار في المهرجان ويعتبرون من يحصل علي هذه الفرصة محظوظا يقول احمد الغنيمي طالب يدرس في ميونيخ من مصر انه يتحصل علي مبالغ تكفيه لفترة طويلة من السنة..طلاب المان واوربيون ايضا يسعون للعمل في بيع الزهور والسجائر او العمل كجرسونات في الخيام الضخمة وكلهم سعداء لما يحصلون عليه من عائد مادي.