تُبدي الأوساط الرياضية في العراق قلقاً بالغاً من الأساليب الجديدة التي يتبعها جمهور الكرة في التشجيع، عبر إطلاق الهتافات السياسية والدينية أثناء اللعب ، ما ينذر بوقوع أعمال شغب وعنف. ويقول سليم حميد (45 سنة) إنه اضطر إلى ترك الملعب بعد ظهور بوادر أعمالشغب أثناء مباريات الجوية والزوراء في ملعب الشعب الدولي في بغداد عام 2011 بعدماعلت في أرجاء الملعب هتافات سياسية ودينية.

________________________________________________________________________________

جماهير عراقيّة في أحد الملاعب الكرويّة

يندهش المشجعون التقليديون للأندية الرياضية في العراق من التقنيات الجديدة والمثيرة التي يبتكرها الجيل الجديد لتشجيع أنديتهم المفضلة.

وتتمثل الأساليب الجديدة التي يتبعها هؤلاء في جدالات عبر موقع التواصل الاجتماعي ، وكذلك استخدام الموبايل عبر إرسال المسجات التي تحطّ من قدر هذا النادي أو ترفع من شأن ناد آخر ، واستخدام برامح دبلجة الصور لإهانة لاعب و تكريم آخر .

الهتافات السياسية والدينية

لكن ما يقلق أكثر ليس الأساليب الجديدة في التشجيع، بل إطلاق الهتافات السياسية والدينية أثناء اللعب ، ما ينذر بوقوع أعمال شغب .

ويقول سليم حميد (45 سنة) انه اضطر إلى ترك الملعب بعد ظهور بوادر أعمال شغب أثناء مباريات الجوية والزوراء في ملعب الشعب الدولي في بغداد مؤخرابعدما علت في أرجاء الملعب هتافات سياسية ودينية .. مثل (الشيعة بعد ما ينطوهه) اي ان الشيعة لن يتركوا السلطة في العراق.

وأساءت هتافات ضد فريق اربيل حيث هتف كثيرون (جيس جيس كردي ) ،اي إن الكردي مثل الكيس الفارغ غبيا أو مهزوما.. في حين رد جمهور كردي (جيس جيس عرب) ، كما اساء جمهور يمثل مدينة النجف إلى نادي الموصل بهتافات مثل ( الشيعة منتصرين) و (منتخب إرهابي) اي ان الموصليين ارهابيون، إضافة إلى شعارات تسيء إلى شخصيات سياسية من المدينة الشمالية العراقية.

وحذر الاتحاد العراقي لكرة القدم جميع الأندية الرياضية من إطلاق مشجعيها هتافات سياسية ودينية، معتبرا ذلك خروجا على لوائح ومواثيق الاتحاد الدولي (فيفا) التي تحرم إطلاق الهتافات العنصرية والدينية.
ويقول مشجع نادي الزوراء ليث العقيدي إنه نشر عشرات الصور التي تظهر الفن الجميل لناديه المفضل ، وتعلي من شأنه وتسخر من بقية الأندية . ويتابع : بلغ تأثير الصور على مشجعي الأندية الأخرى أنهم قاموا بالردّ عبردبلجة صور ساخرة تحاول التقليل من شأن لاعبي الزوراء بينما يشير سمير قاسم وهو أحد مشجعي نادي الطلبة ، الى أنه لا يفوت فرصة لمتابعة مباريات النادي مصطحبا معه قناع الأسد للدلالة على قوة النادي .

ويتابع : تعج الملاعب العراقية في بعض الاحيان بتصرفات quot;لا أخلاقيةquot; للمشجعين تخل بالنظام والآداب . فقد تعرض العام الماضي الى الم شديد في عينيه استمر لعدة أيام، بعدما وجّه له مشجع quot; بخاخاquot; الى وجهه وعينيه .

ويرى قاسم ان العناد والتعصب الرياضي الذي تتصاعد وتيرته بين مشجعي الكرة في العراق سيؤدي الى اضطراب في الملاعب بين الجماهير ونفسها وبين الشرطة من جهة أخرى.

مشجعات من جميع الأعماربين الجمهور

مشجعات عراقيات في إحدى مباريات منتخب بلادهن

ودخلت فتيات عراقيات مجال التشجيع الكروي من أوسع أبوابه حيث تلمح وجوها نسائية في مباريات الكرة المحلية والدولية .

ويحرص بعض مشجعي الكرة في العراق على ترديد الأغاني التي تتسم بعضها بالكلمات quot; النابية quot; ، والعبارات quot; البذيئة ، كما يهدد البعض منهم باللجوء الى المواجهة اذا لم يكف الطرف الآخر عن فعالياته الدعائية .

ويقول سليم الجزائري من الديوانية (193 كلم جنوبي بغداد) ، ان مشجعي الكرة في مدن العراق لا يختلفون عن نظرائهم في بغداد ، فهم مشاكسون بين مناصر عنيد لنادي الشرطة الملقب بالأخضر، ونصير شرس لنادي الطلبة الذي يلقب بالأنيق ، ومتابع حريص لنادي الزوراء الملقب بالنوارس .

لكن الظاهرة التي يشترك فيها الجميع ، وقوفهم رغم خلافاتهم مع المنتخب العراقي ناسين جدالاتهم ومتجاوزين المواضيع الحساسة التي تحول دون تشجيعهم للمنتخب الوطني .

ويقول ( ابو وائل) صاحب مقهى ، ان التشجيع للنادي المفضل صار مهنة بالنسبة له وليس هواية ، ولاسيما ان المقهى اصبح مقرا للمشجعين على اختلاف توجهاتهم. ويحرص أبو وائل على الجلوس مبكرا على المدرجات الشعبية ببطاقة دخول مخفضة ، وهو يراقب عن كثب لعب ناديه المفضل quot;الطلبة quot; . ويضيف : اصطحب معي أصدقاء ، وأهيّئ حنجرتي للصراخ والهتاف عبر تناول السوائل الحارة .

التعصب الكروي

ويقول الناشط الرياضي كريم الفتلاوي من المحاويل ( 70 كلم جنوبي بغداد) ان التعصب في تشجيع النوادي يقود في الغالب، الى مزاج مضطرب ، وحالة نفسية غير مستقرة وشد كبير للأعصاب يقود في الغالب الى مشاحنات تتطور في بعض الاحيان الى تشابك بالأيدي.

ويشير المراقب الرياضي كريم سعيد الى ان هناك دلائل ، تشير الى إدمان البعض من جيل الجمهور الجديد ، على المخدرات قبل الدخول الى الملاعب ما يثير المخاوف من أعمال شغب تحت تأثير حالة الإدمان والسكر لبعض الجمهور .

الهتافات العنصرية

ويشير سعيد الى تحول عن أساليب التشجيع البريء في الملاعب ، بعدما أدخل البعض الهتافات العنصرية والعبارات السياسية في أساليبهم في التشجيع .

ويرى اللاعب العراقي رازق فرحان ان العمل على تأسيس جمعيات مشجعي الاندية من شأنه ان ينظم العملية ويستغل الطاقات الجماهيرية ، ويبعد الجمهور عناساليب التشجيع الفوضوي .

ولا يقتصر تشجيع الاندية الرياضية في العراق على فئة معينة من ناحية المستوى الاقتصادي والعلمي والانتماء العقائدي ، حيث يشترك الجميع في الارتباط quot;العاطفيquot; باداء معين ، ويبذل قصارى جهده على تشجيع النادي الذي احبه.

وثمة مدرسون وأطباء ومهندسون ورسامون وشعراء بل حتى نخب سياسية تجاهر بتأييد هذا النادي او ذاك .

ويجهر الممثل نزار السامرائي بأنه من مشجعي نادي الجوية، في حين يناصر المطرب عارف محسن فريق الطلبة ، كما يقف الممثل والمخرج فاضل خليل مع الزوراء. وفي الوقت ذاته يقول الممثل كاظم القريشي انه يشجع ريال مدريد . ويتابع : ابني علاء يشجع برشلونة وأنا أشجع محليا نادي الزوراء.

مباريات الكرة.. مناسبة اجتماعية

ولا يكف المدرس رحيم الساعدي (45 سنة) عن تشجيع نادي النجف بل وأسس على موقع التواصل الاجتماعي ( فيسبوك) صفحة لتشجيع quot; غزلان البادية quot; وهو اللقب الذي يفضل استخدامه للاعبي النادي.

ويحرص الساعدي في بعض الأحيان على توزيع الفواكه بين الجمهور أثناء المباريات التي يفوز فيها النادي . ويقول: أنا ادعو الى التشجيع الايجابي وجعل مباريات النادي مناسبة اجتماعية قبل ان تكون رياضية .

وحفل المشهد الرياضي العراقي منذ عقود بالكثير من المشجعين المعروفين الذي اشتهروا في بغداد و المحافظات ، منهم يحيى عبد الباقي، اما اليوم فقد اشتهر المشجع قدوري الذي تميز بصوته الجهوري الذي يسمعه الجمهور في الكثير من مباريات الكرة في العراق وسافر مع المنتخب الى دول عديدة . واشتهر كانبي بتشجيعه المخلص لنادي اربيل متميزا بملابسه الفولكلورية الكردية ، وصوته القوي.

كما اشتهر عادل السماك بتشجيعه لنادي الطلبة . وعرف عن اكرم حسين اقامته الولائم وحفلات الشاي في المباريات الحاسمة التي يفوز فيها نادي مدينته كربلاء.

ولغرض تنظيم جمهور المشجعين في العراق اقترح رئيس رابطة مشجعي نادي النجف عقد مؤتمر عام موسع يجمع كل روابط مشجعي الاندية الرياضية في العراق بما فيها اندية اقليم كردستان بغية وضع آليات منظمة للتشجيع .